في مسيرة حاشدة.. وداعا حكيم فلسطين
اختلطت أصوات الناس مع وقع أجراس كنيسة الروم الأرثوذكس في الصويفية ظهر الاثنين، معلنين انتهاء مسيرة رجل كان وما يزال "حكيما" للثورة الفلسطينية.ذلك كان في مسيرة حاشدة انطلقت من مستشفى الاردن المكان الذي سلم روحه فيه الى ربه، مسيرة الحكيم كما يلقب ومؤسس حركة القوميين العرب والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، إنه جورج حبش الذي وري الثرى عن عمر ناهز 83 عاما، قضاه مناضلا لأجل قضيته التي أمن بها ونذر حياته لأجلها.
وجال موكب الحكيم الذي وصل إلى ألفي مشارك من أصدقائه ومحبيه في شوارع عمان وصولا الى كنيسة الروم الأرثوذكس، وسط حشود غفيرة ودموع حارقة وهتافات وتصفيق وزغاريد متواصلة ومراسم عسكرية رسمية من جيش "بدر" في الأردن.
اكتست الجنازة التي وصفت بالتاريخية بأعلام الجبهة الحمراء وصور الحكيم وشعارات تنعى القائد البطل "وداعا يا راعي الوحدة الوطنية" شعار رددته الألسن ولم يكن مكتوبا فقط على اليافطات إنما كان كلمة تجديد لعهد كان قد بدؤه منذ خمسينيات القرن المنصرم.
"جورج اسم من أسماء فلسطين وسيظل خالدا فينا ما دامت فلسطين خالدة"،" وداعا أيها الرفيق سلم على من سبقك"،" عاش مناضلا ومات مناضلا "،" وداعا أيها الحكيم أننا على العهد باقون"،" جورج حبش ما مات لو حطوا في التابوت".
ورفض المشاركون في المسيرة التي جاب بها أصدقاء ومحبي الحكيم ان تكون جنازة يعلن فيها وفاة قائد ورمز حركة النضال الفلسطيني، وإنما مسيرة لاستمرار العمل النضالي وتحرير فلسطين من ويلات وظلم الاحتلال الإسرائيلي.
ولم تكن الشخصيات والقيادات الحزبية في فلسطين وأعضاء عرب في الكنيست الإسرائيلي ووفود عرب 48 والأردن تنعى منزلة حبش التاريخية فقط بل فلسطين التاريخية.
الى ذلك، اجمع رموز فلسطينية أثناء القداس على روحه ان نهج الحكيم سيستمر، مستذكرين ابرز محطات حياته الإنسانية ودوره في تأسيس حركة القوميين العرب ثم الجبهة الشعبية.
شخصيات فلسطينية في الجنازة...
ماهر الطاهر، أمين السر القطري للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ومسؤول الجبهة في الخارج، اعتبر في كلمة ألقاها أمام جسد حبش المسجى في تابوت والمغطى بالعلم الفلسطيني، ان الحكيم بقي مناضلا لآخر نفس في روحه، حاملا هموم شعبه على عاتقه بقوله " في آخر لحظات حياته سألني ما هي أحوال غزة، قلت له ما آلت إليه الأوضاع وكيف اقتحم الفلسطينيون معبر رفح الحدوي الرابط بين مصر وغزة، أجابني الحكيم سيأتي يوم وسوف تُقتحم كافة الحدود العربية وتفتح كل الحدود العربية".
وأكد الطاهر مواصلة المقاومة حتى تعود أرض فلسطين كما أراد الحكيم" قائدنا الحكيم الحبيب جورج حبش بكل الحزن المقرون بالاعتزاز والفخر بأننا ننتمي الى حركة أسسها القائد الرمز الوطني الفلسطيني الكبير والقائد القومي العربي الكبير جورج حبش، فالحكيم هو مدرسة فكرية وسياسية وأخلاقية علمنا المبادئ والاستقامة والتمسك بالحقوق والإصرار على تحقيق الأهداف".
وتابع الطاهر:" اليوم الجبهة الشعبية تشعر بان هذه الخسارة الكبرى ليس فقط للجبهة وإنما للشعب الفلسطيني بأسرة، ونعاهد قادتنا أمام امتنا العربية وأصدقائنا في العالم لكفاح حقيقي ضد الامبريالية والظلم ونعاهد أننا سنبقى أوفياء لتراثه ومبادئه وأفكاره ومثله وقيمه التي أمضى حياته من اجل تحقيقها".
وشارك في تشييع الجثمان رئيس المجلس الوطني الفلسطيني سليم الزعنون ممثلا عن الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي اكد في كلمة ألقاها أمام الحشود استمرار مسيرة الحكيم النضالية، وان الحكيم قد رحل في وقت تتعثر به الآراء.
من جهة ثانية، اكد أمين عام الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين نايف حواتمة وفي حديث خاص لراديو البلد مواصلة نهج ودرب الحكيم الذي جمع بين المقاومة وتطوير الخط السياسي والثقافي والفكري، وان النصر قادما، "جورج حبش رفقة عمر طويلة على درب انجاز حقوق شعبنا الفلسطيني بطرد الاستيطان والاحتلال وبناء حق تقرير مصير وحق دولة فلسطين المستقلة عاصمتها القدس وعودة كافة اللاجئين".
وتابع حواتمة " سنواصل هذه الدرب حتى ننجز لشعبنا بأمل ان تتكحل الأجيال الحالية بانجاز هذه الحقوق كخطوة كبرى على طريق فلسطين الديمقراطية والموحدة من بحرها الى نهرها؛ الثورة والمقاومة والانتفاضة والنضالات السياسية والجماهيرية والفكرية متواصلة تكتسب زخما متواصلا بحكم الأجيال الفتية الشابة المنخرطة بجموع الحركة الوطنية الفلسطينية".
وبين رئيس المبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي ان رحيل الحكيم بمثابة خسارة ليس للشعب الفلسطيني فحسب وإنما للعالم اجمع" سنبقى مخلصين لمثله التي علمها للشعب الفلسطيني".
في حين قال ياسر عبد ربة عضو اللجنة المركزية في منظمة التحرير الفلسطينية أن الحكيم "قائد تاريخي كبير واستثنائي على صعيد الأمة العربية كلها وفلسطين كذلك، وسيترك فراغا لا يمكن ان يملؤه احد فهو مدرسة فكرية وسياسية ونضالية كما هو أخلاقية، وكل فلسطيني اليوم يشعر بخسارة جورج حبش الكبيرة"..مؤكدا استمرار مسيرته النضالية.
احمد الطيب، عضو عربي في الكنيست الإسرائيلي، أعتبر رحيل الحكيم خسارة كبيرة "هو أسّس هذه المسيرة وسوف تستمر".
د. جمال زحلاقة، من كتلة التجمع الوطني الديمقراطية البرلمانية، الذي آتى من فلسطين الـ48 بالإنابة عن رئيس التجمع المفكر عزمي بشارة.."خسارة كبيرة للشعب الفلسطيني ونحن فلسطينيي الداخل نشعر بأسى كبير لفقدان الحكيم الذي اهتم بكافة أجزاء الشعب الفلسطيني بما فيه الفلسطينيين في الداخل".
الحكيم..لم يمت..
زوجة الراحل، هيلدا حبش والتي كانت وسط الجموع قالت إن مسيرة زوجها ستستمر "لن تموت"، لأنه ربى أجيالا على طريق طويلة رغم كل هذه الصعوبات إلا ان الإرادة والعزيمة قوية، كما علمنا الحكيم سنبقى أوفياء لدماء الشهداء وللقضية ومسيرتنا ستستمر وستبقى الراية مرفوعة".
ان عشت فعش حرا... او مت كالأشجار واقفا... وداعا حكيم فلسطين..هي كلمات كانت مكتوبة على ورق حملها شباب اعتبروا أنها أبلغ من الخطابات الحزينة على فراق الحكيم...
الى ذلك سيفتح بيت العزاء أمام مقر السفارة الفلسطينية في عمان خلف فندق عمون بين الدوارين الرابع والخامس اليوم وغدا. بالإضافة إلى قداس سيقام لروحه يوم الأربعاء القادم في كنيسة روم الأرثوذكس في الصويفية.
من هو الحكيم...
جورج حبش من مواليد عام1925في مدينة اللد، يعتبر مؤسس الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وأحد أبرز الشخصيات الوطنية الفلسطينية، يلقبه مؤيدوه بالحكيم وسبق له ان شكل مع المناضل يعقوب زيادين حالة وحدة مدهشة، حين اختار ابن اللد ان يخوض الانتخابات النيابية عن عمان وخاض ابن الكرك الانتخابات عن القدس.
| لقطات فيديو |
إستمع الآن











































