ماذا خسرنا في معركة قانون حقوق الطفل؟
كما كان متوقعًا فإن تعديلات اللجنة النيابية المشتركة على مشروع قانون حقوق الطفل لم تتجاوز التعديلات الشكلية في حين بقت البنود المحتاجة لتعديل كالزامية رياض الاطفال خارج اي نقاش.
الأكثر من ذلك فإن التعديلات التي طالت المسودة ساهمت في اضعاف الغاية الرئيسة منه منه وهي توفير الحماية للطفل.
أبرز تلك التعديلات ما طال المادة ٢٤ والخاصة بالمساعدة القانونية اذ عملت اللجنة على تعديل نص المادة وإلغاء الفقرة "ج" منها والمتعلقة بتوفير المساعدة القانونية للطفل دون قيود.
ربما كانت تلك المادة من المواد التي أثارت جدلا كبيرا اذ اعتبرها مناهضوا القانون بانها تحرض الطفل على مقاضاة ذويه وتشتيت العائلة وخلق الخصومة.
للصدفة اليوم وخلال ترتيبي لاوراقي القديمة وجدت عددا من صحيفة "الغد" يعود للعام ٢٠١٣ يحوي تقريرا لما يمكن أن اصفه باغرب تغطية صحفية تعاملت معها خلال سنوات عملي، قضية تؤشر تماما لماذا نحتاج المساعدة القانونية للطفل، ولماذا لا يمكن اعتبار الولي في كل الحالات مصدر الأمان للطفل.
التقرير للاسف لم أتمكن من ايجاد نسخته الالكترونية لكنني ارفق هنا صورة عن نسخته الورقية حكاية طفلين شقيقين وولد وبنت تعرضوا لأسوأ أشكال الاساءة والتبلي من قبل الولي.
القصة باختصار هي "جريمة قتل من دون قتيل" وتعود للعام ٢٠١٠ عندما توفي والد الطفلين (١٥و ١٣ سنة).
بسبب حالة التفكك الأسري التي عاشها الطفلان وطلاق والديهما اوكل للاعمام رعاية الطفلين ونتيجة لطمع اهل الأب في الميراث وكرههم لوالدة الطفلين قاما بممارسة اسوا أشكال التعذيب بحق الطفلين من حبس وتقليع اظافر ووضع أكياس سوداء على رؤوسهم وتربيط وحتى ضرب بأدوات كالمطرقة أساليب تعذيب يبدو انهم استقوها من سجن ابو غريب.
كل ذلك التعذيب كان بهدف إجبار الطفلين على الاعتراف بقتل والدهما بالسم نتيجة تحريض والدتهم.
اعترف الطفلان وتم توقيفهما في مراكز رعاية وتأهيل الأحداث وضجت المواقع الإخبارية بخبر "حدثان يقدمان على قتل والدهما بتحريض من طليقة الأب".
قضى الطفلين نحو عامين في مراكز الأحداث بتهمة القتل العمد وتمسكا براوية قتلهم للأب خوفا من العودة للعيش في كنف الاعمام الى ان قدمت مجموعة القانون لحقوق الانسان "ميزان" وقدمت المساعدة القانونية والدعم النفسي وخدمات اعادة الادماج للطفلين الذين أطلقت عليهم اسمي طلال وأسماء في التقرير الصحفي.
بعد عامين من احتجاز الحرية سبقهما عام ونصف من التعذيب اثبتت براءة الطفلين وان الوفاة كانت ناجمة عن ذبحة قلبية وليس تسمم.
لولا المساعدة القانونية والمجتمع المدني لما كانت العدالة قد أخذت مجراها ولبقي طلال وأسماء في السجن.
قد يجادل البعض أن هذه الحالة استثنائية ولا تعكس الواقع، لكن من متى كان التشريع والقانون للتعامل مع القضايا العادية؟ وإن كانت كذلك فما حاجتنا لقانون العقوبات فجرائم القتل على سبيل المثال ليست امرا معتادا بل استثناء؟
للأسف مجلس النواب شيطن القانون وشطب المساعدة القانونية وخرج رئيس مجلس النواب يتهم المجتمع المدني بأسوأ الاتهامات من خيانة وعمالة وتخريب مجتمع.
وبكل الاحوال يبقى الخاسر الاكبر في هذه المعركة الطفل وحده.