
محامي جنايات: العقوبة قد تصل إلى 20 عاما إذا ثبت القتل القصد في حادثة التسمم بالميثانول

في تطور لحادثة التسمم بكحول الميثانول، والتي أسفرت عن تسع وفيات وعشرات الإصابات، أحالت مديرية الأمن العام، صباح الثلاثاء، ملف القضية إلى المدعي العام لدى محكمة الجنايات الكبرى، بعد اكتمال التحقيقات الأولية.
الناطق الإعلامي باسم المديرية يؤكد أن جميع الإصابات المسجلة حتى الآن، وعددها تجاوز الخمسين، وقعت في لواء ديرعلا، نتيجة تناول مشروبات كحولية ملوثة خلال مناسبة أقيمت يوم الجمعة الماضي، مشيرا إلى عدم تسجيل أي حالات جديدة منذ ذلك الحين.
بدوره، يوضح رئيس النيابة العامة القاضي نايف السمارات أن المحكمة تسلمت ملف القضية وبدأت التحقيق تحت إشراف النائب العام، عبر لجنة خاصة مكوّنة من ثلاثة مدعين عامين. وستتولى اللجنة دراسة الأدلة المقدمة من الأمن العام واستجواب المشتكى عليهم تمهيدًا لإسناد التهم بحسب القانون.
من جانبه يوضح المحامي المختص في قضايا الجنايات، صلاح جبر، في حديثه لـ "عمان نت" أن إحالة قضية التسمم بكحول الميثانول إلى محكمة الجنايات الكبرى يشير إلى خطورة الأفعال المرتكبة، إذ إن المحكمة لا تنظر إلا في قضايا محددة على سبيل الحصر، من بينها القتل العمد، والقتل القصد، وهتك العرض، والخطف الجنائي.
ويضيف جبر أن التكييف القانوني المحتمل في مثل هذه القضايا، وفي ضوء ما ورد من معطيات أولية، يدور بين تهمتين محتملتين، القتل القصد أو تقديم مواد ضارة أفضت إلى الوفاة، لكنه يرجح أن تسند للمتهمين تهمة القتل القصد، استنادا إلى ما يعرف بالقصد الاحتمالي.
الإجراءات القانونية
تنص المادة 64 من قانون العقوبات على أن الجريمة تعد مقصودة "وإن تجاوزت النتيجة الجرمية الناشئة عن الفعل قصد الفاعل إذا كان قد توقع حصولها فقبل بالمخاطرة".
ويوضح جبر أن التعامل مع مادة سامة وقاتلة مثل الميثانول يتطلب معرفة مسبقة بخطورتها من قبل العاملين أو المصنعين، وبالتالي فإن الاستهانة بمخاطرها أو عدم اتخاذ احتياطات السلامة يشكلان قبولا بالمخاطرة، وهو ما ينطبق عليه وصف القصد الاحتمالي، ويسند غالبا في مثل هذه الحالات إلى تهمة القتل القصد.
وفيما يتعلق بالعقوبات، يشير جبر إلى أن المادة 326 من قانون العقوبات تنص على عقوبة السجن لمدة 20 عاما في حال ثبوت تهمة القتل القصد، ما لم يتم إسقاط الحق الشخصي من قبل ذوي الضحايا، مع إمكانية المطالبة بالتعويض في قضايا مدنية مستقلة بعد انتهاء المحاكمة الجنائية.
كما لفت إلى إمكانية النظر أيضا في تطبيق المادة 330 من قانون العقوبات، التي تعاقب بالسجن مدة خمس سنوات على من يقدم مادة ضارة دون نية القتل، إذا أدى ذلك إلى وفاة المجني عليه، لكنه شدد على أن المرجح هو توجيه تهمة القتل القصد نظراً لتوافر عناصر القصد الاحتمالي.
تطورات الحالة الصحية للمصابين
وفي الجانب الصحي يوضح مدير إدارة الشؤون الفنية في مستشفيات وزارة الصحة، عماد أبو يقين، في حديثه لـ "عمان نت"، أن المصابين بالتسمم الناتج عن مادة الميثانول يتلقون العلاج حاليا في المستشفيات، حيث يرقد عدد منهم على أسرة العناية الحثيثة نظرا لخطورة حالتهم.
ويشير إلى أن الحالات تراوحت بين متوسطة إلى شديدة، وأن ما يقارب ثلث المصابين كانوا في حالة حرجة استدعت تدخلا طبيا عاجلا، شمل استخدام أجهزة التنفس الاصطناعي وإجراء عمليات غسيل كلى بهدف تقليل تأثير المادة السامة على الجسم.
ويؤكد أبو يقين أن عدد الوفيات المسجلة حتى الآن بلغ تسع حالات، بحسب تقرير مديرية الأمن العام الصادر يوم أمس، في حين بلغ عدد الإصابات حوالي 40 حالة مساء أمس، وارتفع إلى نحو ما يزيد عن 50 حالة.
ويوضح أن تناول كميات كبيرة من مادة الكحول الميثانول يؤدي إلى تراكم حمض الفورميك السام في الجسم، وهو ما يسبب ضررا مباشرا للخلايا العصبية وشبكية العين، وتظهر تأثيرات خطيرة على البصر عندما تتجاوز كمية الميثانول في الدم 30 مل، وقد تصل نسبة الإصابة بفقدان البصر إلى 25 – 40% من الحالات.
ويبين أن غسيل الكلى يعد من أنجح التدخلات الطبية للتعامل مع تسمم الميثانول، إذ يساعد على التخلص من المادة السامة وتعديل حموضة الدم، إلا أنه لا يمكن التنبؤ دائما بما إذا كانت المادة قد وصلت إلى شبكية العين والعصب البصري، وهو ما يحدد إمكانية استعادة البصر أو لا.
ويؤكد أبو يقين أن البروتوكولات الطبية المعتمدة للتعامل مع حالات التسمم واضحة وثابتة، وتشمل إنقاذ حياة المريض، دعم الأعضاء الحيوية، محاولة تقليل تأثير المادة السامة سواء عبر الترياقات أو تعزيز قدرة الجسم على التخلص منها، ومن ثم تقديم العلاج الداعم لإعادة الجسم إلى حالته الطبيعية وتحسين وظائفه المتأثرة.
وفيما يتعلق بالتوقعات حول ارتفاع عدد الوفيات أو المضاعفات، يوضح أبو يقين أنه لا يمكن الجزم بذلك حاليا، لأن الأمر يعتمد على عدة عوامل، منها كمية الميثانول التي تم تناولها، والفترة الزمنية التي استغرقها المصاب قبل الوصول إلى المستشفى، إضافة إلى نسبة تحول الميثانول في الجسم إلى حمض الفورميك السام، مشيرا إلى أن الفئات العمرية الأكثر تأثرا بهذه الحادثة تتراوح بين سن العشرينات وحتى أواخر الخمسينات، وهي الفئة التي سجلت منها معظم الحالات.