كنعان: علاقة وثيقة بين نسل الهاشميين والمقدسات في القدس مهدت لها حادثة الإسراء والمعراج

 

 

 

 

 

قال أمين عام اللجنة الملكية لشؤون القدس عبدالله كنعان، إن "الوصاية الهاشمية على المقدسات في القدس تعود لجذور تاريخية ودينية وقانونية، و ترتبط بحدث بحادثة الإسراء والمعراج التي قام بها جد الهاشميين النبي محمد صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام في مكة الى المسجد الاقصى في القدس، لتمهد هذه الحادثة العظيمة لعلاقة وثيقة بين نسله الهاشمي وبين مقدساتها الإسلامية."

 

وشدد كنعان في حوار خاص لـ"عمان نت" أن "قرار المجلس التنفيذي لليونسكو لعام 2016م والذي نص على العديد من البنود أبرزها التأكيد على تسمية المسجد الاقصى /الحرم القدسي وليس جبل الهيكل وأن هذا المسجد من المقدسات الاسلامية الخالصة وانه لا علاقة لليهود به، كذلك طالب القرار اسرائيل باتاحة العودة للوضع القائم حتى عام 2000م، اذ كانت الأوقاف الاردنية السلطة الوحيدة المشرفة على المسجد، كذلك اعتبار تلة باب المغاربة وحائط البراق هما أجزاء لا تتجزأ من المسجد الأقصى".

 

"عمان نت" تنشر نص الحوار مع أمين عام اللجنة الملكية لشؤون القدس، وهي شكلها الملك الراحل الحسين بن طلال عام 1971 رسالتها  نشر الوعي بأهمية قضية القدس، وعدم فصلها عن بعدها العربي والإسلامي وفضح ما تتعرض له من تهويد وانتهاكات إسرائيلية يومية  وزيادة الجهود العاملة على تثبيت المقدسيين ودعم صمودهم ورفع معاناتهم.

نص الحوار:

 

ما الأسس القانونية والتاريخية للوصاية الهاشمية على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس؟

   ان الموقف الاردني الثابت تجاه القضية الفلسطينية وجوهرها مدينة القدس، يقوم على الإيمان المطلق بحق الشعب الفلسطيني بتقرير مصيره، ورفض أي حلول لاتضمن قيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية على حدود عام 1967م، كذلك الحرص الأردني على دعم صمود أهلنا ورباطهم ومساندتهم حتى نيل حقوقهم التاريخية والشرعية.

 

وهذا الموقف الاردني له خصوصيته التي تنطلق من الروابط المتينة التاريخية والقومية والدينية المشتركة التي تربطنا بفلسطين أرضاً وشعباً، اضافة الى الوصاية الهاشمية على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس التي تعود جذورها التاريخية بالنسبة للمقدسات الاسلامية الى رابط ديني مهم هو حادثة الإسراء والمعراج التي قام بها جد الهاشميين النبي محمد صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام في مكة الى المسجد الاقصى في القدس، لتمهد هذه الحادثة العظيمة لعلاقة وثيقة بين نسله الهاشمي وبين مقدساتها الإسلامية.

 

 أما بالنسبة للوصاية على المقدسات المسيحية فإن أواصر التسامح والرعاية والوصاية عليها ترجع لميراث الإدارة الإسلامية المتمثل في أعظم وثيقة للتسامح والعيش المشترك وهي العهدة العمرية، التي عقدها الخليفة الراشدي عمر بن الخطاب والبطريرك صفرونيوس،واليوم فان جميع الطوائف المسيحية تؤكد على اهمية الوصاية الهاشمية على المقدسات المسيحية في القدس .

   أما في التاريخ الحديث فإن جذور الوصاية الهاشمية تعود لتمسك الشريف الحسين بن علي ملك وخليفة العرب بحدود الدولة العربية الموحدة المستقلة التي كان يسعى لقيامها بما فيها فلسطين التاريخية مدنها وقراها جميعها، حيث جاء ذلك فيما يعرف تاريخياً برسائل الحسين مكماهون الممثل الأعلى لحكومة بريطانيا في مصر والذي فوض للتباحث مع الشريف الحسين بين عام 1915-1916م، ومع قيام الثورة العربية الكبرى عام 1916م ومبايعة الأحرار العرب للشريف الحسين ملكاً كانت الخطبة باسمه على منابر المسجد الاقصى المبارك، والخطبة لها دلالة سياسية هي اعتراف العرب به ملكاً عليهم، بما في ذلك الاعتراف بوصايته على المقدسات في القدس، وفي عام 1924م وخلال زيارة وفد مقدسي للشريف حسين بن علي في مكة المكرمة وعرضهم عليه حاجة المسجد الاقصى المبارك للاعمار والرعاية، فقد تبرع جلالته بمبلغ مالي زاد في مجموعة مع تبرعات مالية لاحقة عن (38,761) ألف جنيه ذهبي، ومن بعده استمر المغفور له جلالة الملك عبد الله الأول بهذه المهمة والرعاية المقدسة وعمد الى الدفاع عن فلسطين والقدس في حرب عام 1948م، ثم جرى في عهد جلالته على إثر مؤتمر أريحا عام 1950م وحدة الضفتين (الشرقية والغربية) ، والتي استمرت حتى عام 1988م، حيث أعلن المغفور له جلالة الملك الحسين بن طلال فك الارتباط القانوني والإداري بين الضفتين مع استثناء الأماكن المقدسة في القدس من هذا القرار، لتستمر الوصاية الهاشمية عليها.

 

ما هي الركائز القانونية للوصاية الهاشمية؟

    ومن الناحية القانونية فهناك عدد من الركائز والثوابت القانونية الداعمة للوصاية الهاشمية، تتثمل في شرعية مبايعة الشريف الحسين بن علي ملكاً للعرب عام 1924م،وقرار وحدة الضفتين عام 1950م، وما تلاهما من اتفاقيات مثل اتفاقية السلام وادي عربة عام 1994م بين الاردن و إسرائيل( السلطة القائمة بالاحتلال) عام 1994م ، حيث نصت الاتفاقية وبما يتماشى مع إعلان واشنطن ( أن تحترم إسرائيل الدور الحالي الخاص للمملكة الأردنية الهاشمية في الأماكن الإسلامية المقدسة في القدس، وعند انعقاد مفاوضات الوضع النهائي ستعطي إسرائيل أولوية كبرى للدور الأردني التاريخي في هذه الأماكن)، كذلك تأكدت الوصاية بتوقيع اتفاقية بين الأردن وفلسطين عام 2013م، والتي استندت الى الدور التاريخي للقيادة الهاشمية منذ وصاية الشريف الحسين بن علي عام 1924م لتتعزز بذلك الصيغة القانونية لهذه الوصاية، والتي اعترفت بدورها وعززته وأشادت به قرارات منظمة اليونسكو والبيانات الختامية للجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، اضافة الى ذلك يجب التنبه أن اسرائيل أساساً باحتلالها للاراضي العربية المحتلة خالفت قواعد قانونية دولية منها عدم جواز الاستيلاء على اراضي الغير بالقوة، كما عارضت بكل صراحة اتفاقية لاهاي لعام 1907م واتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949م، وأكثر من (800) قرار صادر لصالح القضية الفلسطينية والقدس من هيئة الأمم المتحدة ومجلس الأمن ومنظمة اليونسكو.

واليوم يمكننا ملاحظة الكثير من الدلائل والشواهد العملية على مدى عمق تاريخ وقانونية هذه الوصاية من خلال الاحترام والتقدير الكبير لدبلوماسية وسياسة صاحب الجلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين على الصعيد العربي والإسلامي والعالمي، الذي يحمل راية وملف القضية الفلسطينية وجوهرها القدس في كافة المحافل الدولية، مؤكداً جلالته أن القدس خط أحمر لا يجوز المساس به، ولا أمن ولا سلام في المنطقة والعالم من دون السلام في القدس.

 

ما أهمية الحفاظ على الوضع الراهن في القدس وما مخاطر التغيير بهذا الوضع على الأرض؟

   يشير مصطلح الوضع التاريخي القائم أو الراهن (استاتيسكو) تاريخياً الى التفاهمات المتعلقة بإدارة الأماكن المقدسة في مدينة القدس، وتحديداً تلك المتعلقة بداية بإدارة كنيسة القيامة والاتفاق من خلال توقيع العديد من الاتفاقيات بين الدولة العثمانية والدول الاوروبية مثل اتفاقية باريس 1856م واتفاقية برلين عام 1878م، والتي نصت بنودها على الأحقية المشتركة للطوائف المسيحية في القدس بادارة وممارسة الطقوس داخل كنيسة القيامة، وذلك كحل للخلاف الذي نشب بينها لعقود من الزمن.

   أما فيما يتصل بالوضع الراهن في المسجد الاقصى المبارك، فهو الإقرار بالترتيبات الخاصة به والمتصلة بادارته وملكيته الإسلامية الخالصة، وهو المشار إليه في قرار المجلس التنفيذي لليونسكو لعام 2016م والذي نص على العديد من البنود أبرزها التأكيد على تسمية المسجد الاقصى /الحرم القدسي وليس جبل الهيكل وان هذا المسجد من المقدسات الاسلامية الخالصة وانه لا علاقة لليهود به، كذلك طالب القرار اسرائيل باتاحة العودة للوضع القائم حتى عام 2000م، اذ كانت الاوقاف الاردنية السلطة الوحيدة المشرفة على المسجد، كذلك اعتبار تلة باب المغاربة وحائط البراق هما أجزاء لا تتجزأ من المسجد الأقصى، الى جانب رفض القرار للاعتداءات الاسرائيلية المتزايدة بما فيها الاقتحامات اليومية من قبل المستوطنين، علماً بأن هناك الكثير من القرارات الصادرة عن منظمة الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها تستنكر الاعتداءات الاسرائيلية على المقدسات الاسلامية والمسيحية وتقر ببطلان التغييرات التهويدية التي تجريها اسرائيل، وتذكر هذه القرارات بعدم التزام اسرائيل ومخالفتها للاتفاقيات الدولية مثل اتفاقية لاهاي عام 1907 م واتفاقيات جنيف الأربع عام 1949م.

     علماً بأن اتفاقية السلام الاردنية وادي عربة عام 1994م بين الأردن واسرائيل أكدت الحفاظ على الدور التاريخي القائم للأردن تجاه المقدسات في القدس، ولكننا اليوم نشاهد السياسة التهويدية الممنهجة التي تقوم بها اسرائيل في القدس، والمتمثلة بالتضييق على المصلين والتحكم بالية دخولهم وخروجهم من المسجدالاقصى بل وتحديد أعمار المسموح لها بالصلاة، وبالمقابل تسمح سلطات الاحتلال الإسرائيلية وبترتيب مع مجموعات المتطرفين والمستوطنين وما يسمى بجماعات جبل الهيكل بموجات الاقتحام اليومية من قبل المستوطنين وإقامتهم للطقوس والصلوات التلمودية، كذلك إصدار الكثير من قرارات الإبعاد عن المسجد الاقصى ومحاولاتها السير في مخطط التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الاقصى، ومستقبلاً التمهيد لاقامة الهيكل المزعوم على أنقاض المسجد الأقصى، اضافة الى الاستمرار في الحفريات والأنفاق حول وتحت المسجد الاقصى واقامة مشاريع خطيرة مثل مشروع (التلفريك) وغيره، ومواصلة رفض جميع القرارات الدولية الصادرة عن هيئة الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها.

كيف تنظر اللجنة الى مواصلة اسرائيل لسياسة التهويد وتغيير الوضع الراهن؟

  إن اللجنة الملكية لشؤون القدس وهي ترصد واقع وأخبار القدس، تجد أن مواصلة اسرائيل لسياسة التهويد وتغيير الوضع الراهن، وما تلقاه من دعم بعض الإدارات السياسية الدولية، يزيد من تعقيد المشهد السياسي في المنطقة والعالم ويقودها الى المجهول، الذي لا يمكن أبداً التنبؤ به، ويجعل من أمل السلام المنشود حلماً يصعب تحقيقه على أرض الواقع، فعلى اسرائيل التيقن بأن سياسة القوة وشريعة الغاب التي تمارسها لا يمكن أن توفر لمجتمعها الأمن والسلام، وعلى العالم ومنظماته الشرعية القيام بواجبها الأخلاقي لنصرة الشعب الفلسطيني المظلوم، وعلى أمتنا العربية والاسلامية ودول العالم المناصرة للحق الوقوف مع القيادة الهاشمية صاحبة الوصاية التاريخية على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس، ودعم جهودها المساندة لأهلنا في فلسطين والقدس ، فقد آن الأوان أن تحول الدولة الداعمة للحق الفلسطيني تصريحاتها الى أفعال على الأرض، وتعترف بالدولة الفلسطينية اعترافاً كاملاً وعضواً رسمياً في المنظمات الدولية جميعها، لتفوت على اسرائيل سياسة تهويد فلسطين والقدس تدريجياً لتحقيق ما تسميه بإسرائيل الكبرى.

 

أضف تعليقك