قانون المساءلة الطبية ... عدم الاقرار لمصلحة من?

قانون المساءلة الطبية ... عدم الاقرار لمصلحة من?
الرابط المختصر

عاشت ميرفت السلامين امومتها لاقل من شهرين فهي كانت تعلم ان من عاش برحمها 9 اشهر سيموت بعد ولادته لاصابته بتشوهات خلقية استسقاء دماغي حكايتها لم تنته بعد فهي خاضت ذات التجربة للمرة الثانية لكنها في هذه المرة كانت الاقسى عليها بسبب خطأ طبي لازم ولادتها ادى الى وفاة طفلها الثاني محمد الذي توفاه الله بعد سبع ساعات على ولادته واستئصال رحم جعل منها عقيمة .

قضية ميرفت ما تزال تراوح بين اروقة المحاكم منذ ان بدأت مشوارها في التقاضي قبل 4 سنوات لم ينته بعد وتتساءل لماذا هذا النوع من القضايا يشملها العفو العام?

رغبتها في امومتها كانت اشبه بحصان جامح تريد ان تعيش هذه التجربة من جديد الا ان ما جرى لها خلال ولادتها الطفل الثاني محمد الذي توفي هو الاخر بعد ان عاش لـ 7 ساعات بـ اختناق شديد بسبب التأخر في الولادة لكن ليس بسبب تشوه خلقي بل بسبب خطأ طبي واهمال من طاقم المستشفى التي املت ان ترعى ابنها وان تمسد على جبينه بعد ان اضناها موت طفلها الاول واجهاض طفلها الثاني ووفاته بسبب تأخر الولادة وفاجعتها في نفسها بعد ان علمت ان امومتها ذهبت مع الريح بسبب استئصال الرحم لها واجراء 5 عمليات في اقل من 40 يوم نفاس.

فهي ذاتها الام التي عاشت تجربة مريرة بعد ان استؤصل رحمها بالخطأ لتعيش بقية حياتها عقيمة جراء خطأ طبي واهمال من قبل الكادر الطبي في احدى المستشفيات.

معاناة هذه السيدة لم تتوقيف منذ 4 سنوات مضت بل ما زالت متواصلة مع شمول قضيتها ضد المستشفى واطبائه بالعفو العام.

رغم مرور 4 سنوات على قضيتها ومعاناتها الا انها ما زالت تشعر بألم المخاض الذي لم يفراقها كلما لازمها شعور نبض جنين في احشائها.

ميرفت السلامين تروي ما حدث معها وتقول ذهبت الى احد المستشفيات العسكرية في حالة ولادة وكان اول طفل عاش شهرين وبعد ان حملت بالطفل الثاني تابعت مع الطبيب المختص وابلغته بكافة تفاصيل الحمل الاول ,وكنت مهتمة وحريصة على الحفاظ على هذا الحمل خاصة واني عشت تجربة الامومة مع الطفل الذي توفاه الله.

وتابعت روايتها حول ما حدث معها كنت اعاني من الم شديد يوم ذهبت الى المستشفى الا انهم اعادوني الى المنزل وابلغت الطبيبة باني تعبانة وتسلمت اوراقي ,وكانت من كشفت طبيبة مقيمة على حالتي ولم يتوفر طبيب اختصاصي وكان الالم يزداد معي لدرجة لا تحتمل وعدت مرة اخرى للمستشفى وعندما وصلت كنت في وضع سيىء وكان ينتابني الم غير طبيعي وكنت ابلغ طاقم التمريض والطبيبة المقيمة بذلك الا ان احدا لم يستجب.

وزادت السلامين ما كنت امر به لم يكن الم مخاض فقد مررت بهذه التجربة في الحمل الاول ولا اعلم الوقت الذي مضى علي وانا بهذه الحالة دون ان يهتم احد لوضعي وانا بالمستشفى حيث تمالكت نفسي ووصلت الى الممرضات عندها اصبت بنزف وتم نقلي الى السرير.

وتقول ميرفت ان مشوارها بدا عند هذه اللحظة وحسب التقرير فان العملية قد اجريت متأخرة حيث كان الطبيب الاختصاصي المناوب قد عاد الى منزله وبسبب ما حدث من خطأ فقد اجريت لي 5 عمليات في شهر وكانت اول عملية ولادة الجنين قيصرية والعملية الثانية استئصال الرحم بالخطأ وتبين ان النزيف ليس بسبب الرحم وانما جراء اصابة احد الاوردة الفرعية بنزف اما العمليات الثلاث الاخرى فقالت عنها كنت قد عدت للمستشفى بعد ان تبين ان الطاقم الذي اشرف على وضعي نسي قطعة شاش في بطني فاجريت لي عملية وغادرت المستشفى الا ان الما في البطن ظل ملازما لي وعدت الى المستشفى وتم تصويري شعاعيا ولم ابلغ وقتها باي شيء وعدت الى منزل عائلتي في وادي موسى الا ان زوجي تلقى اتصالا من المستشفى يطلب عودتنا حيث كان قد اكتشف بالصورة قسطرة على الكلى جراء خطأ الطبيب خلال استئصال الرحم بتقطيب الحالب بغرزة وتم اجراء قسطرة على الكلى حيث اجريت عملية ازالة للقسطرة .

المساءلة الطبية شملها العفو العام

المحامي والنائب السابق جمال الضمور رد على سؤال ميرفت موضحا ذلك ان المساءلة الطبيه كغيرها من القضايا التي تم شمولها بالعفو العام 2011 وعليه فان امر شمول هذا النوع من القضايا بالعفو يرجع الى الجهة التي قامت على اعداد مشروع قانون العفو العام هذا من جانب ومن جانب اخر نجد أن هذا النوع من القضايا كغيره يمس شريحة من الناس شانه شأن القتل غير المقصود 326 قانون العقوبات وحوادث السير التي تؤدي الى الوفاة فهي تسبب ذات الضرر لاهل المجني عليه.

ولا يرى المحامي الضمور شمول هذا النوع من القضايا موضحا ذلك لا يوجد اي سبب للتأخير وذلك لان القاعدة العامة في اصول المحاكمات الجزائية ان الجزائي يعرقل المدني وعليه في هذه الحالة يتم الانتقال مباشرة الى الشق المدني وعلى العكس يجعل من الامر اكثر سرعة للنظر بالادعاء بالحق الشخصي.

وحول شمول هذا النوع من القضايا اوضح ذلك لا يوجد ما يمنع شمولها بالعفو وذلك لان الخطأ الطبي غير مقصود بل على العكس اؤيد شمولها بالعفو.

وقال لا يوجد لدينا قانون للمساءلة الطبيه بل هناك مشروع لم يتم اقراره لغاية هذا التاريخ مؤكدا ضرورة صدور قانون خاص لهذا النوع من القضايا.

الطب الشرعي

د. محمود حرز الله استشاري الطب الشرعي ورئيس قسم طب شرعي مستشفى الامير حمزة وعضو الجمعية الوطنية للسلامة العلاجية (سلامتك) قال ان قانون العفو العام قد شمل قضايا المسؤولية الطبية فتم إسقاط حوالي 160 قضية كانت منظورة أمام المحاكم المختلفة في المملكة.

وزاد الكل معني بتوفير المناخ المناسب لنمو هذا القطاع بشكل سليم وبيئة سليمة ينتج عنها ممارسات سليمة وكذلك كوادر على درجات عالية من المعرفة و الخبرة ووضع القواعد والمعايير التي تضبط الاتجاهات والسلوك على أسس وقوانين وتشريعات تضبط العمل والعلاقة بين الطبيب والمريض. من الضروري أن يطلع الكادر الطبي على القوانين والتشريعات المتعلقة بالعمل الطبي بشكل واضح المعالم ويعرف ما عليه من واجبات وما له من حقوق وفي نفس الوقت ما للمريض والمجتمع من حقوق يجب صونها والمحافظة عليها.

وقال تشكل الأخطاء الطبية (الأحداث العرضية) السبب الخامس للوفيات في الولايات المتحدة الأمريكية حيث يموت سنوياً ما يصل إلى مئة ألف إنسان لأسباب ناشئة عن هذه الأحداث (الأخطاء) بحسب التقديرات المتحفظة للمعهد الطبي (الأمريكي Institute of Medicine أما حجم المشكلة في الأردن فغير موصوف حتى الآن حيث يفتقر الأردن للدراسات والإحصائيات التي تظهر حجم الأخطاء الطبية والحوادث العرضية التي تؤثر في سلامة المرضى في المستشفيات الأردنية.

وعرف د.حرزالله الخطأ الطبي بانه الخطأ الذي لا تقره أصول الطبابة ولا يقره أهل العلم والصنعة من ذوي الاختصاص الناجم عن تقصير أو إهمال أو جهل أو عدم بذل العناية اللازمة من قبل الطبيب أو الفريق الطبي المعالج ونجم عنه ضرر أو وفاة أو هو كل نشاط سواء بالفعل أو الترك لا يتفق مع القواعد الطبية وينتج عنه ضرر لذلك فان المسؤولية الطبية ضرورة لحفظ حقوق المريض والطبيب وتطوير مهنة الطب والقطاع الصحي.

وزاد لزيادة خبرة الاطباء العلمية والعملية ولتشجيع الاطباء على الاجتهاد العلمي ضمن ضوابط اخلاقية وعلمية صحيحة وموثقة اضافة للتقليل من الاخطاء الطبية وزيادة الحذر والانتباه وللحفاظ على السمعة العالية للطب وقد اقر الدستور الطبي ذلك من خلال المادة 1 مهنة الطب مهنة انسانية اخلاقية وعلمية قديمة قدم الانسان تحتم على من يمارسها ان:-

يحترم الشخصية الانسانية في جميع الظروف والأحوال وان يكون قدوة حسنة في سلوكه ومعاملته وان يكون مستقيما في عمله وان يكون محافظا على ارواح الناس وأعراضهم ورحيما بهم و باذلا جهده في خدمتهم.

وقال تقوم المسؤولية الطبية بين الطبيب والمريض على بذل العناية وعدم الاهمال وليس الشفاء اما بالنسبة لاثبات الخطأ الطبي فهناك شرط اثبات ارتكاب الطبيب للخطأ الطبي يتطلب ثلاثة شروط:

1- اثبات تعرض المريض للضرر

2- اثبات وجود علاقة سببية مباشرة بين الخطأ والضرر.

3- اثبات المشتكي واللجنة الطبية الفنية والقضاء حدوث الخطأ الطبي.

ولفت الى ان دور الطب الشرعي في الكشف عن الخطأ الطبي وتشخيصه واثبات العلاقة السببية بين الفعل الذي قام به الطبيب والضرر الذي نتج عنه كذلك للطبيب الشرعي دور في المحكمة بتقديم الخبرة الفنية في هذا المجال

فمعيار المسؤولية معيار يعتمد على خبرة من اطباء تطلب خبرتهم في تحديد ما اذا كان ما قام به الطبيب المشتكى عليه هو امر يخرج عن المألوف لدى الاطباء ام لا.

مسؤولية الطبيب هل هي مسؤولية تقصيرية ام تعاقدية?

وحول طبيعة مسؤولية الطبيب هل هي مسؤولية تقصيرية ام تعاقدية يفسر الباحث في الاخطاء الطبية الناشط في قضايا المساءلة الطبية المحامي ناصر ابو رمان ذلك في ان المسؤولية الطبية تقع عند الاخلال بالتزام مسبق متفق عليه بالعقد الذي هو مصدرالالتزام الذي يعينها ويحددها وذلك لتعويض الضرر الذي يحدثه الشخص بغيره نتيجة اخلاله بالتزام سابق وزاد من شروط تحقيق الخطا العقدي ان لا يخالف القواعد الاجتماعية والاداب العامة وان لا يحتوي الخطأ على شروط مخالفة لاحكام القانون وقواعده وفصل ابو رمان ذلك في ان العقد الطبي الذي يتضمن موافقة طبيب ومريضه على اجراء عملية اجهاض هو عقد باطل اصلا لانه مخالف لاحكام القانون في المادة.

وزاد ان الطبيب ومريضه يرتبطان في اغلب الحالات بينهما بموجب عقد اذ يكفي ان يلاحظ في هذا الاطار انه بمجرد فتح الطبيب لعيادته وتعليقه لافتة فانه يضع نفسه في موقف من يعرض الايجاب ويتحصل من هذا ان اي مريض يقبل بهذا العرض الذي توجه اليه لتلقي العلاج انما يبرم مع هذا الطبيب عقدا بصورة طبيعية وهذه الاركان الخطأ - الخطأ العقدي- وهو عدم تنفيذ المدين لالتزامه الناشئ عن العقد.

واذا كان البعض يذهبون الى تركيز المسؤولية على اساس العقد واساس الخطا معا فان الاجماع يكاد ينعقد على طبيعتها التعاقدية الا في الحالات خاصة اهمها الحالات المنطوية على جريمة جزائية والحالات الخارجة عن دائرة التعاقد او الناشئة عن بطلان العقد لسبب غير مروع والحالات المنبعثة عن اعطاء الارشادات والتقارير الكاذبة ونشر الاراء العلمية المنطوية على اخطاء في تعيين الجرعة الجائز استعمالها في بعض العلاجات وخاصة تلك التي تحتوي بعض المواد السامة والضارة.

ويعرف وفق ابو رمان الخطأ الطبي باي انحراف غير مقصود او مقصود في بعض الاحيان عن الصواب المتمثل في اخلاء الطبيب بواجباته وعدم تنفيذ التزاماته المتمثلة ببذل العناية الطبية التي تفرضها اصول مهنته واختصاصه ومقتضيات فنه وعلمه ومتابعة تطوره بحيث لا يقوم بعمله بحذر وانتباه وتيقظ, ومقياس خطاه بما هو متفق عليه بين جمهور المهنة من ذات التخصص والدرجة العلمية في ذات الظروف.

واكد ابو رمان ان الخطأ الطبي يقع نتيجة ممارسة خاطئة من قبل الطبيب اثناء تأديته للواجبات وهذا يوضح كيف الخطا من حيث المسؤولية وهو تقصير في مسلك الطبيب وهذا يعني انه ما كان لهذا الخطا ان يحدث لو كان هناك طبيب اخر يقظ وحريص مكان الطبيب المسؤول وتحت نفس الظروف.

وحمل ابو رمان المسؤولية الطبية للطبيب موضحا ان ذلك يعتبر الخطأ موجبا من موجبات المسؤولية الطبية لما فيه من تسبب في الاتلاف لنفس الانسان او منافعه, والخطأ من الطبيب يكون بان يجري الطبيب الفحص الطبي اللازم للمريض, ثم يشخص المرض ويحدد نوعه على ضوء الفصح الذي اجراه, وبعد ذلك يصف الدواء المناسب لهذا المرض ويحدد نوعه على ضوء الفحص الذي اجراه, وبعد ذلك يصف الدواء المناسب لهذا المرض الذي تبين له غير ان حالة المريض الصحية تزداد سوءا او يشتد وقع الام المريض على جسمه فيتبين ان الطبيب قد اخطأ في تشخيصه للمرض ومن ثم اخطاء في وصف الدواء.

واضاف يقدر الطبيب ان حالة المريض تستدعي اجراء عملية جراحية لازالة ورم او استئصال عضو او غير ذلك وبعد ان يتم اجراء العملية يتبين ان علاج المريض لا يستدعي اجراء هذه العملية وان الادوية يمكن ان تزيل هذا الورم من جسم المريض.

واوضح في اجابته على سؤال على من تقع المسؤولية الطبية انه لابد لكي تقع المسؤولية الطبية على الطبيب فلا بد من تحقيق شرطيين اولهما وجود الاذى والضرر لدى المريض والاخر وجود الصلة بين الضرر الحاصل والخطأ الطبي الواقع من الطبيب من خلال مداخلته الطبية.

واكد ابو ناصر ان المحاباة والواسطة في هذا الموضوع يؤدي بشكل كبير الى ضياع حقوق المريض او عائلته ويتمثل ذلك احيانا بشكل جلي في تدخل الواسطة لدى اطباء الخبرة الذين طلب منهم من قبل المحكمة او القاضي ابداء الخبرة حول وجود او عدم وجود خطأ او اهمال من قبل الطبيب المعالج فتاتي نتيجة الواسطة او التوسط في الكثير من الحالات نتائج سلبية تؤثر على قرار المحكمة وبالتالي تؤدي الى ضياع حقوق المريض او عائلته.

جمعية سلامتك

من جانبها قالت رئيسة الجمعية الوطنية للسلامة العلاجية (سلامتك) يسرى عبد الهادي ان الجمعية تلقت العام الماضي وهذا العام ما يقارب 120 شكوى حول الأخطاء الطبية وقد استطاعت الجمعية أن تحل الكثير منها بالتوافق بين المريض والطبيب واحيل بعض منها إلى القضاء.

واضافت ان الجمعية على استعداد لعقد دورات للأطباء ومقدمي الخدمات الصحية والحقوقيين من قضاة ومحامين لتعريفهم بالخطأ الصحي وكيفية إثباته وتبعاته وكذلك للمواطنين لتوعيتهم بحقوق المرضى وذلك للارتقاء بمهنة الطب والمهن الصحية الأخرى للحفاظ على السمعة الطبية الأردنية التي اكتسبت مكانة في العالم وليصبح الأردن مقصدا للمرضى من مختلف دول العالم بما فيها أمريكا وكندا وأوروبا بما يعود على هذا الوطن من خير وازدهار.