كراسٍ من طين وتماثيل من جميد !

كرسيّ مريح مصنوع من الطين وتماثيل قابلة للأكل وحجارة على شكل حلوى أشياء تجدها خلال زيارتك لـ"أسبوع عمّان للتّصميم 2019" بنسخته الثالثة، الذي انطلق في العاصمة الأردنيّة عمّان بين 4 و12 تشرين الأوّل/أكتوبر، وهو يحمل تساؤلاً من خلال التّصاميم المقدّمة من قبل 250 مشاركاً من 13 دولة عن "المستقبل على بعد خطوة: فما هي الاحتمالات؟"، ويجمع المصمّمين مع المزارعين لتقديم طرق جديدة للنظر إلى مستقبل الغذاء. كما أطلق "أسبوع عمّان للتّصميم" معرض "مدينة المستقبل"، الذي يركّز على احتمالات تحويل المساحات العامّة إلى مناطق آمنة للإنتاج الغذائيّ.

لقد كان الشيف الأردنيّ عمر السرطاوي، وهو مبتكر "شوكولاتة الجميد"، حاضراً في المعرض، من خلال مشاركته في عمل "عين غزال"، (تماثيل من العصر الحجريّ اكتشفت في الأردن، وهي معروضة حاليّاً في متحف لوفر أبوظبي)، إلاّ أنّ تمثاله قابل للأكل وصنعه من لبن الماعز "الجميد" الذي يطبخ منه المنسف الأردنيّ (أكلة شعبيّة)، وقال لـ"المونيتور": "إنّ مادّة الجميد تمثّل الهويّة الأردنيّة، والفكرة أنّنا نستخدم الجميد الصلب لتشكيل مادّة بناء قابلة للأكل. خلال 6 أشهر، أنجزت الفكرة، واخترت تمثال عين غزال كونه أقدم التماثيل البشريّة كي أعرّف الناس أكثر على هذا التمثال الأردنيّ، فليس من السهل إدخال الفنّ بالأكل".

أمّا المصمّم بشر طبّاع، فهو مصمّم كرسيّ الأرض، وهو عبارة عن كرسيّ مريح للقراءة مصمّم بالكامل من التراب. ولقد حاول بشر طبّاع إيصال رسالة من خلال تصميمه أنّ "هناك استخداماً مفرطاً للإسمنت في عمليّة البناء وقلّة في القراءة"، كما أشار في حديث لـ"المونيتور"، وقال: "إنّ الكرسيّ مصنوع من طين وتراب محليّين، ولم نستخدم أيّ إسمنت أو حديد لصنعه. لقد أردنا أن نستخدم موادّ محليّة وطبيعيّة يمكن لأيّ شخص أن يستخدمها لتشجيع الناس على البناء بالطين".

وطرح "أسبوع عمّان للتّصميم" عنوان "ابتكار الموادّ" من قبل مصمّمي الأزياء والمعماريّين والحرفيّين الذين يعملون بواسطة المنسوجات في مجال الحفاظ على التقاليد في هذا المجال. ولقد استطاعت إشراق زريقات، وهي فنّانة منسوجات، إنشاء النول البدويّ من الصفر من خلال موادّ خامّ. وتركّز أعمالها على فنون الحياكة اليدويّة ومعالجة الصوف، بدءاً من مادّة الصوف الخامّ حتّى الصباغة اليدويّة باستخدام الأصباغ النباتيّة الطبيعيّة والأخرى الحمضيّة الكيماويّة، وقالت: "عملت على اكتشاف أنواع جديدة من الأقمشة والموادّ باستخدام التقنيّات اليدويّة التقليديّة. لقد عرضت قطعة تكشف إمكانيّة المزج بين الجلد والصوف المصبوغ يدويّاً، وهي موادّ لا تتمّ عادة مزجها في منتج واحد مثل جلد البقر".

أضافت في حديث لـ"المونيتور": "اخترعت النول من موادّ خامّ، وإحدى القطع كانت من الدرابزين. وتقوم الفكرة على أن الأدوات التي نستخدمها في الحرف، لا تشترط أن نشتريها جاهزة، فالأقمشة المعروضة في أسبوع عمّان للتّصميم تحقّقت من خلال تصميم جرافيك. ليست الفكرة من تراثنا فقط، إنّما تقوم على دمج التراث الأردنيّ بثقافات اطّلعت عليها أثناء السفر بين الشرق الأوسط وأوروبا وأميركا الشماليّة، حتّى الموادّ الخامّ اخترعتها مثل التعامل مع الصوف غير المنسوج، بدلاً من شراء القماش، فإنّي أنتج من الصوف الخامّ أقمشة. وبالتّالي، تكون لمسة المصمّم حاضرة في كلّ التفاصيل".

من جهته، شارك أيمن عزّام، وهو الحاصل على درجة الماجستير في التحليل الكيميائيّ لطلاء السيراميك، في أعماله الفنيّة الحديثة من خلال عرض تشكيلاته الكريستاليّة المعقّدة على أشكال الفخّار، مع أنماط تشبه النجوم والكون وقطع الحلوى.

كما عرض المعماريّان المقيمان في رام الله إلياس ويوسف أنسطاس عموداً حجريّاً مصنوعاً من مخلّفات معماريّة، وتبنّيا نهج إدماج مكوّنات البناء في العمارة المعاصرة.

وتحدّثت منسّقة البرامج والتّصميم في "أسبوع عمّان للتّصميم" حلا حدادين لـ"المونيتور" عن هذا الأسبوع، فأشارت إلى أنّه "انطلق كمنصّة لدعم المصمّمين في القطاعات كافّة خلال مؤتمر استمرّ ٩ أيّام في هنجر رأس العين بعمّان، ويتواصل دعمهم أيضاً لمدّة سنتين تقنيّاً وماليّاً"، وقالت: "نركّز في هذا العام على مواقع ومعارض في رأس العين وجبل اللويبدة في عمّان من خلال تقديم الدعم وتنظيم الورش وإطلاق خبرات جديدة للتفكير بشكل إبداعيّ وتصاميم جديدة. وفي هذا العام، العنوان هو "احتمالات"، ويحمل في داخله إجابات وحلولاً جديدة لمشكلات وإبداعات من أجل فتح أبواب جديدة أمام المصمّمين للابتكار بالموادّ والحروف واللغة".

وأقام "أسبوع عمّان للتّصميم" معرضاً للطلاّب بهدف تشبيكهم من المؤسّسات التعليميّة كافّة في الأردن. ويوفّر هذا المعرض، الذي يعدّ الفعاليّة الوحيدة التي تعرض أعمال الطلاّب في الجامعات ومن خلفيّات متنوّعة، الفرصة لطلاّب الثانويّة العامّة والجامعات في مناطق الأردن كافّة لإطلاق مسيرتهم المهنيّة، وذلك عبر الانضمام إلى برنامج الإرشاد وعرض أعمالهم.

وإلى جانب التّصاميم، يقدّم "أسبوع عمّان للتّصميم" عروضاً موسيقيّة من ثقافات مختلفة، ومن بينها موسيقى الشرفات، وهي مشروع تفاعليّ تنفّذه جمعيّة تجلّى للموسيقى والفنون. ولقد نفّذ المشروع أكثر من 30 عرضاً من على شرفات مختلفة في مدن وقرى أردنيّة مختلفة، بالشراكة مع أكثر من 120 فنّاناً وفنّانة أردنيّة.

 

التقرير في موقع المونتيور

أضف تعليقك