كابوس الاسعار من جديد

الرابط المختصر

خلال الشهور الثلاثة الماضية ارتفعت اسعار المحروقات محليا بنسبة تجاوزت الـ 20 بالمئة تقريبا, وتعطي بعض المؤشرات الى ان مستويات اسعار الطاقة ستواصل ارتفاعها وقد يقترب برميل النفط من حاجز الـ 80 دولارا. اما معدلات التضخم التي التي لم تكن تتجاوز بداية العام 2 بالمئة, فانها عاودت للارتفاع بشكل تدريجي وسريع خلال الشهور القليلة الماضية فارتفعت بنسبة واحد بالمئة خلال الشهر الماضي لتبلغ 3.8 بالمئة, وهي نسب ما زالت اقل من توقعات الحكومة التي قدرت التضخم في سنة 2009 بما نسبته 6-7 بالمئة.

عودة الاسعار للارتفاع على هذا النحو سيشكل تحديا واضحا امام الحكومة في امتصاص تداعيات كابوس الاسعار لعدة اسباب, قالتجار سيلجأون اليوم وبسرعة الى زيادة اسعار سلعهم بحجة ارتفاعها عالميا, علما انهم رفضوا تخفيض ذات الاسعار عندما انخفضت قبل فترة بحجة انهم قاموا بتخزين كميات كبيرة بأسعار عالية, فبماذا سيتحججون هذه المرة?

الا ان المشكلة الاكبر التي ستواجه الحكومة هي في عملية ايجاد شبكة أمان اجتماعي قادرة على امتصاص تداعيات ارتفاع الاسعار المتوقعة, بسبب ضعف الموارد المالية ومحدودية الامكانيات, فموازنة 2009 بنيت على وجود دعم جزئي حتى نيسان لبعض السلع الرئيسية مثل الغاز والحبوب, واذا ما حدث تراجع في الايرادات او المساعدات فان احتمالية تنامي العجز ستكون كبيرة, مما يعني ضغوطا مالية جديدة على الخزينة التي لن تقوى عندها على مواجهة ارتفاع الاسعار وتآكل القوة الشرائية للمواطنين.

الوقت يمضي بسرعة, والكل يخشى من تنامي الاسعار بشكل يفوق قدرة الحكومة والمواطنين معا, فهل ننتظر وصول الاسعار الى تلك المستويات ثم نتحرك لمواجهتها?

باستطاعة الحكومة اللجوء للعديد من الوسائل واجراءات احترازية تساهم بالدرجة الاولى في الحد من المبالغة في ارتفاع الاسعار الذي يمارسه التجار بالدرجة الاولى, فتفعيل الرقابة والكشف الرسمي عن مخزونات السلع الغذائية والتأكد من مستويات اسعار الشراء بوساطة البيانات الجمركية سيشكل عقبة امام فئة من التجار التي تتلاعب بقوت المواطنين, تكون تلك الاجراءات مصحوبة بحزمة اجراءات رادعة لكل من يخالف التعليمات او يحاول العبث بالامن الاقتصادي للمواطنين, ولا يضر التلويح باستخدام صلاحيات الحكومة بالتسعير المؤقت اذا كان هناك مبرر واضح في هذا الشأن.

مطلوب من الحكومة ان تعيد النظر في بنود بعض المشاريع المدرجة في موازنة 2009 واعادة تبويب مخصصاتها نحو مشاريع انتاجية مباشرة خاصة فيما يعرف بالمشاريع الصغيرة, وان تعثر ذلك فان هناك مجالا لزيادة مخصصات شبكة الامان الاجتماعي او زيادة الدعم المؤقت لبعض السلع الاستراتيجية.

ما زالت المساعدات الخارجية يوجه الجزء الاكبر منها لمشاريع يتم الاتفاق عليها مع المانحين لتنفيذها, وفي اعتقادي انه من المفترض ان توجه تلك المساعدات وبالاتفاق ايضا مع الدول الصديقة لقضايا تتعلق بالامن الاقتصادي للمواطنين.

التحرك الحكومي في المرحلة المقبلة سيكون له دور فاعل في عملية تحقيق الاسعار, وللحكومة تجربة ناجحة العام الماضي في امتصاص الكثير من التداعيات السلبية لجنون ارتفاع اسعار السلع, والكل ينظر الى الاجراءات المقبلة الوقائية قبل وقود الازمة فعليا على ارض الواقع, ففي ايدي السلطة التنفيذية الكثير من الاجراءات بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني لحماية المواطنين من كابوس الاسعار المقبل.0