ماذا ينتظر مجلس النواب العشرين سياسيا واقتصاديا ؟

الرابط المختصر

مع إعلان الهيئة المستقلة للانتخاب النتائج النهائية لانتخابات 2024 وفوز 104 حزبيين بمقاعد في مجلس النواب، بينهم 41 على القائمة الحزبية و63 على القوائم المحلية، تتجه الأنظار نحو المجلس النيابي العشرين والتحديات الكبيرة التي تنتظره، في ظل التحولات السياسية والاقتصادية التي تشهدها المملكة، من المتوقع  أن يتعامل مع ملفات جوهرية تتعلق بالإصلاحات السياسية والاقتصادية، بهدف تحسين مستوى معيشة المواطنين.

على الصعيد السياسي، ورغم  أن المجلس السابق أقر قوانين متعلقة بالإصلاح السياسي، مثل قانون الأحزاب وقانون الانتخابات، فإن تلك الإصلاحات لم تحقق تطلعات المواطنين بالكامل.

من بين القضايا السياسية التي تتطلب معالجة هي التعامل الفعال مع الأزمات الإقليمية، مثل الأزمة السورية والقضية الفلسطينية، كما تعرض المجلس السابق لانتقادات بسبب ضعف دوره الرقابي على الحكومة، مما أدى إلى تراجع ثقة المواطنين في أدائه.

أما على الصعيد الاقتصادي، فيواجه المجلس الجديد تحديات تتعلق بارتفاع الدين العام الذي وصل إلى 42.513 مليار دينار لنهاية شهر أيار الماضي، وضرورة تقديم حلول فعالة لتقليص المديونية والعجز المالي.

كما تبرز قضايا البطالة، خاصة بين الشباب والتي وصلت عند مستوى 21.4%، والحاجة إلى إجراءات لتحفيز النمو الاقتصادي ومكافحة الفقر، ورغم النقاشات حول تحسين الظروف المعيشية، فإن الفقر والغلاء المعيشي لا يزالان يؤثران سلبا على حياة المواطنين.

 

 

الإصلاح السياسي ودور المجلس 

ويوضح أستاذ العلوم السياسية، الدكتور هايل الدعجة، أن خطوة الانتخابات تعد مؤشرا حقيقيا على أن الدولة تسير بجدية في مسار التحديث السياسي، مشيرا إلى أن النتائج التي تم الإعلان عنها، بما تتمتع به من مصداقية عالية، تعد رسالة واضحة لكل من يشكك أو يتحدث عن "هندسة الانتخابات"، مؤكدا أن هناك إرادة سياسية حقيقية لتطبيق هذا النهج.

ويرى الدعجة أن هذه النتائج تسهم بشكل كبير في استعادة ثقة الناخبين أولا في العملية الانتخابية، وثانيا في أداء مجلس النواب، حيث يأمل أن يكون أداء النواب تحت قبة البرلمان مختلفا بشكل إيجابي عن المجالس النيابية السابقة، معتبرا أن تراجع ثقة الناس في المجالس النيابية الماضية يعود إلى ضعف أدائها، مما يضع على عاتق المجلس الجديد مسؤولية كبيرة، مشددا على أهمية أن يعزز مجلس النواب دوره الرقابي من خلال تكثيف الجلسات الرقابية والتشريعية، مما يسهم في تعزيز التنافس بين النواب ورفع مستوى الأداء،

ويشير إلى أن المجلس النيابي الجديد يضم أعضاء نشيطين في العمل الحزبي، مما يتطلب وجود برامج انتخابية تركز على قضايا مهمة للمواطنين، مثل الملفات السياسية والاقتصادية كالبطالة والفقر والنقل، مؤكدا على ضرورة أن لا تنتهي العلاقة بين النواب والحكومة بمجرد التصويت على قضية ما، بل يجب أن يؤسس المجلس النيابي القادم لمرحلة حزبية يمكن البناء عليها في المستقبل، وصولا إلى تحقيق الهدف المنشود من مشروع التحديث، وهو الوصول إلى حكومات حزبية.

 

المديونية المتزايدة: حلول وتحديات 

يشهد الأردن تحديات اقتصادية واجتماعية متزايدة في ظل الأوضاع الإقليمية والعالمية غير المستقرة، التي أسهمت في تفاقم مشكلات البطالة والتضخم وارتفاع المديونية، ومع انتهاء الانتخابات البرلمانية وتشكيل مجلس نواب جديد، تتركز الأنظار على دور المجلس في مواجهة هذه التحديات وتحقيق تنمية شاملة.

يشير المحلل الاقتصادي والأكاديمي الدكتور قاسم الحموري إلى أن المرحلة الحالية حاسمة ولا تحتمل المناكفات الشخصية،  معتبرا  أن التحديات التي تواجه الأردن لا تقتصر على الفقر والبطالة فقط، بل تشمل أيضا العمل على النمو الاقتصادي المتواضع.

وهذا الأمر يتطلب بحسب الحموري ضرورة السعي نحو تحقيق الاعتماد على الذات، حيث لا يمكن الاستمرار في إعداد موازنات تعتمد على المساعدات الخارجية، فإذا توقفت هذه المساعدات، ستزيد المديونية بشكل كبير، وفي حال استبعادها، قد تنعكس تداعياتها على مواقف سياسية غير مقبولة لدى الشعب الأردني، لذا يجب أن يعمل المجلس بجد لتحقيق الاعتماد على الموارد الذاتية للمملكة.

ويرى أن تحقيق هذا الهدف ممكن من خلال إقامة مشاريع كبرى، لا سيما في مجال الطاقة المتجددة، مقترحا زيادة نسبة الطاقة النظيفة ضمن مزيج الطاقة العام، مشيرا إلى أن خفض تكاليف الإنتاج من خلال الطاقة المتجددة سيزيد من تنافسية الاقتصاد الأردني ويوفر فرص عمل جديدة.

كما أن تحفيز الاقتصاد يساهم برفع معدلات النمو، مما يساهم في زيادة فرص العمل وبالتالي خفض معدلات البطالة والفقر،  وزيادة النمو الاقتصادي والناتج المحلي الإجمالي ستساهم في تقليل العجوزات، سواء كانت في الموازنة أو في الميزان التجاري، مشددا  على أهمية تعزيز الاستثمار من خلال توفير بيئة استثمارية مستقرة وغير معقدة، واستقرار التشريعات، بالإضافة إلى نظام ضريبي معقول يحفز الاستثمار، موضحا أن مراجعة النظام الضريبي ووضع تشريعات فعالة هو أمر ضروري لتحقيق هذا الهدف.

وفيما يتعلق بالمديونية المتزايدة، يشدد الحموري على ضرورة أن يعمل المجلس على وضع استراتيجيات لتخفيف الأعباء عن المواطنين، مؤكدا على ضرورة تبني خطة لمعالجة المديونية، بما في ذلك دمج الوزارات والمؤسسات المستقلة للحد من النفقات.

 

قفزة نوعية في التمثيل السياسي للمرأة

تمكنت 27 امرأة من الوصول إلى مجلس النواب العشرين بعد إعلان الهيئة المستقلة للانتخاب النتائج النهائية للانتخابات البرلمانية 2024 في رقم يشكل "ضعف عددهن" تقريبا مقارنة مع المجلس السابق في 2020 والذي كان عددهن 15 نائب، وفق ما أفاد رئيس مجلس مفوضي الهيئة موسى المعايطة. 

ووصلت النساء إلى البرلمان عبر الدائرتين العامة 9 نساء والمحلية 18 وجميعهن على مسار المقاعد المخصصة للنساء "الكوتا"، وفقا للمعايطة معتبرا  هذا الرقم من الناجحات "إيجابيا". 

مديرة وحدة تمكين المرأة في الهيئة سمر الطراونة، تشير إلى أن النساء اللواتي فزن عبر الكوتا حصلن على نسب تصويت مرتفعة، مما يعكس قوة النساء المشاركات وقدرتهن على دعم القوائم التي خضن الانتخابات من خلالها، دون خوف من المشاركة.

وتضيف الطراونة أن النساء اللواتي فزن عبر القوائم الحزبية يقدمن نموذجا للمرأة القوية والقادرة على تمثيل المجتمع داخل المجلس، موضحة  أن من بين 138 مقعدا في المجلس، تمكنت النساء من الفوز بـ 27 مقعدا، ما يعد إنجازا يستحق التقدير، وأن الوقت قد حان لدعم دور المرأة في المجلس ومنحها الفرصة العادلة لتمثيل قضايا المجتمع والنساء.

وفيما يتعلق بأولويات النائبات، تؤكد الطراونة أن على النائبات العمل على تنفيذ البرامج الانتخابية التي طرحنها سواء عبر الأحزاب أو القوائم، والتعامل بمرونة مع التحديات لتحديد الأولويات على ضوء المعطيات الحالية، مشيرة إلى أن التعاون بين النائبات سيساهم في رفع مستوى مشاركة المرأة في مختلف القطاعات.

وتقول إن النائبات الحزبيات اليوم يقفن أمام اختبار ميداني، وأن نجاحهن سيشكل قدوة للأجيال المقبلة، مؤكدة على أهمية تعزيز دور المرأة في الحياة السياسية لزيادة تمثيلها في الانتخابات القادمة، وتوقعت أن يقترب تمثيل النساء في المجلس من النصف في المستقبل.

منذ مشاركة النساء في الانتخابات البرلمانية على مدى السنوات الماضية، فازت 80 امرأة بمقاعد في مجلس النواب، بدءا من المجلس الحادي عشر عام 1989 وحتى المجلس التاسع عشر عام 2020.

واظهرت نتائج الانتخابات النيابية لمجلس النواب 19 عام 2020، تراجعا في نسبة التمثيل النسائي، حيث بلغ عدد الفائزات 15 سيدة فقط عبر نظام الكوتا، ولم تنجح أي سيدة في الفوز بمقعد تنافسي.