ما مصير السلطة الفلسطينية بعد تنفيذ الاحتلال خطة الضم؟
اتفق محللون سياسيون فلسطينيون على أن بدء الاحتلال الإسرائيلي بتنفيذ خطة ضم المستوطنات، لن يفضي إلى تقويض الوجود السياسي للسلطة الوطنية الفلسطينية، في الفترة المرحلية.
واستبعد المحللون، تلويح القيادة السياسية بورقة حلّ "السلطة"، كونها تعتبر أن وجود هذه المؤسسة "إنجازا وطنيا وخطوة على طريق تأسيس الدولة"، كما أنهم استبعدوا قيام الاحتلال بدفع السلطة نحو الانهيار، من خلال فرض المزيد من العقوبات الاقتصادية والمالية عليها، لما يترتب على ذلك من آثار سلبية تعود على تل أبيب؛ على حدّ قولهم.
المحلل السياسي عبد المجيد سويلم، لا يرى أن هناك ضرورة تستدعي أن تتجه القيادة الفلسطينية نحو التلويح بحلّ السلطة.
وأوضح سويلم لـ"الأناضول" أنه لن يكون هناك أي تلويح بحلّ السلطة، إذ إنها تعتبر منجزا وطنيا وهي ذراع لمنظمة التحرير الفلسطينية.
وتابع "رغم الانتقادات التي توجّه للسلطة، إلا أن المعطيات على أرض الواقع أثبتت أنها محاصرة إسرائيليا وأنها عدوة رئيسية لإسرائيل، بالتالي فإنه لا توجد أسباب لحلّها".
لكن في ظل موقف القيادة الفلسطينية، الذي أقرّ تحلل منظمة التحرير من جميع الاتفاقات والتفاهمات مع الحكومتين الأمريكية والإسرائيلية، ومن بينها "أوسلو"، فإن هذا الأمر قد يقود إلى التغيّر الوظيفي للسلطة، ما ستعتبره إسرائيل سلوكا معاديا لها، على حدّ قول سويلم.
اقرأ أيضا: الاحتلال يجري "لعبة حرب" لمواجهة نتائج عملية ضم الضفة
وأضاف سويلم أنه من المتوقع، حينذاك، أن تشنّ إسرائيل حربا اقتصادية ومالية كبيرة على السلطة بهدف إضعافها أو إسقاطها.
لكن هذا الاحتمال، مستبعد لدى سويلم، خاصة أن إسرائيل "لن تستطيع المغامرة مرة واحدة بتنفيذ أمرين خطيرين معا، الأول هو الضم والثاني إسقاط السلطة الفلسطينية".
بدوره، يرى الكاتب والمحلل السياسي خلدون البرغوثي، أن خطة الضم لن تقوّض من الوجود السياسي للسلطة، كما أنها ستحتفظ بما هي عليه في الوضع الراهن.
وقال البرغوثي لـ"الأناضول" إن سيناريو دفع السلطة نحو الانهيار، قد لا يكون واردا في الوقت الحالي، خاصة أن إسرائيل غير مستعدة لتحمل تبعات هذه الخطوة؛ بصفتها دولة محتلة.
كما أنه يستبعد أن يصدر قرار عن القيادة الفلسطينية بحلّ السلطة، خاصة أنها من المفترض، وفق اتفاقية أوسلو للسلام، مرحلة تمهيدية ونواة الكيان المستقبلي الفلسطيني (الدولة).
وتابع قائلاً "هدم الكيانية السياسية للسلطة، تبعاته ضخمة على المواطنين الفلسطينيين، خاصة من الناحية الاقتصادية، ولاحقا على الاحتلال من ناحية تحمله مسؤولياته كقوة احتلال، من الصعب التخلي عن السلطة".
وفي حال وصول الطرفين، الفلسطيني والإسرائيلي إلى مرحلة "كسر العظم"، يُرجح البرغوثي أن تلوّح السلطة الفلسطينية ومن باب التهديد والضغط على الاحتلال، بحلّ السلطة.
لكن تنفيذ هذا التهديد، وفق البرغوثي، يبقى مرهونا بالوضع المستقبلي وموقف كل من إسرائيل والتطورات الدولية التي قد تحدث آنذاك؛ خاصة تغيّر الإدارة الأمريكية؛ في ظل الانتخابات الرئاسية المزمع عقدها في نوفمبر/ تشرين الثاني القادم.
ويرجح أن تحدث تغيرات دولية تضغط على إسرائيل للتراجع عن قرارها، خاصة في ظل الموقف الأوروبي الرافض للضم، والتغيرات المتوقعة في الإدارة الأمريكية.
في ذات السياق، لفت البرغوثي إلى أن جو بايدن، المرشح الديمقراطي، والمنافس الأقوى، للانتخابات الرئاسية الأمريكية، يؤكد تمسكه بمشروع حل الدولتين؛ وفي حال فوزه فإنه قد يغيّر من هذه السياسة.
واتفق المحلل السياسي وديع أبو نصار، مع سابقه البرغوثي، على أن القيادة السياسية قد تلوّح بحل السلطة، لكن دون تنفيذ فعلي لذلك.
ويرى أبو نصار في حديثه لـ"الأناضول" أن المصالح الفلسطينية على حدّ سواء، متشابكة مع مصالح الإسرائيليين.
وأضاف: "سواء في ما يتعلق بتصاريح المرور عبر الحواجز الإسرائيلية والدخول للمدن، أو تصاريح البضائع، أو حتى تصاريح العلاج، كلّه لا بد من أن يمر عبر الإسرائيليين".
وهذا الأمر يجعل من تنفيذ حلّ السلطة الفلسطينية أمرا صعبا، على حدّ قوله.
إلى جانب ذلك، فإن الانقسام الفلسطيني وعدم وجود توافق داخلي، وغياب خطة العمل الفلسطينية؛ تجعل من مبدأ حلّ السلطة بعيدا.
وتابع أبو نصار "الجانب الفلسطيني ليس لديه خطة عمل، وهو في أحسن الأحوال لديه رد فعل، نرى أن الجانب الإسرائيلي يعمل ضمن خطة لكن الفلسطيني لا يبادر ويستند إلى ردود الفعل".
واستبعد المحلل الفلسطيني انهيار السلطة الفلسطينية، جراء ضغوطات تمارس عليها من الجانب الإسرائيلي، مرجعا ذلك إلى "أن من مصلحة إسرائيل الحفاظ على وجودها".
وقال عن ذلك "إسرائيل لا تريد أن تتكلف ماديا من خلال إعطاء الفلسطينيين الحد الأدنى من المعيشة حال انهيار السلطة، كما أنها غير معنية بدخول جنودها إلى أماكن مكتظة بالفلسطينيين".