جدد الملك عبد الله الثاني تحذيراته من تواجد المليشيات المسلحة الإيرانية في الجنوب السوري بالقرب من الحدود الأردنية الشمالية.
وقال الملك في مقابلة صحفية في أمريكا، إن "الوجود الروسي في جنوب سوريا كان يشكل مصدرا للتهدئة، هذا الفراغ سيملؤه الآن الإيرانيون ووكلاؤهم، وللأسف أمامنا تصعيد محتمل للمشكلات على حدودنا".
مخاوف الأردن من التواجد الإيراني بالقرب من حدوده الشمالية ليست بالأمر الجديد، فقد حذر العاهل الأردني وقيادات أمنية من مد شيعي بعدما سيطرت مليشيات إيرانية وشيعية على مناطق واسعة في الجنوب السوري، خصوصا في مدينة درعا التي يتواجد فيها المعبر الأساسي (نصيب-جابر) لتبادل البضائع بين البلدين، والذي توقف عن العمل منذ سنوات قبل أن يعود في 2021 بعد الجائحة.
الحرب الروسية - الأوكرانية
لكن هذه المخاوف تجددت، حسب محللين ومسؤولين أردنيين سابقين؛ بسبب "الحرب الروسية- الأوكرانية"، وتقليص روسيا لوجودها في الجنوب السوري.
المحلل السياسي الروسي ديمتري بريجع قال إن "روسيا -حسب ما يتم تداوله في وسائل الإعلام- قللت من تواجدها في سوريا لأسباب كثيرة، منها الحرب الأوكرانية، وتهديد الناتو للمصالح الروسية، بالتالي القوات الروسية التي أخذت الخبرة في الحرب السورية يمكن أن تفيد في العملية العسكرية ولتأمين الحدود البرية".
وتابع لـ"عربي21" بأن " الدور الروسي يتعارض مع الدور الإيراني في سوريا، هنالك مليشيات إيرانية تحاول الهيمنة وبسط نفوذها، حتى إسرائيل توافق أن يكون دور للروس في سوريا؛ كون هذا يخفف من تواجد المليشيات الإيرانية، إذ تؤمن روسيا المناطق المختلفة في سوريا من تواجد أي مجموعات أخرى مثل داعش، وهيئة تحرير الشام، هنالك حديث بأن جزءا من القوات الروسي انسحب من سوريا".
وسبق للملك أن كشف في مقابلة صحفية في 2021 عن هجمات إيرانية على الأردن بطائرات مسيرة.
تخوف من اشتباكات مستقبلية
الخبير العسكري الأردني، اللواء الطيار المتقاعد د.مأمون أبو نوار، قال لـ"عربي21"، إن "الجماعات الإيرانية موجودة في المنطقة الجنوبية السورية، وإن الأردن يخشى من نقل الفوضى والتهريب ونقل السلاح، لكن يتخوف من أي اشتباكات مستقبلية بين إيران وإسرائيل وأمريكا بالطائرات المسيرة والصواريخ البالستية، خصوصا في ظل وجود قواعد أمريكية في المملكة".
وتابع بأن "الأردن يعلم ما يدور بالقرب من الحدود، وأسقطت المملكة مؤخرا طائرات مسيرة لإيران"، مشيرا إلى أن "الطائرات المسيرة غيرت موازين القوى العسكرية والأمنية في المنطقة، وهذا يهدد الأمن القومي الأردني".
عضو مجلس الأعيان والوزير الأسبق محمد المومني، يعتقد في حديث لـ"عربي21"، أن "الوجود الروسي في الجنوب السوري أعطى حالة من الاتزان والانضباط الأمني، وهذا أمر كان فيه فائدة لكثير من الأطراف".
وتابع بأن "مصلحة الجميع أن يكون هناك استقرار في الجنوب السوري، وألا يتم ملء المنطقة من جهات قد تقوم بالنيل من الاستقرار، لذلك فهنالك ضرورة أن يستمر الدور الروسي بالتكامل مع الدور السوري للحفاظ على الأمن والاستقرار".
وتضررت الأردن اقتصاديا من إغلاق الحدود مع سوريا بسبب الحرب، وانتشار الجماعات المسلحة في الجنوب السوري وعلى معبر جابر- نصيب، الذي تداول على السيطرة عليه منذ عام 2015 مجموعات مسلحة مختلفة.
ونجحت الأردن إلى جانب روسيا والولايات المتحدة الأمريكية بإقناع الفصائل المعارضة فيها بالتوقيع على اتفاق تسوية مع النظام عام 2018.
ما بعد روسيا
واتفق الباحث والمحلل الاستراتيجي عامر السبايلة، مع أن "إضعاف الدور الروسي في سوريا سيشكل فراغا تملؤه إيران التي طالما ملأت الفراغ في دول عربية من خلال المليشيات".
وقال لـ"عربي21"، إن "المنطقة الجنوبية السورية تشهد تصعيدا سابقا، سواء كان الإرهاب الفردي أو تهريب المخدرات، لكن اليوم نتحدث عن تشكل واقع جديد يعتبره الأردن تغيير للمعادلة الأمنية في المنطقة الشمالية من خلال ملء المليشيات الإيرانية والعراقية للفراغ بعد إضعاف روسيا بسبب الحب على أوكرانيا".
وتابع بأن "الأردن استطاع أن يخلق حالة من التوازن عندما ولدت فكرة مركز مراقبة التهدئة، والتي كانت بالتنسيق أيضا بين روسيا وإيران".
وأضاف: "اليوم نتحدث عن خطورة ما بعد روسيا في الجنوب السوري، وواقع جديد قد يتشكل، وهذا ما يشير له الأردن، وهي أيضا رسالة إلى الولايات المتحدة، ودعوة للحلفاء للتنسيق أكثر في هذه المواجهة".
ويلقي الأردن اللوم أيضا على المليشيات المسلحة بمحاولة إغراق الأردن بالمخدرات والتعامل معها كممر إلى دول الخليج.