كيف غطت وسائل الاعلام خبر "الحفل الفني"

كيف غطت وسائل الاعلام خبر "الحفل الفني"

 تناولت ما يزيد على 53 مادة صحافيّة، على مدار يومين، الاحتفاليّة التي رعاها أمين عمّان د. يوسف الشواربة، والتي استُضيفت خلالها أسماء عربيّة تنطوي على قدر من الجدليّة بحسب ما رصده "أكيد" عبر الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعيّ، ولتنزلق هذه المواد في مرات كثيرة نحو اللغط الدائر، عوضاً عن تحرّي التوازن والمهنيّة.

حاول "أكيد" التواصل مع أمانة عمّان؛ للوقوف على ماهيّة الدعم الذي قدّمته للحفل؛ إذ تضاربت المعلومات حول كونه دعماً لوجستيّاً فحسب أم ماديّاً، لكن المناط بهم التصريح أحجموا عن الإدلاء به، قائلين إنّ ثمة بيان قد يصدر عن الأمانة في غضون اليومين القادمين.

اقتصر الجنس الصحافي المستخدم في التناول على الأخبار والمتابعات الخبرية، ما عدا مقالين، لكن قسماً كبيراً منها كان انتقائيّاً؛ إذ سلّط الضوء على شخصيّة بعينها؛ لاستدراج مزيد من المتابعين، فيما القسم الآخر لم يتحرَّ التوازن؛ فذهب لإيراد رأي طرف بعينه دون الآخر، ما ساقَ المادة نحو مسار متحيّز.

مواد أخرى أقحم كاتبها رأيه في العنوان والمتن كذلك، ما يعدّ مخالفة مهنية، إلى جانب إصدار الأحكام واستباق النتائج، كمثل عنوان "تكريم حليمة بولند وأنابيلا هلال يُغضب الأردنيين" و"النائب جودت الدرابسة ينتقد أمانة عمان: أمين عمان أقام الاحتفالات على حساب الشعب الأردني"، وحتى المقالات التي يُتاح فيها للكاتب إبداء وجهة نظره، فإنها حملت عناوين أذكت المزيد من اللغط الدائر، كمثل عنوان "عندما يُهان الوطن .. !! والهدية .. حليمة"، فيما احتوَت مقالة أخرى على ما يُعدّ قدحاً وذماً بحق الفنانات المشاركات، وهو ما يتنافى وحرية إبداء الرأي الممنوحة لكاتب المقال.

مواد أخرى كرّست العنوان والتفاصيل، غير المنسوبة لمصادر واضحة أو محدّدة، لتلميع شخصية ما ومحاولة تبرئتها من الجدل الدائر، ما لا يتفق ومسطرة المهنية الواجب الاحتكام إليها في تغطية حادثة جدلية تشهد آراء متناقضة، كما أنه ليس مناطاً بالصحافي تبرئة طرف بعينه وإعفائه من مسؤولية ما، أو محاولة الردّ باسمه على المنتقدين. ظَهَر هذا من خلال عنوان "أمين عمان حسن النيّة"، وإيراد تفاصيل مثل: "مقرّبون من الأمين أكدوا أنه تفاجأ، من نوعية الحضور، وهذ ما بدا عليه من خلال الصور ومن خلال الأحاديث الجانبيّة التي دارت خلال الحفل"، وقول: "معلومات أخرى أضافت أنه حاول أكثر من مرة الخروج من صالة الاحتفال إلا أنّ الإحراج منعه من ذلك" وقول: "أمّا الحضور وماذا يرتدون من ملابس فهي إشكاليّة حقيقيّة ولكنها لا تعني الأمين في شيء".

وفي ممارسة باتت ملحوظة، انطلقت مواد صحافيّة في مناقشتها القضية المثارة من موقف شخصيّة بذاتها، وفي الغالب تكون هذه الشخصية من مجلس النوّاب على وجه التحديد، وإن كان هنالك حضور آخر لأكاديميين على سبيل المثال، فكانت مادة حملت عنوان "أكاديمي أردني معلقاً على احتفالات أمانة عمان: أردني يأكل من الحاويات وبلده يكرم الفنانات"، ما وجّه المادّة كذلك نحو مسار بعينه أراده الكاتب.

مواد أخرى تعثّرت بمطبّ الاستسهال، حين عمّمت نتيجة، حول موقف الفنانين الأردنيين من  الحفل، فيما لم تستطلع سوى رأي اثنين منهم، فخرجت بعنوان يقول "فنانون أردنيون: أمانة عمان همّشتنا"، وكذلك عند تناول أمرقائمة مسرّبة من أمانة عمّان تتحدّث عن أسماء المدعوّين للاحتفال، ليجري التعليق عليها بقول: "وعلّق الأردنيّون على تلك الدعوات متسائلين عن الجهة التي سوف تتحمّل تلك التكاليف العالية، للاحتفاليّة، قائلين: التكاليف مين راح يتحملها؟ "، من دون إيضاح هويّة هؤلاء المعلّقين، أو المكان الذي وردت فيه تعليقاتهم الواردة بين علامتيّ تنصيص. أو كما ورَدَ في عنوان "أردنيّون تعليقًا على تكريم فنانات بأمانة عمان: في أمهات أرامل ومجاهدات أولى بالتكريم"، من دون إيضاح المصدر الذي استُقيَت منه هذه التصريحات.

ولعل من اللافت، ربط الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي بين التكريم المُقام، من جهة، وبين قضايا عدّة، من جهة أخرى، مثل المسيرات القادمة من المحافظات للمطالبة بوظائف، وأمّهات الشهداء الذين قضوا خلال أدائهم الواجب الوطني، وعدم الاحتفاء بالفنان الأردنيّ والظروف المعيشيّة القاسية التي يكابدها.

ويستخلص "أكيد" مجموعة من النقاط الواجب مراعاتها في تغطية قضايا مشابهة، مسقبلاً، منها:

  • ضرورة تحرّي التوازن في نقل وجهات نظر الأطراف الضالعة في قضية ما، من دون تجاهل طرف وإيراد رأي آخر، ومن دون منح أحد الأطراف مساحةً للردّ أكبر من تلك المساحة الممنوحة للطرف الآخر.
  • الابتعاد عن إصدار الأحكام والإدلاء بالآراء الشخصيّة، بل يجدر بالصحافي النأي بذاته عن تسيير المادة نحو وجهة معيّنة.
  • حتى في مقالة الرأي، التي يُتاح لكاتبها التعبير عن وجهة نظره، لا بدّ من الانتباه للحدّ الفاصل بين النقد من جهة، وبين الذمّ، والقدح، والتحقير، من جهة أخرى.
  • يجدر بالصحافيّ الحذر من الاستسهال في إصدار الأحكام وإطلاق التعميمات.
أضف تعليقك