كيف يجد المثقفون الأردنيون عام 2004

الرابط المختصر

مثقفون وروائيون أردنيون يجدون أن الأحداث الثقافية الأردنية والعربية، كانت صاخبة عام 2004، فيها النجاحات وفيها الإخفاقات، فيها رحل مبدعون، وفيها الأمل بثقافة مزدهرة للعرب، فعلى الصعيد الأردني ثمة إنجازات قامت بها المؤسسات الثقافية الأهلية من تكريم أدباء أو إقامة الندوات طيلة أيام العام، ومؤتمر وطني للثقافة، تم على أثره إعادة وزارة الثقافة، كيف يرى كل من فخري صالح، جمال ناجي، صلاح حزين، رسمي أبو علي، سميحة خريس، الساحة الثقافية في هذا العام؟ "عام 2004 كان عاما ثقيلا بكل المعايير، تخللته أحداث كانت أكثر قسوة مما توقعنا" يقول الروائي جمال ناجي لدى سؤالنا له عن أبرز ما حدث في عام 2004 ثقافيا، ويتابع "ليس موت الأدباء والكتاب فحسب، لا، إنما يبدو المنحنى العربي كان حادا في عام 2004، فضلا عن ذلك توقعنا عندما كنا في عام 2003 أن يأتي عام 2004 أفضل، لكن ما حصل هو مزيد من الهبوط في هذا المنحنى"



ويزيد..."أنا أنتظر بفارغ الشوق انتهاء هذا العام، علّنا نجد عاما أكثر إشراقا من عام 2004"



ألم تجد بارقة أمل في تخصيص معرض فرانكفورت الدولي الثقافة العربية لهذا العام؟

"على الإطلاق لا، هذه كانت مجرد جزئية صغيرة، مما يجب أن تفعله الثقافة العربية. الذين يحاولون إعطاء هذا الحدث أهمية أكبر مما يستحق، هم أحرار، في كيفية تقييمهم ومستواه، لواقع ومستقبل العمل الثقافي".



ويتابع "المشاركة العربية في معرض فرانكفورت، انتابها الكثير من الثغرات، والكثير من التقصير؛ الرسمي، الأهلي والشعبي، أما إذا مجرد ذهاب عدد من الكتاب إلى المعرض يعد دليلا على عافية الثقافة العربية، فهذا يعني أننا بحاجة إلى إعادة النظر في المعايير والمقاييس".



فخري صالح، رئيس القسم الثقافي في صحيفة الدستور، يقول "رغم كل الأحداث التي حصلت، يبقى 2004 عاما مليئا بالأنشطة والفعاليات، لا يمكننا أن ننسى نجاح أمسية الشاعر العربي الكبير محمود درويش في افتتاح فعاليات جرش الشعرية".



ويضيف "الحركة الثقافية في الأردن، هي أقل من مجموع أعضائها، فالحركة الثقافية ضعيفة بصورة عامة، لكن هناك مثقفون يقومون بالإنجاز؛ يصدرون كتبا"، متمنيا أن يكون هناك عملا جماعيا بين المؤسسات الثقافية الحكومية والأهلية. ويلفت "أقامت رابطة الكتاب الأردنيين عددا كبيرا من الندوات التكريمية المهمة منها: تكريم ناصر الدين الأسد، محمود السمرة، خليل السواحري، وأخيرا سالم النحاس".



من جهة أخرى، يرى الناقد السينمائي والكاتب رسمي أبو علي، أن الفعاليات السينمائية في عمان كانت نشطة هذا العام، "أيام يابانية، فرنسية، اسبانية، والكثير من الأفلام عُرضت في دارة الفنون والمركز الحسين الثقافي، ففي كل أسبوع يُعرض فيلم أو أثنين، وغالبا ما تكون أفلاما ذات وزن في الفكرة أو الإخراج، كانت جيدة هذا العام".



ويجد أبو علي أن كتاباته الساخرة فرصة للخروج من الأوضاع الصعبة التي يعيشها المبدع، "دائما أردد مقولة الكاتب الإيطالي انطونيو غرامشه؛ (تشاؤم العقل وتفاؤل الإرادة)، فالمعطيات الموجودة في الواقع المحلي والإقليمي والعالمي تدعو إلى التشاؤم، أنا لا أرى أية ضوء في هذا النفق".



فيما يجد الكاتب والمترجم، صلاح حّزين، أن النشاطات والفعاليات الثقافية في الأردن، لم تكن بالمستوى المطلوب، رغم كثرتها. معتقدا أن الواقع الثقافي جامدا رغم استمرارية النشاطات، "الواقع الثقافي في الأردن مراقب، جامد، غير متأثر أو معني، دون أي تأثير، بتلك النشاطات، فحجم المشاركات العربية والأردنية كانت صاخبة طوال العام".



ويتابع "لا أعتقد أن الواقع الثقافي الأردني استفاد من صخب الفعاليات هذا العام كثيرا، للأسف رغم أهمية المحاضرات التي أُقيمت على مدار العام، كنت أجد عدد الحضور قليل جدا، ولا يعكس أهمية المحاضرة".



ويتمنى حزّين أن تزداد المشاركة الأردنية في النشاطات في عام 2005، وأن يكون هناك فاعلا ومتفاعلا، خصوصا بين الواقع الثقافي المحلي والعالمي، ويضرب مثلا على ذلك "كان عندنا محمود درويش، سعدي يوسف، عبد الوهاب البياتي، كانوا موجودين في الأردن، لكن، كان تأثيرهم على الواقع المحلي الثقافي فوق الصفر بقليل، أرجو أن يتغير هذا الواقع في العام القادم".



في الجانب الثقافي، ثمة امتزاج بين الأعوام، والثقافة عملية تراكمية، تعلق الروائية سميحة خريس، " وجدت أن ثمة تنافسيه عالية بين المبدعين في الأردن عام 2004".



وفيما يخص فعاليات هذا العام، ماذا قدمت لك؟

"لم أشعر بأي إضافات جديدة على مستوى المهرجانات والندوات والمؤتمرات التي حدثت، لم تكن لها خصوصية، وما تركته عند الناس كان يشبه في حده الكبير الأعوام الماضية، لكن علينا أن نتمسك بمهرجاناتنا، على أمل أن تغتني الحركة الثقافية".



"أتمنى أن يعمل الوسط الثقافي بالروح الثقافية العالية، لأننا عانينا من وجود خلل في عملية الاتفاق على الثوابت الفكرية والإنسانية العالية، أتمنى أن نتجاوز هذه المرحلة ونلتفت إلى مشاريعنا الإبداعية".



عودة وزارة الثقافة عودة سيادية

أهم ما حدث في ذلك العام، كان المؤتمر الثقافي الوطني، وما تضمنه من توصيات، طامحة تلبي احتياجات المبدع الأردني، يجد رسمي أبو علي أنه من الباكر الُحكم على تنفيذ التوصيات في وقت زمني سريع "يبدو أن النتائج المرجوة من المؤتمر لا تزال في مرحلة الإعداد، وهذا ما نأمله، ولا نستعجل الأمور".



ويضيف فخري صالح حول عودة وزارة الثقافة "أعتقد أن المسألة الأساسية التي شغلت الوسط الثقافي في الأردن، هي إلغاء وزارة الثقافة ثم عودتها، في البداية عندما شكل رئيس الوزراء فيصل الفايز حكومته قبل أكثر من عام، حصل أن وزارة الثقافة لم يكن لها وزير، وظلت المؤسسة في وضع الجمود حتى عودة الوزارة في تشكيلة الثانية لوزارة الفايز، والمثقفون كانوا في هذه الفترة متخوفين من أن عملية إلغاء وزارة الثقافة نوعا من إدارة الظهر للثقافة من قبل الدولة، حيث تم ضغط كبير من أجل إعادة وزارة الثقافة، لا باعتبار تلك الوزارة بأنها خالية من المشكلات في التعامل مع الوضع الثقافي وإنما لأنهم يشعرون بأنها مثل بقية الوزارات، وكما تسمى في الكثير من الدول بـوزارة سيادية مثل الخارجية والدفاع والداخلية...فأعتقد أن إلغاء وزارة الثقافة وعودتها هو الحدث الأبرز وتم بناءً على ذلك عقد مؤتمر الثقافة الوطني والذي ساهم في عودتها".



صلاح حّزين، كان قد شارك في ورقة بمؤتمر الثقافة الوطني، بعنوان (هموم المبدع الأردني)، يقول "كان المؤتمر ناجحا في بعض النواحي، والنقطة الأساسية فيه هو وجود طرفين حكومي وثقافي، والثقافي ممثل برابطة الكتاب الأردنيين، شاركوا في حمل المؤتمر وإيصاله إلى النجاح، وبالمناسبة وزع استبيان على المثقفين وأجابوا عليه وكان معظمهم مع إعادة الوزارة بشكلها المعروف".



وفيما يخص توصيات المؤتمر الـ43 ؟

يقول حزين "لم تكن بالمستوى المطلوب، والكثير ساهم في إضعاف المؤتمر؛ وذلك في وصفهم له بالورشة، ما أضعف القيمة النهائية له".



راحلون...

وحول وفاة أدباء أمثال ممدوح العدوان، روكس بن زائد العزيزي وغيرهم؟



رسمي أبو علي "كأنها ظاهرة أصبحت تحدث كل عام، فالأجواء السائدة من العولمة والهيمنة الأمريكية، كلها مجتمعة لا توحي بأمل كبير، بل معادية للإبداع بكل معانيها، فحقوق المبدع مهدورة ومسلوبة، وهذا يولد قهر في نفس المبدع، ما يؤدي إلى تراكمات داخله، وبالتالي قد ينتج الصمت أو نوبات دماغية قلبية ".



سميحة خريس " هذه طبيعة الحياة، ناس تودع ناس، المبدع الذي استطاع أن يكرس مشروعه الثقافي في حياته لا يموت، ولأن المشروع الثقافي موجود، فبالتالي تشتد الإضاءة عليها، وذلك مثل عدوان والعزيزي".



وفي النهاية، يتمنى جمال ناجي أن يصعد منحنى العربي بالاتجاه الأعلى وأن لا ينحدر كما كان في العام 2004 وعلى مستوى الصعد.

أضف تعليقك