كاتبات المقالات في الأردن: موجودات ولكن..

كاتبات المقالات في الأردن: موجودات ولكن..
الرابط المختصر

نعم هنّ هناك، على صفحات الجرائد، واحدة.. اثنتان وربما ثلاثة أو أكثر، يكتبن ما تجيش به أنفسهن ويحاولن بكل ما لديهن من إبداع، إلا أن كل ذلك في نظر "المراقبين والمسئولين" غير موازٍ للمطلوب والمرتجى، ببساطة (لأن كاتبات المقالات في الأردن لا يكتبن في "السياسة" بقدر ما يفعل الكتاب "الذكور" في الصحف الأردنية).لا يمكن القول أنه ليس هناك كاتبات محترفات على الساحة، فهن موجودات وبكل صحيفة يومية أو أسبوعية وفي المجلات النسوية أيضاً، ولا تستطيع أن تجزم أنهن مغيّبات أو مهمّشات، إلا أن ما تستطيع أن تميزه أن كاتبات المقالات في الأردن قليلاتٍ جداً مقارنة مع عدد الكتاب اليوميين الذكور.

هذه القلّة، والتي أنكرها الكثيرون والكثيرات أيضاً - مدافعين ربما عن أديباتنا ومبدعاتنا- واضحة، وضعف الوجود النسائي في صحافتنا الأردنية لا يمكن إنكاره، فقلما تجد كاتبة مقالة يوميّة تكتب في الأمور السياسية والاجتماعية والقضايا المستجدة، فيما تجد بالمقابل عشرات من الكتاب اليوميين الذين يُفسح المجال أمامهم واسعاً كي يتميزوا ويتفوقوا بوجودهم المستمر.
 
بالطبع لدينا أديبات، روائيات وشاعرات وكاتبات قصّة قصيرة متواجدات على الساحة وبشكل جيد، بل متزايد ربما، إلا أن ما نفتقده فعلياً غيابهن عن الكتابة اليومية في الصحف، ولو بحثنا في الأسباب لاكتشفنا أنها كثيرة والمسئولين أكثر.
 
يوم واحد بالأسبوع.. كافٍ؟!
بعض الكاتبات يحظين بمقالة أسبوعية، يكتبن فيها آرائهن في الحياة وفي القضايا المجتمعية والسياسية أيضاً، لكن في مقابل ذلك هنالك كتاب يحظون بعدة أيام في الأسبوع وأحياناً كل يوم، فما هو موقف الكاتبات من هذا؟
 
الكاتبة والإعلامية الدكتورة لانا مامكغ والتي اعتدنا أن نقرأها كل أحد في زاوية (أوراق) في صحيفة الرأي الأردنية، وهي تكتب المقالة اليومية الاجتماعية منذ سنوات طويلة، وجدت أن يوماً واحداً في الأسبوع يكفيها كي توصل ما تريده في مقالتها وتقول "يوم واحد بالأسبوع كافٍ جداً بالنسبة لي، لأنه ومع احترامي لكل كتاب الأعمدة اليومية، فأهم ما في كاتب المقال عدا عن المعرفة والوعي والمتابعة هو التجدد، ولا أظن أن أحداً يزعم أنه قادر على التجدد في عمود يومي بشكل منتظم، فمن الصعب جداً ملأ مساحة بما يحترم وعي القارئ بشكل يومي ومؤثر ومثير، الكتابة الأسبوعية تبدو أنها أسهل، لكنها في الحقيقة أصعب، لأن الكاتب أو الكاتبة عليها أن تشحن نفسها طوال الأسبوع بفكرة واحدة وتخرج بشكل جذاب ورشيق ومفيد بذات الوقت".
 
وفيما تجد الدكتورة مامكغ أن مقالة أسبوعية كافية بالنسبة لها، ترى ليلى الأطرش عكس ذلك، وهي الروائية صاحبة "مرافئ الوهم" وكاتبة المقالة في جريدة الدستور أسبوعياً أيضاً وتقول "بالتأكيد كنت أفضل لو أن لي مقالة يوميّة فقد جربت الكتابة بشكل يومي، فذلك يعطي الكاتب فرصة أن يوضح وجهة نظره تلقائياً مع كل الأحداث، وحينما يتقيد الكاتب بمقال أسبوعي كثيراً ما يجد أن موضوعاً معينا يحفزه على الكتابة لكنه يجد أن الكتاب الآخرين قد تناولوه خلال الأسبوع، لذلك فمهمة الكاتب الأسبوعي أن يبحث دائماً عن شيء جديد، وربما يفرض عليه هذا أن يكتب المقال في اليوم الأخير للفرصة المعطاة له وربما هذه هي المشكلة الوحيدة أمام كاتب المقال الأسبوعي".
 
وتوضح الأطرش أن كثيراً من القضايا تمرّ خلال الأسبوع كانت تتمنى أن يكون لديها مساحة أكبر كي تعبر عن وجهة نظرها فيها، وتشرح "خاصة الأحداث السياسية ونحن في عصر تتلاحق فيه الأحداث بشكل سريع، فإذا كانت المقالة مقتصرة في موضوع واحد أسبوعياً تصبح خارج الزمان والمكان إذا كُتبت بعد أسبوع من الحدث وبعد أن يكون عدد كبير من الكتاب تناولوها".
 
أوراق.. نسوية...
في زاوية (أوراق) بجريدة الرأي تكتب العديد من الكاتبات، ويتبادلن أيام الأسبوع، وكثير من الكاتبات وجدن ذلك إنقاصاً من حقهن ومن مكانتهن الأدبية، إلا أن الأديبة ناديا هاشم العالول لم تعد تشعر بالغبن اليوم وبعد سنين من الكتابة فيها، فتقول: "كنت أشعر ببعض الغبن في الماضي لأنني أتبادل الكتابة مع كاتبات أخريات في زاوية واحدة، لكنني الآن لا أهتم كثيراً فقد صرت أجد متنفساً آخر في الكتابة في مجلات وصحف داخل وخارج البلد، إضافة إلى أنني أكتب الرواية والقصة فلا أشعر أنني مضطرة لأن أكتب أكثر من مرة واحدة خلال الأسبوع، هنالك بعض الكاتبات الجيدات اللواتي لا يُفسح لهن المجال حتى مرة واحدة بالأسبوع، وكثيراً ما نسمع من رؤساء التحرير أن الكتابة اليومية تحرق كاتبها طيب دعونا نجرب بعض أقلام النساء ليكتبن يومياً ونرى إن كن يحرقن أنفسهن في الكتابة أم لا".
 
قليلاتٍ... جداً!
ولكن السؤال الذي يتبادر لنا هل عدد كاتبات المقالات معقول؟ وتجيب مامكغ: "عدد الكاتبات قليل جداً قياساً لعدد الكتاب نعم، لكني لا أستطيع أن أقول أنه موقف ضد المرأة، قد يكون الأصل في الأشياء أن الكاتبات عددهن قليل في الأردن، ولست أريد أن أدافع عن رؤساء التحرير ولا المحررين، لكنهم إذا لاحظوا أن هناك قلم نسائي يستحق أن يظهر لا أظن أن أحداً سيصادر هذا القلم، لكن عددهن قليل شئنا أم أبينا، أظن أن المساحة مفتوحة لأي كاتبة على شرط أن تمتلك أدوات الكتابة وإيصال الفكرة بشكل لائق للفكرة، وبالتالي لا أحس أن المرأة مغبونة كما في ميادين العمل الأخرى، وإذا كان هناك شكوى بشكل جاد فهي تُحترم".
 
وقياسا على تجربة ليلى الأطرش فهي تظن أن كاتبة المقال منصفة وتقول "إذا قست على تجربتي، فالكاتبة الأردنية أنصفت، فأنا كنت على الصفحة الأولى في الدستور ثم صرت أكتب في الصفحة الداخلية، وأعتقد أن هذا إنصاف لقدرتي ورؤيتي ككاتبة مقال سياسي اجتماعي، ربما في الجرائد الأخرى إذا تابعنا نلاحظ أن الكاتبات يوضعن في زوايا معينة وتحشر فيها جميع المقالات".
 
لكن المشكلة في نظرها أكبر، فمن ناحية الإنصاف "جميع الكتاب غير مُنصفين من ناحية التقدير المادي وقد تكون هذه مشكلة عربية لكنها تظهر في الأردن أكثر، لأن الأجر الذي يدفع للكاتب شيء معيب جداً وهي مشكلة يجب أن تثار. أحياناً يطلب منا لقاءات صحفية في صفحة كاملة فيجلس الكاتب ويكتبها ويجهزها ثم يعطيها للصحفي، وهذا الجهد غير مدفوع الأجر ومن هذه الناحية فالكاتب غير مقدر، والمشكلة ليس لها علاقة بجنسوية الكاتب وليس هناك تقدير للكتابة بل العكس".
 
لكن.. من المسئول؟
تجيب الإعلامية مامكغ "نحن نتفق على عنصر القول أن القارئ عجول، لذلك فعلى الكاتب أو الكاتبة أن يدرك هذه المسألة ويدرك أهمية السرعة والبلاغة في طرح القضية ضمن المقال، عدا عن ذلك فالخط النسائي أحياناً قد يكون إما استفزازي أو أن يكون فيه الخطاب النسائي النمطي الذي ملّ منه القارئ، دعونا نتبادل المسؤولية فليس الحق دائما على رؤساء التحرير ولا على الصحف ولا الحق على المتلقي، وأحياناً القلم النسائي نفسه يحمل جزء من المسؤولية، ثقافة الشكوى والتذمر والمطالبة بحقوق المرأة وهذه الاسطوانة المشروخة عفا عليها الزمن، يمكننا أن نقدم قضيتنا بشكل آخر ولابوس آخر غير اللابوس النمطي الذي اتخذه النمط النسائي على مدى عقود ولست أظن أننا خرجنا بنتائج باهرة".
 
وترى الأطرش المسؤولية على الكاتبات أنفسهن وعلى الصحف أيضاً "أتمنى أن تفرض الكاتبات رؤيتهن، نحن في زمن تجاوزت فيه الكاتبة الوجدانيات والأمور الحياتية البسيطة، هناك فكر سياسي واجتماعي وثقافي نسائي جميل يجب أن تعبر عنه ويجب أن تعطى له المساحات، فأنا أجد معظم الصحف تقريبا تعامل المرأة الكاتبة بقلة تقدير لست أريد أن أسيء أو أسمي صحفاً معينة، لكننا نجد أنهم يضعون مقالتها في زوايا معينة أو مع المبتدئين فلا تؤخذ الكاتبة على محمل الجدّ، وهناك صحف تبرز الكاتبة إذا كانت هذه الكاتبة تستحق ولها من الرؤية والخبرة في الكتابة وتستقطب القراء".
 
 
السياسة... طبعاً!
وفي الوقت الذي تجد فيه الكاتبة مامكغ ابتعادها عن السياسة هو ما جعلها مقروءة أكثر حيث تقول "أنا أكتب منذ سنوات طويلة ولم أحس أن مقالي مسّ على أي مستوى، لا مصادرة لأي عبارة من العبارات ولا حجب مقالات مثلما يحصل مع الآخرين، وما يساعدني على ذلك أن الخط الذي أنتهجه خط اجتماعي إنساني أكثر منه خدماتي سياسي".
 
تجد أخريات قلة إقبال الكاتبات على الخط السياسي سبب في غيابهن، وليلى الأطرش التي تتنافس مع الكتاب الذكور في صفحة المقالات السياسية تقول "نحن نفتقر الى كاتبة المقال السياسي، فعدد الكاتبات السياسيات قليلات جداً، ومعظم كاتباتنا يكتبن في الوجدانيات، فلو أردنا التحدث عن كاتبات المقالات السياسية فهن منصفات، ورفض مقالات الكاتبات ومحاولاتهن يعتمد على نضح المحاولة والتجربة فهذا لم يحدث معي وأنا لا أريد أن أعمم تجربتي ولا أريد أن أعمم تجربة الآخرين لكن من خلال تجربتي مع الصحافة الأردنية لم ترفض لي مقالات سياسية، وخلال ست سنوات من الكتابة الأسبوعية لم تمنع لي سوى 5 مقالات فقط، وأحس أن سقف الحرية الذي أتناوله يتجاوز كثيراً مما يمكن أن تتناوله الكاتبات الأخريات من قضايا سياسية واجتماعية ودينية وأجد أن هناك ترحيباً من الجريدة".
 
بينما تؤكد الكاتبة ناديا العالول أن "النساء أصلاً يبتعدن عن السياسة فكيف في الكتابة السياسية، ربما هو خوف من النتائج ونحن نعيش اليوم في عالم متغير سريع والسياسة تتقلب باستمرار، وفي الحقيقة أنا ألوم المجتمع النسائي وألوم الكاتبات أنفسهن يجب أن يطورن أنفسهن في مجال الكتابة السياسية والثقافة السياسية، ولابد من أن نتثقف بالسياسات الوطنية حتى نستطيع التكلم بها، فإذا كانت المرأة تريد أن تثبت نفسها وتقول أنها تشارك في التنمية الوطنية المجتمعية عليها أن تثبت نفسها سياسيا لتعكس وعي المرأة الأردنية".
 
الكاتبة هي من تقرر..
الكاتبة رنا الصبّاغ تكتب المقالة السياسية أيضاً في جريدة (العرب اليوم) أسبوعياً، وهي ترى أن الحق والمسؤولية تقع على النساء أنفسهن لأن المرأة هي من يقرر إن كانت تود الاستمرار في الكتابة الصحفية والتخصص فيها.
 
وتشرح الصبّاغ "لم أشعر يوماً أن الصحافة الأردنية لا تشجع المرأة إن كتبت، سواء تحقيقات أو مقالات سياسية، وبالنتيجة الكرة في ملعب النساء إذا رغبن في ذلك، فلو أردت أن أكتب كل يوم لكتبت لكن أعتقد أن الكاتب إذا أراد التميز فينبغي أن يهتم بمقالته ويجمع المعلومات ويجمع الأفكار حولها وليس أن تكون مجرد تعبئة كلمات".
 
وتتابع "لا أعتقد أن مشكلة عدم وجود كاتبات سياسيات هي مشكلة الصحيفة، المشكلة أنه ليس هناك الكثير من السيدات اللاتي يستطعن الاستمرار في هذا التخصص، خاصة بعد أن يتزوجن فيأخذن منحى آخر أقل وطأة، ولا أعتقد أن الصحف هي التي تمنع بالعكس المنوعات تأتي بسبب انشغال السيدات بالأولويات في حياتهن الجيدية، والنتيجة هي أن المرأة هي التي تقرر ماذا تريد من مهنتها ومن حياتها".
 
وتشاركها الكاتبة ناديا هاشم العالول الرأي بأن الكاتبات لا يبذلن جهداً للتخصص، لكنها بذات الوقت تؤكد أنهن لم يُعطين الفرصة تماما كما تعطى للرجال، ولو أعطين لتفوقن وتقول: "صحيح هنالك رقابة ذاتية تتكون عند الكاتبة المرأة والكاتب الرجل، ولكن بسبب التربية والتنشئة والأطر التي نشأت فيها المرأة، حينما تصبح المرأة كاتبة فهذه الأطر لا تختفي بين يوم وليلة وحتى لو حاولت أن تتجاوزها فلو أرادت أن تعبر عن نفسها وعن عشقها وعن حبها لأي شيء، تشعر أن هنالك قيوداً عليها لأن المجتمع لم يتطور إلى الحد الذي يستطيع أن يفرق أن هذه كتابة فنية إبداعية بالشخص نفسه أو بمن حوله".
 
فالكاتبة تستطيع إثبات نفسها والتفوق على الرجل أيضاً، تقول العالول "بما أن هناك كاتب جيد فهنالك كاتبة جيدة، ولو أعطيت المجال فهي سوف تتألق في كتابتها، هناك بعض الكاتبات اللاتي لا يجددن أنفسهن فالكتابة تتطلب الكثير من الإبداع والكثير من فتح الآفاق الواسعة والعقلانية لكي تستطيع جذب النظر، ولو أفسح المجال للمرأة أن تكتب كما تريد فحتما ستتفوق وإذا لم تتفوق فسوف تكون مساوية للرجل تماماً".
 
لا ضعف ولا قلة..
الصحف الأردنية تكاد تخلو من كاتبات المقالات بشكل واضح، وإن وجدن فيكنّ اثنتين أو ثلاثة يتبادلن أيام الأسبوع وأحياناً تكون كاتبة واحدة فقط في كل صفحات الجريدة، فليس هناك كاتبات في الملاحق الثقافية ولا حتى في الصفحات الرياضية.
 
لكن رئيس تحرير جريدة (الدستور) اليومية أسامة الشريف، يرى أنه ليس هناك لا ضعف ولا قلة في الوجود النسائي في الصحف اليومية، فهن يكتبن بشكل يومي وأسبوعي ومستمر، حيث يقول "لا أعتقد أن هناك ضعفاً في تواجد الكاتبات في صحيفة الدستور، فيوجد لدينا أكثر من كاتبة فهناك كاتبة عمود يومي وهي حياة حويك عطية، وكاتبات مثل ليلى الأطرش وميساء القرعان وهناك المندوبات الصحفيات فلا أعتقد أن هناك ضعف، وهناك كاتبات كثر في الصحف الأردنية وفي ملاحقها الثقافية، لكن إذا كانت المسألة نسبة وتناسب فربما يكون هناك وفرة من الكتاب الذكور على حساب الكاتبات الإناث في الصحف، وربما هذه ظاهرة عالمية ليست محصورة في الصحف الأردنية".
 
وهذه الوفرة ليست على حساب الكاتبات ويتابع الشريف "ليس هناك قلة في عدد الكاتبات، ووفرة الكتاب الذكور ليست على حساب الكاتبات الإناث، وهن يكتبن في المجالات المختلفة فلدينا الكاتبة عائدة النجار وهدى فاخوري، فلا أعتقد أنه من العدالة بمكان أن نقول أن هناك تفوق عددي كبير من قبل الكتاب الذكور فبكل العالم هناك طهاة أكثر وهناك سائقي شاحنات أكثر وغيره وهذا الوضع متغير وبصالح النساء من خلال الوضع الميداني والظواهر".
 
إذن ما السبب؟ ولماذا لا يُعطين مساحة وأيام أكثر؟ يجيب رئيس تحرير الدستور "قد لا تكون المسألة مسألة عدد بل مسألة نوع، هناك عدد كبير من الكتاب لكن وضع الكاتبات من ناحية المحتوى والمستوى والعرض والمعالجات هو أقل من الذكور، هناك كتاب كُثر يتمنون أن يكتبوا كل يوم، لكن هذا لا يعود الى جنس الكاتب وإنما لقدرة الجريدة على الاستيعاب وهو موضوع مهني بحت وليس له علاقة أبداً بجنس الكاتب".
 
السياسة تحتاج الى العلاقات...
أما بالنسبة لرئيس تحرير جريدة (العرب اليوم) طاهر العدوان فهو يرى أن عدم رغبة النساء في الانخراط بالعمل السياسي هو الذي يؤخر ظهورهن، إلا أن الكثير من الكاتبات بدأن يظهرن ويثبتن رؤيتهن السياسية، والأمر يعتمد على عدد النساء اللاتي يعملن في الصحف أصلاً وهو عدد قليل.
 
 ويقول العدوان "هذا يعتمد على وجود نساء يكتبن ويعملن في الصحافة، وليس على قرار بالتمييز بين الذكور والإناث، وفي العرب اليوم يوجد دور كبير للفتيات والنساء في إخراج الصفحات وتحريرها وغيره، فلدينا صحفيات ومحررات ورئيسات أقسام، ولدينا كاتبات مقالات أيضاً، هناك رنا الصباغ وأمل الشرقي تكتبان مقالاً أسبوعياً، وهناك هادا السرحان تكتب مقالة شبه يومية".
 
هل عدم استقطاب الكاتبات سببه أنهن لا يكتبن في السياسة كثيراً؟
يجيب طاهر العدوان "العمل في الكتابة الصحفية كان يُسند بداية إلى الرجال ولذلك كان منطقيا أن تنحصر المفاصل الرئيسية في الرجال، لكننا الآن في مرحلة الإعلام الجديد والمتطور وثورة الاتصالات وهناك انخراط أكبر من قبل النساء في العمل الإعلامي، ومع الأيام سيكون هناك كاتبات ملحوظات في الصحف، وأشير أنه حتى في الصحافة الغربية نسبة الرجال أكبر بكثير من نسبة النساء في كتابة المقالات السياسية، لأن المسائل السياسية تحتاج إلى متابعة وانخراط في العمل السياسي وعمل علاقات عامة أكثر مع المسؤولين وأصحاب القرارات والمجتمع، وربما حتى الآن النساء يعزفن عن المتابعة في هذه المهنة".
 
ويدعو "إلى انخراط وتطور طبيعي للمرأة لتشغل كافة المجالات، وأنا شخصياً غير متحمس للكوتا النسائية في كل شيء، فعلى المرأة أن تتقدم وتظهر كفاءة في كل شيء ومعروف في الأردن الكثير من الكاتبات المعروفات حتى في الحقل السياسي".
 
ملاحق ومنتديات القراء.. مجاناً!
ما يُلاحظ في الصحف اليوم، أن الكثيرات ممن يكتبن يلجأن إلى صفحات مساهمات القراء وأصدقاء الصحيفة أو الملاحق الشبابية والتي تكون بالطبع مجانية وغير مدفوعة الأجر، ويجدن فيها (أحياناً وليس دائماً أيضاً) متنفساً ما وطريقة وحيدة للنشر، مع أن الكثير منهن تكون على قدرات كتابية عالية.
 
رنا شاور كاتبة مقالة لجأت إلى ملحق الشباب والذي تجد فيه مساحة أسبوعية مناسبة لها كي تعرض فيه ما يخطر على بالها وما تريد أن توصله، وبرأيها أن الكاتبات الجيدات لم يخرجن من مجتمعنا ببساطة، بل بذلن جهوداً مضاعفة كي يخرجن من الإطار المجتمعي الذي يحيط بالمرأة.
 
وتقول شاور "المنظومة الاجتماعية ترفع من قيمة الرجل على حساب المرأة، وقد يكون هذا عائد إلى التنشئة الاجتماعية، فالمرأة تحس أن دورها سيبقى في طيات الهامش الاجتماعي، فلذلك نجد أن الكاتبات لدينا لم يخرجن ببساطة بل حفرن لهن بصمة من خلال جهد عميق، ولذلك فالجهد الذي ستبذله المرأة سيكون ضعف ما يبذله الرجل كي تستطيع اعتلاء المكانة التي تريدها، ومجتمعنا زاخر بالكاتبات والأديبات، وأي إنسان له بصمة تستحق الظهور فستظهر، وبالعكس لدينا أديبات لهن مكانة واسم، والمسألة أن يكون لديك القليل من التحديات، فتتخطيها وتفرضي نفسك على القارئ ككاتبة مبدعة تريدين أن توصلي الفكرة والقضية، في مجتمعنا المرأة اعتادت أن تكون في حماية المجتمع وأن لا تعتلي أي منبر وتتكلم وتعتبرها جرأة لا تستطيع أن تتخطاها لكن في أي مجال من المجالات سواء في الكتابة أو غيرها إذا كان هناك طموح وإصرار على الوصول، فيستطيع أيا كان أن يصل إلى ما يريده".
 
ويبقى السؤال معلقاً أمام هذه المقولات جميعها، فالكاتبة الأردنية على كل المستويات سواء أكانت روائية أو كاتبة مقالة أو غيرها تبقى تعاني من سوء الفهم، وسوء التقدير، وسوء التسويق، إضافة طبعاً إلى تلك المسؤوليات التي تقع على الكاتبات في حياتهن العامة والتي تمنع الكثيرات من الاشتغال على شحن القلم وملئ الأوراق.

أضف تعليقك