للورد..لغة وضريبة وبورصة
هل للورد بورصة كما بورصة عمان الاقتصادية؟ بيع وشراء على حسب العرض والطلب! وهل من مزاد يجري على أصناف الورد!.هذه البورصة تحتل مكانا لها في حدائق الملك عبد الله داخل إحدى المباني الكبيرة وتحت اسم سوق "الجملة المركزي للورد ونباتات الزينة"، يقف العشرات من تجار الورود لأجل الشراء والبيع والكل يتهافت بمشهد عام كأنه في سباق لشراء أجود أنوع الورد وسط قرقعة عجلات العربات المهترءة ونداء مزارعي الورود المحلية.
أنواع وألوان؟
أكوام من الورد مغلفة بالورق البلاستيكي بألوانها الحمراء والصفراء والبرتقالية والبنفسجية والزهرية، وكذلك أزهار أخرى مستوردة، تمزج كافة الألوان كالأخضر والأزرق..بأنواعها المعروفة: الجوري والقرنفل، التوليب والهيليوم وعباد الشمس وغيرها من الأنواع التي لا تحصى.
لسوق بورصة الورد الذي تفتح أبوابه في الساعة السابعة والنصف صباحا، مديرا يشرف على عملية البيع والشراء، فالسوق لا يستطيع أن يدخله احد سوى مزارعي وتجار الورد ضمن بطاقات تصدرها الأمانة لهذه الغاية وفقا لمدير السوق سلامة أبو هديب.
"اغلب هذه الورد هي محلية المنشأ فضلا عن استيراد بعض أنواع الورود من هولندا والهند، وتحديد السعر يتم من قبل شركات الورود وأحيانا من قبل المزارع وبحسب العرض والطلب فمثلا ورد الـ roses في هذا الفصل بالذات يكون إنتاجه قليل وبالتالي سعره الوردة الواحدة مرتفع فضلا انه من أكثر أنواع الورود إقبالا".
مزاد.. الورد..
"آلا دونه آلا دوه إلا تريس مين بدو ورد جوري الـ 20 ضمة بخمسة دينار".. " لدينا طريقتين للبيع في سوق البورصة، الأولى يتم عرض البضاعة بالساحة ويبدأ الدلال بالنداء على كل صنف محدد سعره، وطريقة العرض الأخرى هي في أيام السبت والاثنين والأربعاء تبدأ عملية المزاد العلني على الورد كما أي مزادات أخرى حيث تكون أسعار الورود اقل من سعرها في الأيام العادية".وهذا كلام أبو هديب في وصف المشهد العام داخل السوق.
بطاقات ..للورد..
أمانة عمان الكبرى أصدرت مؤخرا بطاقات لأجل تنظيم حركة السوق لحد من بائعي الإشارات الذين اعتبرهم العديد من أصحاب محلات الورد انهم يضاربون على عملهم.
ويتم إعطاء بطاقات ذات لون زهري وتحوي على معلومات كالاسم والجهة وصورة شخصية، للمزارع وكذلك لشركات الورد ولا بد من إبرازها عند الدخول والخروج فضلا عن إبراز الفواتير الشراء التي تخضع للرقابة وتختم بختم بورصة الورد.
على الورد 16% ضريبة..
الورد كذلك لم يسلم من ضريبة المبيعات فهو كالسلع الأخرى خاضع لسياسة الدولة الضريبية، والمهندس محمد العبد صاحب محل أزهار النخبة يأتي يوميا تقريبا إلى سوق البورصة لأخذ حاجاته من الأزهار وفقا لما يطلبه زبائنه، "الورد عليه ضريبة مبيعات تقدر بـ 16% ولأمانة عمان أيضا رسوم 4% وهذا بالتالي يضاف كله على ثمن الوردة فنضع نحن أصحاب المحلات نسبة ربح تقدر بحوالي 25% إلى 30% كوننا نتعامل مع سلعة حية سريعة التلف فنريد أن نحفظ حقنا".
ماذا عن بائعي الإشارات يقول محمد: "من المؤكد أن من يبيع على الإشارات يؤثر بشكل كبير على عملنا وخصوصا في موسم الصيف حيث يكون الورد متوفر في السوق وتكون أسعاره نسبيا متدينة فنواجهه مشكلة مع الزبائن عندما يقولون لنا على الإشارات على الإشارات.... وبالتالي نمل من ترديد هذه العبارة".
"فنحن لدينا إيجار محل وموظف وكهرباء ومياه وان من يبيع على الإشارات ليس لديه التزامات مطلقا، وأتوقع انه من خلال القانون الجديد سيتم السيطرة على عملية دخولهم وشراءهم من البورصة".
البورصة تحفظ حقنا..
المزارع سعيد أبو حطب يأتي يوميا إلى السوق البورصة محملا بشتى أنواع الورود محلية المنشأ، فسعيد يعتبر أن البورصة هي المكان الوحيد الذي تحتفظ بحقه، "إذا أردت أن أبيع في الخارج فأنني سأوجه مشاكل كبيرة يمكن أن أتعرض للنصب، وأنا كمزارع مختص بالورد الجوري فأبيع الوردة الواحدة بـ 40 قرشا و60 قرشا فضلا أن اختلاف بالأسعار يعود إلى لون الوردة".
الاوركد والسمبيتيوم والانثيريوم ورود مستوردة...
طاهر البرغوثي اتخذ زاوية له في بورصة الورد لعرض بضاعته من الورد المستوردة، فهو عمد على استيراد أنواع الورد غريبة الشكل واللون فمصدر ورده هولندا ودول شرق آسيا. "لنفترض أن السعر في نوع ورده الاوركد بعشرة دنانير فعندما تصل إلينا بعد إضافة أجرة الشحن تصل لحوالي 25 دينارا وعندما نبيع هذا النوع من الورد نضرب بـ 3 فيصل الربح لـ5% وكذلك نحسب التلف كونها من السلع سريعة التلف".
رغم تكلفة الورد الذي يبيعه طاهر كالاوركد والسمبيتيوم والانثيريوم والورود الخضراء الهولندية إلا أن بضاعته تلقى رواجا كبيرا من قبل محلات الورد التي تشتري كافة أنواع هذه الورود من آلاف إلى الياء، وفقا لطاهر.
لعل للورود لغة خاصة لا يفهمها سوى من يحب اقتنائها.. ولكن لغتها في عمان تتداخل فيها التجارة والربح والخسارة والرابح هو الحكومة التي تفرض الضريبة وتحصدها من زهرة سرعان ما تذبل لاحقا...
فالأغلب يرغب باقتناء الورود مهما غلا ثمنها أو رخص لأجل إدخال مواطن الجمال إلى قلبه، معبرا من خلالها على أحاسيسه ومشاعره لغيره أو لأجل إطفاء لمسة جمالية تضاف على محتويات منزله.
إن فاتني الربح..لن يفتني العطر..
في مجمل الإشارات الضوئية في غرب عمان، ستجد شبابا يركضون بين السيارات حاملين أنواعا شتى من الورود..لأجل بيعها وبأسعار متفاوتة..كما حال نائل البالغ من العمر 30 عاما، "لو كان الخيار لي بان اختار لما كنت غير بائع للإزهار فان فأتني الربح لم يفتن العطر، فالأزهار تستقبل الإنسان بفرح وتضفي نوع من الجمالية على المكان".
وتابع نائل حديثه " اشتري حوالي 20 ضمة ورد من البورصة وأحيانا أخرى من مزارعي الورد، فمثلا اشتري الضمة بدينار وأقوم ببيعها بدينار ونصف فربحي نصف دينار، وأحيانا أخرى أقدم عرضا ضمتين بدينار ونصف، فالأسعار مقبولة وفي آخر النهار الذي أبدأه منذ ساعات الصباح الباكر وحتى غروب الشمس أكون قد بعت كافة ضمم الورد".
فنائل يتراكض بين إشارات وادي صقر بخف الريشة وابتسامه ترتسم على وجهه، حاملا بين ذراعيه ضمم الورد الجوري الأبيض، لأجل لقمة عيش يجني منها ما يقارب الـ12 دينار يومي.
"اعلم أن البيع على الإشارة ممنوع والشرطة تقوم بحملات دورية علينا لكن سأبقى أبيع على الإشارة حتى لو تم سجني كل يوم لا بد أن اطعم أولادي مال حلال، حاولت أن ابحث عن عمل آخر لكن لم يجدي فالحياة أصبحت غالية ومهما حصلت من عملي الآن فانه لا يكفي أيضا".
فالورود والنباتات عبر العصور ارتبطت بالثقافات الإنسانية ونسجت حولها الأساطير ففي الثقافات القديمة اعتبرت بعض الأمم أنها تشكل تراثهم، حيث ارتبطت الأزهار بالرموز فعلى سبيل المثال أصبح الغار رمزا لنصر يكلل به الأبطال وغصن الزيتون أصبح رمزا للسلام بين الشعوب.
ونعود سويا إلى نائل بائع الورد الذي يلقى في بعض الأحيان هو وزملاؤه هجمة شرسة من محلات بيع الورود حيث تعتبر هذه المحلات أنهم يضاربون عليهم ببيعهم الورد بأثمان بخسة "نحن لا نضارب على محلات هذه الورد فهذه المحلات هي الأخرى عليها إقبال ونحن نعمل بالمواسم حسب كمية الإنتاج".
نائل أثناء قفزة بين الإشارات لأجل بيع وروده الجورية يصادف الكثير من مزاجيات المواطن الأردني فالبعض يوجه له العبارات الجارحة، "الأشخاص متفاوتون بالأخلاق والبعض تكون شخصيته هكذا متشائمة أو غاضبة كونه مر بظرف سيء ولكن مع ذلك استمر في عملي وانقر نوافذ كافة السيارات من غير خجل فانا أريد أن أعيش أنا وأولادي السبعة".
الزهر..غذاء للروح..
مثل صيني قديم عن الورد" إذا كان لديك رغيفان فبع احدهما واشتر بثمنه زهرة.. فالخبز غذاء للجسد والزهر غذاء للروح"..
"شوفي يختي يلي بدو الورد يشتريه حتى لو كان بعشرة دنانير فهناك أناس حياتهم الورد"ويعبدونه عبادة" وفق لنائل.
رموز وألوان الورد.
معنى الازهار يختلف حسب لونها او اجزائها او خليط من الوانها او درجة تفتح الزهرة فالورد الجوري مثلا بشكلة العام يرمز للحب وسحره ويرمز كذلك للسرية، اما عن الوان الورد فالاحمر يعني الحب والرومانسة والاصفر للصداقة.
للورد مواسم وها نحن تفصلنا أيام معدودة عن عيد الحب الذي بدوره سيزيد من الإقبال على الورود بأنواعها المختلفة، فعيد الحب يشكل فرصة لتجار وبائعي الإشارات الضوئية للبيع بأسعار مرتفعة.
إستمع الآن











































