ما بعد طرود الخير وإعلانات التأييد المطلوب: صوتك

بات أمراً واقعياً شروع غالبية من قررا الترشح في الانتخابات البرلمانية القادمة بالدعاية الانتخابية غير الرسمية وعلى نطاق العائلة أو العشيرة أو الحي.فالبعض منهم قرر منفرداً خوض التجربة القادمة، في حين لجأ غالبيتهم إلى استمزاج رأي العائلة والعشيرة لمعرفة نسب حظوظه في النجاح، وبالنسبة لكلاهما يعد شهر رمضان مناسبة جيدة للسير بخطوات حثيثة في مجال الدعاية الانتخابية التي تبدأ وفقاً للقانون قبل الشهر من موعد الانتخابات البرلمانية التي قرر عقدها في العشرين من تشرين الثاني المقبل،مما يعني أن العشرين من الشهر القادم تشرين أول هو الموعد الرسمي للترشيح وبدء الحملات الانتخابية.
وباتت تعرف اجتماعات المرشحين المحتملين بعد الإفطار بالخيمات الانتخابية بالتوازي مع الخيمات الرمضانية التي اعتدنا عليها كل رمضان، بحسب الباحث هايل الودعان الذي يشير إلى استغلال من ينوي ترشيح نفسه لهذه الأجواء والاستفادة من تجمع العائلات في هذا الشهر"
كما استغل البعض ما بات يعرف بطرود الخير التي توزع على المحتاجين والمعوزين وتوزيعها في مناطقهم الانتخابية بداية شهر رمضان للحصول على تأييدهم.
كما تطالعنا بشكل متزايد إعلانات في الصحف اليومية تحت عناوين مختلفة "مؤازرة وتأييد" أو شكر على الدعم والتأييد" موجهه إلى عشائر وعائلات وموقعة باسم ابنكم البار أو ما شابه، متضمنة شكر كبير على إجماع العشيرة على أن يكون هو ممثلها "الشرعي والوحيد "في الانتخابات البرلمانية القادمة.
وهذا الإجماع جاء إما بعد مفاوضات وجولات مكوكية داخل العشيرة وبين أقطابها ووجهائها، أو عن سلوك أكثر ديموقراطية يشكل تحايل بشكل أو بآخر على أكثر الانتقادات التي تتعرض لها العملية الانتخابية تاريخياً في الأردن وهي سيطرة العشائرية على الخيار الانتخابي، وهو عبارة عن انتخابات مبدئية تتم على مرحلتين أو أكثر في العشيرة تنتهي بانتخاب من سيمثلها في الانتخابات القادمة.
ويشبه هذا الإجراء ما يحدث في الأحزاب حتى أنهم أطلقوا عليه وتحديداً في مدينة الرمثا شمال الأردن " المؤتمر العام للعشيرة "تميناً بالمؤتمر العام للحزب وربما يعود ذلك إلى ما عرف عن أبناء إقليم الشمال في الأردن بانتماءاتهم الحزبية المبكرة، إذ أن هذا الأجراء يحدث بين عشائر هذا الإقليم أكثر من غيره بل ويكاد يختفي في بعض المناطق ويظهر بوضوح عن ترشح العديد من الأشخاص من نفس العائلة.

ويوضح بسام السلمان صحفي من مدينة الرمثا" تعقد اجتماعات أولية قبل الانتخابات بفترة زمنية كافية لتحديد الخيارات من أبناء عشائرهم والذين يتوفر فيهم الشروط التي تؤهلهم ليكونوا ممثلين لهم في المجلس النيابي  وتلي تلك الاجتماعات -التي أفرزت مجموعة متفق عليها- يعقد اجتماع كبير يضم ممثلين عن جميع العائلات في العشيرة الواحدة يسمى اصطلاحاً "المؤتمر العام للعشيرة" يتعهد فيه الحاضرين نيابة عن أنفسهم وعن عائلاتهم الالتزام بقرار المؤتمر العشائري للتصويت للشخص المرشح في الانتخابات القادمة".
 
ووصف السلمان الصحفي والناشط في العمل التطوعي العشيرة بالنهاية بأنها "مصدر قوة للمرشح "، مؤكداً " أن أي مرشح ينوي خوض الانتخابات لا بد له من الحصول على هذا الإجماع العشائري بشكل مبدئي وتمر عليه الإجراءات اللاحقة من اجتماعات مغلقة وضيقة وصولاً إلى المؤتمر العام الذي يجعل فرصه الفوز كبيرة جداً بل وأكيدة في كثير من الأحيان".
 
وهذا الانتخاب المبدئي الذي يمنع الانقسام السلبي بين  أبناء العائلة الواحدة وما ينتج عنه من خلافات أسرية وعائلية حادة خاصة في ظل تشابه الخيارات إلى حد بعيد، ينجح في حالات كثيرة، ولكن قد تبرز حالات أخرى تفشل فيها العشيرة من الاتفاق النهائي على مرشح لها كما حدث مع إحدى العائلات الكبيرة في إحدى قرى محافظة أربد فبعد أن أفرزت الانتخابات الأولى في العشيرة عن ستة مرشحين حالت مشاجرة عائلية من اختيار أحدهم في المرحلة الثانية ليكون ممثلاً لها في الانتخابات القادمة وانتهت بتكسير صناديق الاقتراع.
هذا وبدأت أشكال الإجماع العشائري تظهر في عائلات في العاصمة عمان اعتادت على أن يترشح أعداد كبيرة من أبناءها وتنتهي في حالات كثيرة سابقة أن لا يصل أحدهم ممثلاً لها في المجلس النيابي ، فلجأوا هذه المرة إلى الاتفاق على تبادل الترشيح بين أبناءها الراغبين في الانتخابات التي تلي التي ستجري نهاية هذا العام أي بعد أربع سنوات قادمة.
وبغض النظر عن الأسباب التي تدعو أي شخص إلى اتخاذ قرار بالترشيح فإن القرار الحقيقي هو لدى المواطن بعيداً عن أي شكل من الإجماع أو لأي سبب يطرح لمحاولة كسب الصوت، فإن من يحدث الفرق هو الخيار الحقيقي المستقل للمواطن لا غيره.

أضف تعليقك