مخالفات السير ترهق جيب المواطن
طلب مؤخرا من أحد المواطنين أراد ترخيص مركبته دفع "ألف دينار" أردني مخالفات مرور رصدتها كاميرات شارع المطار, إضافة إلى مخالفات الدوريات الخارجية.
يقول هذا المواطن وهو يلوح بفواتير دفع مخالفاته: "ليس المستقبل فقط من الغيبيات في الأردن, بل مخالفات السير أيضا".
إن المفارقة ليست في قيمة "الألف دينار" التي تساوي 10% من قيمة سيارة ذاك المواطن, بل في الشكوى التي بثها مواطن آخر لـ "العرب اليوم" قال فيها: إن المطلوب منه دفع مخالفات مرور بقيمة تزيد بكثير عن سعر سيارته".
ولأنه لا يملك ما يقوله - على حد قوله - انهال على من أحاط به من المواطنين في دائرة الترخيص بالأسئلة: ماذا يعني أن يجري تحديد السرعة القانونية على طريق المطار ب¯ 90 كم في الساعة وفجأة وبعد عدد من الكيلومترات تنخفض هذه السرعة إلى 80 كم في الساعة, ثم تعود إلى الارتفاع مجددا, وتتذبذب ارتفاعا وهبوطا 6 مرات متتالية? وهل على السائق في هذا الشارع - وهو مجرد نموذج لعدد من شوارع المملكة - التركيز على لوحات السرعة في الجزر الوسطية انخفاضا وارتفاعا أثناء القيادة..? ما هي معايير تحديد السرعات في شوارع المملكة?
وكان مجلس النواب في دورته الماضية قد أقر قانون السير الجديد الذي غلّظ العقوبة على مخالفات السير, وهو ما أدى - وفق الجهات المسؤولة - عن انخفاض في حوادث السير, ولكن مع ارتفاع في عدد المخالفات.
وجاء هذا القانون بعد سلسلة من الحوادث المرورية المخيفة التي أدت إلى مقتل العشرات من المواطنين. ولكن البعض يرى أن الحكومة استغلت مطلب الناس في الحد من حوادث السير لجباية الأموال منهم.
إن استياء المواطنين في هذا الملف يكمن في التالي: إن هذه المخالفات غيبية لا يعلم بها السائق خلال مخالفته, وإنها لا تستند إلى تعليمات عادلة - وفق المواطنين أنفسهم - لتحديد السرعات في كثير من الشوارع, وأن تذبذب السرعات من 90 كم إلى 60 دفعة واحدة يأتي لتسهيل الوقوع في الفخ, وأن على الجهات المسؤولة الوقوف بعناية أمام تجربة أصدقاء الشرطة.
يقول المواطن "مأمون.أ": الحكومة طفرانة صحيح, ولكن إحنا أطفر منها". ويرى "كامل.ي" بأن فلسفة الحكومة - على حد قوله - من كل ذلك جباية أنها تبيع لوحات السيارات - رديئة الصنع ويسهل سقوطها من السيارة, بسعر 12 دينارا. وأنها عندما تسقط تطلب من صاحب المركبة دفع مبلغ 25 دينارا غرامة.
وفي إحدى مواقع الانترنت لاحظ أحد المعلقين على هذا الموضوع بان من شأن الكاميرات تعزيز العلاقات الاجتماعية بين الناس". يقول: من حسنات المخالفات تعزيز مدى التعاون بين المواطنين من خلال "الدمّات" الضوء العالي لتنبيه من هو قادم بإتجاه الكاميرا أن الحكومة أمامك".
فيما يرى "عدنان. ن" ان رصد رجال السير للسيارات تشبه إلى حد كبير برنامج "الكاميرة الخفية" وكأنها عملية تصيّد مقصود.
يشير أحد خبراء قوانين المرور في المملكة وهو المسؤول الأسبق لعدد من المؤسسات ذات الصلة رفض الكشف عن هويته: "من حيث الرأي الفني لتعليمات تحديد السرعة فإن اللجان المختصة بذلك يجب ان تراعي عددا من النقاط خلال تحديد السرعة من أبرزها الشكل التصميمي للطريق والظروف المحيطة به "مشاة وغير ذلك", والسرعات الموجودة على الشارع المعني.
وقال في تصريح لـ "العرب اليوم": أحد المعايير الدولية لتحديد السرعة هو في رصد سرعات المركبات في الطريق المعني باعتماد سرعة "80%" من المركبات التي تسير على هذا الطريق, مع الأخذ بعين الاعتبار حركة المشاة والمناطق السكنية وسرعة الطريق التصميمية "الانحناءات وغيرها".
كما أشار إلى أنه "لا يجوز عند وضع سرعة 90 كم في الساعة مثلا ان تهبط السرعة القانونية فورا إلى ال¯ 70 كم دون المرور بال¯ 80 كم".
ولكن الخبير ذاته أوضح في المقابل "لا يعني إذا كانت تعليمات السرعات غير منطقية ولا تتفق مع المعايير الدولية - وهي كذلك - أن يقوم المواطنون بمخالفتها". وقال: "القوانين وضعت ليجري تطبيقها وليس مخالفتها بغض النظر عن عدالتها".
ولان المسؤولية عن تحديد سرعات الطرق مشتركة بين مديرية الأمن العام وأمانة عمان أو البلدية المختصة ووزارة الأشغال العامة, تعاني بعض الشوارع وخاصة الخارجية من تشتت في تحديد المسؤولية.
وحسب الخبير, "بعض الآراء تستند إلى أن المركبة التي يجري مخالفتها يتراكم عليها عدد من المخالفات تزيد قيمتها عن سعر السيارة ذاتها, وهي آراء غير وجيهة", مشيرا إلى "أن نقطة النقاش لا تستند إلى هل أن صاحب المركبة قادر على تحمل مصاريفها أم لا بل إلى نقطتين اثنتين الأولى التأكيد على ضرورة عدم مخالفة القوانين حتى وان لم تكن عادلة والثانية على الضغط باتجاه تغيير السرعات غير العادلة عبر الوسائل القانونية".
كما انه يرفض في المقابل الاستناد إلى القول "أن آلية تحديد السرعات في كثير من الشوارع عادلة أمام طيش عدد كبير من السائقين". ويقول: "يجب مراعاة تعليمات تحديد السرعات بعدالة وفق القانون".
إن سيلا من الأسئلة طرحها عدد من المواطنين أمام دائرة ترخيص عمان على "العرب اليوم" كان أبرزها: ما هي كلمة سر الفلسفة من تذبذب السرعات على الطرقات? ولماذا على مخالفات السير ان تكون غيبية, وأن على صاحب المركبة أن يصطدم بها أثناء معاملات ترخيص مركبته? إجابات سيكون على المواطنين أمامها دفع ما عليهم من فواتير مخالفات مرور فقط.











































