مجزرة الشجاعية.. سياسة الانتقام الإسرائيلي إثر الفشل العسكري

مجزرة الشجاعية.. سياسة الانتقام الإسرائيلي إثر الفشل العسكري
الرابط المختصر

تصاعد العدوان الإسرائيلي العسكري على قطاع غزة منذ أسبوعين ليبلغ حدّه في حي الشجاعية شرقي القطاع، الذي تجاوز عدد شهدائه حتى فجر الاثنين السبعين شهيدا إضافة لمئات الجرحى والمصابين، في مجزرة توقف أمامها كتاب المقالات في الصحف اليومية ليكون لهم قراءاتهم فيها.

فالكاتب ماجد توبة يرى أن "الإجرام الإسرائيلي دخل مرحلة رفع وتيرة العدوان ضد غزة وأهلها، من دون أي تحفظات أو حسابات سياسية أو إعلامية.. فلم يعد مستغربا أن يصحو العالم يوميا على مجزرة بشعة تحصد أرواح العشرات، وتصيب المئات، من الأطفال والنساء والمدنيين الآمنين في بيوتهم، كما حدث في حي الشجاعية".

ويضيف توبة بأن العدوان الإسرائيلي دخل مرحلة جديدة، بعد أن انتهت مرحلتا القصف الجوي والأرضي، والتوغل البري، لندخل اليوم مرحلة المجازر المباشرة والواسعة، وذلك بعد أن فشل العدوان بمرحلتيه الأولى والثانية، في تحقيق أهدافه بكسر إرادة المقاومة ودفعها للاستسلام، ووقف صواريخها على العمق الإسرائيلي.

ويشير إلى أن التفسير الوحيد لهول مجزرة الشجاعية يتمثل بفشل العملية العسكرية العدوانية لجيش الاحتلال ضد قطاع غزة.

ويؤكد الكاتب أن سلاح المجازر البشعة واستهداف العائلات والأطفال والنساء، ورفع الكلفة الإنسانية من دون أي ضوابط أخلاقية، هي استراتيجية ثابتة لدى هذا العدو، يعوض بها فشله العسكري، ويهرب إليها لتقليل خسائره البشرية والمادية، وتجنب طول فترة العدوان.

ويروي الكاتب د.أحمد عزم حديثا لسيدة من حي الشجاعية وهي تقول: "رائحة الموت في كل مكان".. الأطفال "عايشين بخوف، وما في نوم. وجميعهم يقول رح نموت".. "غزة كلها تقصف، حتى الإسعاف".. "صوت المجازر في كل مكان.. طائرات"..

ويشير عزم إلى أن "ما يحدث يفوق بشاعة ما حدث في صبرا وشاتيلا وبيروت"، مؤكدا، بعيدا عن اتحليل المواقف السياسية، أن هذه مرحلة ستغير وجه الأحداث، مثلما، أو ربما أكثر أو أقل قليلا، مما غيرتها حروب 1948، و1967 و1982.

ويدلل الكاتب عمر كلاب بمجزرة الشجاعية على نجاح المقاومة بإيذاء الكيان المتغطرس وتمريغ أنفه في حي التفاح، مشيرا إلى أن إسرائيل ومنذ عهد بن غوريون تعتمد الرد القاسي على أي عملية للمقاومة.

ويضيف كلاب أن الرد الإجرامي هو نهج إسرائيلي وعقيدة عسكرية أصيلة في عقل المجتمع الإسرائيلي العسكري برمته منذ تأسيس الكيان، لافتا إلى أن إسرائيل ستنكل بالفلسطيني المقاوم في غزة حتى يستسلم مثلما فعل غيره.

معركة الدلالات:

ويقرأ الكاتب محمد أبو رمان "معركة الدلالات والرموز" في العدوان على القطاع، بأن نتائج المعركة الراهنة أكثر تعقيدا، رغم الكلفة الإنسانية والاقتصادية الباهظة التي يدفعها الغزّيون لهذا العدوان الهمجي البربري.

ويشير أبو رمان إلى أن هدف إسرائيل يتمثل في إيقاع أكبر قدر من الخسائر العسكرية والإنسانية في صفوف "حماس" وأهل غزّة، ما يؤدّي إلى تكسير إرادتهم ومعنوياتهم، وإجبارهم على القبول بالشروط الإسرائيلية للهدنة، مستبعدا أن يكون هدف إسرائيل اجتياح كامل لغزة.

ويخلص الكاتب إلى أن نتائج المعركة تمس بدرجة رئيسة صورة النظام الرسمي العربي؛ فهو أحد أكبر الخاسرين مما يحدث في غزة، رمزياً واستراتيجيا، فالنظام الرسمي العربي متفرج سلبي في أحسن الأحوال، كما هو المعتاد، لكن الأكثر وضوحاً وسفوراً اليوم هي تلك الأصوات الصادرة من هنا وهناك، أو التغطية الإعلامية المكشوفة التي تفضح المواقف الحقيقية لهذا النظام تجاه غزة.

الشارع الأردني والحدث الغزي:

يرى الكاتب فهد الخيطان أن ردود الفعل في الشارع الأردني في الأيام الأولى للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، لم تتجاوز الروتين المعتاد لتحركات قوى المعارضة ونشطاء العمل السياسي.

إلا أن استمرار العدوان وتصاعد النزعة الوحشية الإسرائيلية، وارتكاب مزيد من المجازر، سترفع من وتيرة الحراك في الشارع الأردني، وربما تضيّق الفجوة شيئا فشيئا بين القوى السياسية التي فرقتها أحداث سورية ومصر.

ويشير الخيطان إلى أن المنحى الذي اتخذته ثورات "الربيع العربي" كان كفيلا بإحباط الحراك السياسي في الشارع الأردني؛ إذ لم تعد هناك قضية أو فكرة واحدة يجتمع حولها خمسة متظاهرين في الشارع، إلا أن الأمر مختلف في موضوع الصراع مع إسرائيل، فما من قضية يمكن أن يتوحد حولها الناس في الأردن أكثر من العداء لإسرائيل.

وبحسب الخيطان، فإن جزءا كبيرا من تحرك الشارع الأردني سيتجه للضغط على الحكومة الأردنية، لحملها على اتخاذ مواقف أكثر قوة تجاه إسرائيل، حيث تتعالى الأصوات الداعية إلى طرد السفير الإسرائيلي وقطع العلاقات مع تل أبيب، وغيرها من المطالب التي لا يبدو الأردن مستعدا لقبولها، مشيرا إلى أن ثمة مخاوف أيضا من وقوع صدامات بين المتظاهرين ورجال الأمن، أشد من تلك التي حصلت في منطقة الرابية قبل أسبوع.

ويؤكد الكاتب أن الأردن صاحب مصلحة رئيسة في وضع حد فوري للعدوان على غزة، لتجنب دفع الكلفة من رصيد الاستقرار الداخلي، لافتا إلى أن الدبلوماسية الأردنية، رغم تحسن تحركها في الأيام القليلة الماضية، مطالبة بانخراط أكبر في جهود البحث عن تسوية منصفة للجانب الفلسطيني.