مخاوف بشأن "معدل الجرائم الإلكترونية" ودعوات لتريث

الرابط المختصر

دعا صحفيون ومحاميون ونشطاء بضرورة تريث مجلس النواب قبل إقرار مشروع قانون الجرائم الالكترونية، خاصة في ظل استمرار اعتقال الصحفيين واحتجاز آخرين خلال السنوات الماضية ، باعتباره سيؤثر سلبا على تصنيف الأردن فيما يتعلق بحرية التعبير.

وأثناء مناقشة مشروع القانون في جلسة اليوم الأحد، طالب العديد من النواب برد القانون وإعادته إلى مجلس الوزراء لإجراء التعديلات اللازمة، نظرا لما يعتبرونه "تضييقا على الحريات"، وعلى الرغم من ذلك، رفض رئيس مجلس النواب، أحمد الصفدي، اقتراح رد المشروع وتم التصويت على تحويله إلى اللجنة القانونية بأغلبية واضحة.

إلغاء المادة 11 من قانون الجرائم الإلكترونية كانت أحد أبرز مطالب الصحفيين ومنظمات المجتمع المدني، والتي تجيز صلاحية اعتقال وحبس الصحفيين ومستخدمي منصات التواصل الاجتماعي، والتي تم استبدال هذه المادة بالمادة 15 في مشروع القانون.

وتنص المادة 15 من مشروع قانون الجرائم الإلكترونية لسنة 2023، على معاقبة كل من قام قصدا بإرسال أو اعادة إرسال أو نشر بيانات أو معلومات تنطوي على أخبار كاذبة أو ذم او قدح او تحقير أي شخص.

وتكون العقوبة بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر وبغرامة لا تقل عن 20000 عشرين ألف دينار ولا تزيد على 40000 أربعين ألف دينار، وتلاحق الجرائم السابقة من قبل النيابة العامة دون الحاجة الى تقديم شكوى أو ادعاء بالحق الشخصي إذا كانت موجهة الى احدى السلطات في الدولة أو الهيئات الرسمية أو الإدارات العامة أو إلى أحد أعضائها أو إلى أي موظف.

كما يعاقب كل من أشاع أو عزا أو نسب قصدا دون وجه حق إلى شخص أو ساهم في ذلك أفعالا من شأنها اغتيال شخصيته بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر، وبغرامة لا تقل عن خمسة وعشرين ألف دينار ولا تزيد على 50000 خمسين ألف دينار.

قانون تسكير الأفواه

الخبير في قوانين الإعلام والحريات يحيى شقير يعتقد أن تحويل مشروع القانون إلى اللجنة القانونية يعتبر تطورا ايجابيا، حيث يمكن لذلك أن يسمح بمناقشته بشكل أفضل مع منظمات المجتمع المدني والجهات المعنية، على أمل إعادة صياغة بنوده بما يتوافق مع الدستور.

ويعتبر شقير أن هذا القانون بالنسبة للصحفيين والإعلاميين ونشطاء حقوق الإنسان والمجتمع المدني  قانون تسكير الأفواه الإلكتروني، مشددا على ضرورة أن يعمل المجلس على معالجة القانون والاستماع إلى آراء الخبراء.

من جانبه، يشير عضو مجلس نقابة الصحفيين خالد القضاة، إلى أن مصطلح "اغتيال الشخصية" ليس مصطلحا قانونيا بل هو مصطلح سياسي، وبالنسبة للأخبار الكاذبة، يوضح أنه لا ينبغي تسميتها "أخبار كاذبة" بل هي أخبار مضللة، أما فيما يتعلق بالعقوبات، فقد لوحظ أنه تم تحديد حد أدنى للعقوبة بمدة ثلاثة أشهر، ولكن لم يتم تحديد حد أعلى، مما يشير إلى وجود توقيف.

وما يثير التساؤلات حول بنود المشروع هو من سيحدد الكلمات الواسعة والفضفاضة والتي تتضمن تفسيرات متعددة، حيث يمكن تفسيرها  بطرق مختلفة، وهنا تنشأ مخاوف الصحفيين، بحسب القضاة.

ويطالب مجلس النواب بضرورة إعادة النظر في المشروع، ومناقشته مع  نقابة الصحفيين، الذين سيتأثرون بهذا القانون قبل إقراره، مشيرا إلى أن النقابة تعتزم عقد اجتماع مع أعضاء المجلس لمناقشة هذا القانون.

ويؤكد أن هذا القانون سيؤدي إلى نهاية الصحافة، وسيتسبب في تراجع كبير للصحافة والجسم الصحفي، وسيؤثر سلبا على مرتبة الأردن عالميا فيما يتعلق بحرية الصحافة.

 

وفقا لتقرير سابق نشره موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، يشير إلى أن القيود المفروضة على حرية النشر في الأردن قد زادت في الآونة الأخيرة، ويشمل ذلك حظر النشر وفرض العقوبات على المخالفين، مما يشكل خطرا على حرية الصحافة في البلاد.

وتم تحديد عدد من القضايا في التقرير، بما في ذلك قضية "الفتنة" ومنع النشر في قضية نقابة المعلمين، وكذلك منع النشر في الدعوى القضائية التي رفعها رئيس الوزراء بشر الخصاونة ضد الناشط كميل الزعبي، وغيرها.

 

القانون سيزج الشعب بالسجون

يصف النائب ونقيب المحامين الأسبق صالح العرموطي، قانون الجرائم الإلكتروني بـ(الردّة عن الإصلاح) ويقول إن بند (المعلومات الكاذبة) تطبق في حالات الحروب، وليس في الحالات الصحافية البسيطة.

ويوضح  العرموطي أن "أي عقل تشريعي وضع هذا القانون، وهذا القانون يعود للأحكام العرفية، وعودة قانون الدفاع"، مضيفا أن "هذا القانون سيزج بالشعب الأردني إلى السجون"ن مطالبا برد مشروع القانون إلى الحكومة.

ومن جانبه يعتقد النائب ينال فريحات "أن هذا القانون أخطر قانون معروض في الدورة الاستثنائية لأنه يتضمن عقوبات غير عادية، والقانون في المجمل سيكون سيفا مسلطا على الحريات في البلاد وسيسهم بتراجع مستوى الحريات أكثر مما هي متراجعة الآن وسيكون هنالك حاجة إلى الاقتراض عشرات آلالاف حتى يتم سداد الغرامات".

ويشير إلى أن "العقوبات في مشروع القانون غير منطقية وغير واقعية وأنا مع رد القانون وهذا سيحسب إنجاز لمجلس النواب الحالي أنه رفض الاعتداء على الحريات".

وبعد أن أُعيد مشروع قانون الجرائم الإلكترونية إلى اللجنة القانونية من قبل مجلس النواب، يأمل الصحفيون في إعادة النظر في مواده، مع مراعاة ما ورد في الدستور وفقا للمادة 15 والتي تكفل الدولة حرية الرأي، ولكل أردني ان يعرب بحرية عن رأيه بالقول والكتابة والتصوير وسائر وسائل التعبير بشرط ان لا يتجاوز حدود القانون، بالإضافة إلى ذلك، تكفل المادة 7 أيضا حرية الشخصية وتجرم أي اعتداء على حقوق وحريات الأردنيين أو انتهاك خصوصيتهم، و تعاقب عليها القوانين