في ذكرى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان: مطالبات بإعادة النظر في تركيبة مجلس الأمن

يشارك الأردن هذا العام بالاحتفال بالذكرى الـ 75 للإعلان العالمي لحقوق الانسان، وسط تجاوز الاحتلال الإسرائيلي واستمرار ممارسته  لمختلف الانتهاكات الصارخة  ضد أهالي قطاع غزة، ضاربا بعرض الحائط  المفاهيم القانونية التي تؤكد على حقوق الإنسان في مختلف جوانبها.

يتضمن الإعلان من 30  بندا، جميعها تمس جوانب مختلفة من حقوق الإنسان، ولكن الاحتلال خرج عن مساره  في حربه على القطاع  مرتكبا ابشع الجرائم في المستشفيات والمدارس ودور العبادة، مع تصعيد العنف وقتل الأطفال وتشريد السكان من منازلهم الآمنة إلى أماكن لا توفر أدنى درجات الأمان.

وتنص بعض مواده، كالمادة الأولى يولد جميع الناس أحراراً ومتساوين في الكرامة والحقوق، وفي المادة الثانية نصت ان لكلِّ إنسان حقُّ التمتُّع بجميع الحقوق والحرِّيات المذكورة في هذا الإعلان، دونما تمييز من أيِّ نوع، ولا سيما التمييز بسبب العنصر، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدِّين، أو الرأي سياسيًّا وغير سياسي، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي، أو الثروة، أو المولد، أو أيِّ وضع آخر.

رغم أن  شعار الاحتفال بالإعلان العالمي لحقوق الانسان لهذا العام يتناول  مفاهيم الكرامة والحرية والعدالة للجميع، الا أن الواقع يكشف عن تناقضات مؤلمة في ظل ما يمارسه الاحتلال من انتهاكات صارخة ضد  سكان القطاع.

اثناء مشاركة نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي، في الجلسة الافتتاحية لأعمال النسخة الحادية والعشرين من منتدى الدوحة أكد أن" إسرائيل تتحدى العالم وتنتهك القانون الدولي وترتكب جرائم حرب في حربها المستمرة على قطاع غزة المحاصر، داعيا الولايات المتحدة أن تمارس ضغوطا أكبر على إسرائيل".

 

المعضلة بتركيبة مجلس الأمن

 

يوضح الناشط الحقوقي والمختص بالاتفاقيات الدولية رياض صبح أن المنظومة الدولية لحقوق الإنسان تتألف من جوانب رئيسية هي المبادئ والمعايير وآليات المساءلة،  معتبرا الجانب الأول لا خلاف عليه باعتباره جهد مشترك من قبل جميع دول العالم التي ساهمت في تطوير هذه المنظومة، أما الجانب الثاني الخاص بالمساءلة، له علاقة بآليات حقوق الإنسان المباشرة، ويشمل معايير مزدوجة من خلال مجلس حقوق الإنسان ولجان الاتفاقيات.

ويشير صبح الى أن المشكلة تكمن عند الانتقال إلى القانون الإنساني الدولي والقانون الجنائي، حيث يتعلق باتخاذ القرارات هذه الحالة بمجلس الأمن، الذي يتألف من خمس دول أعضاء دائمة هي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين، وأي من هؤلاء الأعضاء يمتلك حق النقض الفيتو، فإنه يلغي القرار.

ويوضح صبح أن هناك مطالبات لإعادة النظر في ميثاق الأمم المتحدة وتركيبة مجلس الأمن، فما تقوم به إسرائيل مخالفا لهذه المعايير، نظرا لتعقيد الآلية المعتمدة في مجلس الأمن، وليس بناء على المعايير التي تدين تلك المخالفات. 

وبناء على ذلك، عقد مجلس الأمن الدولي مؤخرا جلسة طارئة للتصويت على مشروع قرار يطالب بالوقف الفوري لإطلاق النار في قطاع غزة لأسباب إنسانية، قدمته الإمارات العربية المتحدة، وشاركت فيه أكثر 80 دولة بينها تركيا، إلا أن المجلس لم يتمكن من اعتماد مشروع القرار، الذي حصل على تأييد 13 عضوا من أعضاء المجلس الخمسة عشر، مع امتناع المملكة المتحدة عن التصويت، بسبب استخدام الولايات المتحدة حق النقض "الفيتو".

 

المحاكم الدولية تتبع الازدواجية

 

يشير أستاذ القانون الدولي العام وحقوق الإنسان أيمن هلسة إلى أن تقديم شكوى ضد الجرائم الإسرائيلية من قبل المجتمع الدولي يجب أن يتم من خلال مجلس الأمن، أما التدخلات الفردية من قبل منظمات اقليمية أو دول فردية، يصعب إيجاد غطاء شرعي لها.

ويعتبر أن عدم قدرة مجلس الأمن على اتخاذ قرار يقضي بوقف إطلاق النار وإحالة إسرائيل للمحكمة الجنائية الدولية، يشير إلى درجة الازدواجية التي يتعبها المجلس بسبب حق النقض الذي تمنحه للولايات المتحدة الأمريكية.

يعتقد أن تحرك وموقف المجتمع الدولي في مواجهة المجازر الاسرائيلية في قطاع غزة هو أمر إيجابي، ولكنها غير قادرة على التحرك  وفقا للقانون الدولي، مشيرا إلى أن أفضل وسيلة على الصعيد الدولي بعد مجلس الأمن هو القرار الذي تم اتخاذه بالجمعية العامة تحت مسمى "الاتحاد من أجل السلام"، ومع ذلك يعتبر هذا القرار في النهاية توصية، وليس ملزما قانونيا ولكن إذا تصرفت الدول وفقًا له، يمكنها أن تقدم دعوى بناءً عليه.

وكان قد فشل مجلس الأمن في اجتماعه الأخير في إصدار قرارين حول الصراع في غزة، الأول في 16 أكتوبر تقدمت به روسيا لإدانة العنف ضد المدنيين و التصعيد العنيف في غزة وفشل التصويت عليه لعدم حصوله على حصة الأصوات المطلوبة، والثاني تقدمت البرازيل بمشروع قرار جديد حول ذات الموضوع في 18 أكتوبر الجاري والذي أجهضه الفيتو الأمريكي.

 

ضعف وتقصير بالجهود العربية

 

رغم الجهود التي يبذلها المجتمع العربي للضغط على الجانب الإسرائيلي والإدارة الأمريكية بهدف وقف إطلاق النار في قطاع غزة، إلا أن تلك الجهود يصفها المراقبين بأنها لا ترتقي بمستوى ما يحدث، وهي عبارة عن شعارات وتنديدات لا تقدم شيء.

ويصف صبح الآليات العربية مثل جامعة الدول العربية واتفاقية الاتفاق العربي المشترك، بانها غير نشطة وهناك تقصير في تفعيلها وهذا هو الجانب الحقيقي للمشكلة، مشيرا إلى بانه يجب أن يكون هناك ضغط على المحكمة الجنائية الدولية، حيث يمكن للمدعي العام القيام بإجراءات بشكل فردي، ومع ذلك

ويعتبر ما يجري في الأمم المتحدة ومجلس الأمن هو انعكاس صريح لتوازن القوى في العالم، في المقابل لا يوجد قوة عربية ضاغطة لوقف إطلاق النار في القطاع.

في قراءة  سابقة لمحلليين حول نتائج القمة العربية الإسلامية المشتركة، التي عقد خلال الشهر الماضي، وصفت بأنها فاشلة نظرا لعدم استثمار الضغوط المتزايدة ضد الاحتلال الإسرائيلي والدول الداعمة له، في مواجهة ما يتعرض له قطاع غزة من عدوان غير مسبوق لا يزال مستمرا رغم الأوضاع المتدهورة على مختلف الأصعدة في القطاع.

أضف تعليقك