كيف يمكن للأردن التغلب على تحدي مطار رامون؟

يشكل قرار حكومة الاحتلال الاسرائيلي فتح المجال امام ابناء الأراضي المحتلة لاستخدام  مطار رامون القريب من إيلات للسفر للخارج تحدي كبير لحكومتي الاردن وفلسطين. فقد حدد الاحتلال طرق التنقل من خلال معبر ترقوميا جنوب الخليل وستكون  أول رحلة متجهة لتركيا ويبدو أن هناك منافسة شديدة بين شركات إسرائيلية للاستفادة من المسافرين الفلسطينيين الذين سيتم توفير بديل لهم من السفر فقط عبر جسر الملك حسين.

طبعا تم نشر الكثير من الحوارات في السوشل ميديا ترفض الفكرة وتؤكد أن إسرائيل فتحت المطار بسبب فشله وأن المسافة ستكون بعيدة لغالبية سكان الضفة وأن تكلفة السفر ستكون باهظة. كما نشر البعض تأييد للفكرة شملت  للاسف انتقادات للأردن والصعوبات التي تواجه المسافرين للأردن أو عبر الأردن للخارج. وللحقيقة فإن الكثير من المعلقين دافعوا عن الأردن وعن الاستقبال المريح فور وصول المسافر للحدود الاردنية.

وبعض النظر عن أسباب ومدى فشل أو نجاح افكار الاحتلال فإن موضوع مطار رامون يشكل خطورة كبيرة على السياحة والطيران والعلاقة بين فلسطين والأردن مما يجب عدم التساهل مع المشكلة وإعطاء الأمر أولوية سياسية ولوجستية.

من الواضح أن المسافر الفلسطيني سيكون صاحب اختيار وأن ذلك الخيار ليس مرتبط فقط بشيطنة فكرة رامون ولكن الأمر يتطلب تفكير خارج الصندوق من قبل الجهات الحكومية الفلسطينية والاردنية وقد يتطلب تدخل بعض الدول الصديقة.

 الأمر ليس بسيط والخسارة للاقتصاد الأردني ستكون كبيرة إن لم يتم العمل الجاد والسريع على إقناع المسافر الاردني تفضيل السفر عبر الأردن وتسهيل بقدر المستطاع التكلفة والتجربة فيما يتعلق باستخدام جسر الملك حسين والاستمرار بالسفر عن طريق مطار الملكة علياء.

وفي هذا الخصوص هناك خطوات عملية على أصحاب القرار الأردني التفكير جديا في معالجتها يمكن تطبيق بعضها فوراً والآخر يتطلب توفير موازنات وتدخل جهات خارجية لتغيير من شروط السفر.

أهم تلك الأمور هو تقليل مصاريف وبيئة السفر من والى الضفة الغربية عبر جسر الملك حسين. قد يتطلب الامر اعادة النظر في رسم العشر دنانير التي يتم جبايتها من كل مسافر فلسطيني يدخل الحدود الأردني بما في ذلك الذين ينوون السفر المباشر عبر المطار. قد يكون هناك ضرورة  لإلغاءه الرسم لمن يريد السفر المباشر (ترانسيت) او لمن يتعهد بالبقاء في الاردن على الاقل ليلتان كما يتم للمسافر من مواطني عرب ال48 والذين تم تخفيض الفيزا من 40 دينارا الى عشر دنانير لمن يبقى أكثر من ثلاث ايام في الاردن.

من ناحية اخرى قد يكون من الضروري ان تقوم الحكومة الاردنية بالتعاون مع الشريك الأمريكي بالضغط على إسرائيل للسماح للمسافرين من فلسطين استخدام سياراتهم الخاصة علماً أن جسر الملك حسين من المتوقع أن يكون مفتوح على مدار الساعة في نهاية شهر أيلول القادم.  

انه من السهل تطوير العلاقة الاردنية الفلسطينية لتشمل قبول الاردن لسيارات تحمل رمز ف (فلسطين) بما في ذلك توفير موضوع تأمين السيارات الفلسطينية من خلال إمكانية شراء تأمين مؤقت ساري المفعول لفترة بقاء المسافر في المملكة الاردنية الهاشمية.

أن التوصل لمثل هذا الأمر سيسهل عملية السفر المرهقة والمكلفة والتي تشمل استخدام ثلاث وسائل نقل لوصول إنسان من أي مدينة فلسطينية  لاي مدينة في الأردن.  وإذا تم ذلك فيستفيد من ذلك العديد من المواطنين الفلسطينيين وخاصة العائلات و يكون معبر جسر الملك حسين قد نجح في تجسيد حقيقي للعلاقة كرامة واخوة بين فلسطين والأردن ويتحول المعبر الى معبر بين بلدان عربيان كما هو الحال في كافة المعابر الأرضية الاردنية.

ان مشروع مطار رامون مخصص في المرحلة الحالية بالأساس  لسكان الضفة الغربية وخاصة سكان المناطق الجنوبية مثل محافظتي بيت لحم والخليل ولكن مطار رامون لن يكون بديل لمطار اللد الأكثر قرباً لسكان القدس الشرقية حيث تسمح إسرائيل للمقدسيين باستخدام كافة مطاراتها ويقوم نسبة كبيرة من المقدسيين بالسفر للخارج عبر مطار اللد. ولذلك فإن جذب المقدسيين لزيارة الأردن او السفر من خلال الاردن تتطلب أيضا إعادة التفكير في كيفية تعامل الجهات الرسمية الأردنية مع المقدسيين من حيث التكلفة وسهولة التنقل. 

فمثلا لا تزال الأردن تمنع المقدسيين من القدوم للأردن عبر جسر الشيخ حسين الشمالي وقد وقّع مئات المقدسيين من رجال دين إسلامي ومسيحي وشخصيات وطنية ونشطاء المجتمع المدني رسالة لدولة رئيس الوزراء الاردني تم تسليمها رسميا ممثل البعثة الأردنية في رام الله. الا ان هذا الاقتراح لم يتم الرد عليه رغم أنه  لا يتطلب سوى قرار إداري قد يوفر زيادة كبيرة لعدد المقدسيين القادمين للاردن إذا ما تم السماح لهم باستخدام سياراتهم. 

اضافة الى ذلك من الضروري أن توفر إدارة المعابر حرية الوصول لجسر الملك حسين باستخدام جواز السفر الاردني المؤقت ودون الإصرار غير المبرر على خروج المقدسي بتصريح المكلف لكل زيارة والذي يوفر له حق الغياب  لثلاث سنوات في حين توفر اللاسية باسيه امكانية العودة بعد غياب لخمس سنوات.

لا شك أن موضوع مطار رامون يخلق تحدي كبير لحكومتي الاردن وفلسطين مما يتطلب ورشات عمل و استعداد لاتخاذ قرارات صعبة ولكن الأمر لا يعد يحتمل التأخير وعلى الجميع الاهتمام في التفكير خارج الصندوق والاستفادة من اقتراحات الخبراء لكيفية تقليل التكلفة وتحسين بيئة السفر خاصة مرافق جسر الملك حسين لكي يتم إقناع المسافر الفلسطيني بأخذ الخيار الصحيح ورفض اغراءت المحتل.

 

  • الكاتب اعلامي مقدسي ومستثمر في مؤسسات اعلامية في الأردن وفلسطين

 

 

أضف تعليقك