في القدس .. مدارس لتوظيف العاطلين ولا مكان للطلبة
مدارس بيت حنينا وشعفاط التابعة لبلدية الاحتلال في مدينة القدس، لا تعد بنظر الأهالي مكانا مناسبا لتلقي العلم ولا مكانا يضمن أمن أبنائهم، بل البديل الوحيد المتوفر ليتخطى أبناءهم المرحلة الثانوية بأقل التكاليف الممكنة، في ظل توفر مدارس خاصة تطرح نفسها كبديل ذي تكلفة عالية جدا تتراوح بين (9 – 12) ألف شيقل كل عام للطالب الواحد.
صفوف مكتظة، ومعلمون غير مكترثين، وبيئة صحية معدومة، وعنف، وتسرب لا حدود له، واقع يسيطر على تلك المدارس، د.ح والدة طالبين في مدرسة بيت حنينا طلبت عدم ذكر اسمها خوفا من ملاحقة أبنائها، قالت لـ"هُنا القدس" ،" إن أبنائي كانوا من المتفوقين في المدارس الأساسية والآن معدلهم يكاد يصل إلى (70%) فلا يوجد اهتمام ولا يوجد تدريس مناسب"، مضيفة، "عندما أراجع أبنائي في دروسهم وأحضر لهم ألاحظ أنهم لا يعون شيئا من الدرس الذي درسوه اليوم".
د.ح أوضحت لـ"هُنا القدس" أن مدرسة بيت حنينا عبارة عن عدة مبان أقيمت لغرض السكن بالأساس استأجرتها بلدية الاحتلال، ومقامة على الشارع الرئيسي، ولا تحتوي على ساحة ولا يوجد فيها ألعاب ترفيه، "لا يوجد حارس على باب المدرسة ويمكن لأي طالب الهروب من المدرسة بكل سهولة".
وعن الكادر التدريسي، قالت د.ح لـ"هُنا القدس" أن معلمين يقضون وقتهم في الحصص الدراسة يلعبون على هواتفهم، ويجرون اتصالات خاصة وشخصية في الوقت المخصص لتدريس الطلبة" مضيفة،"يعين الأستاذ ثلاثة أو أربعة أسئلة للطلاب ليحفظوها ويقدموا بها الامتحان حيث يأتي الامتحان تماما كما الأسئلة" .
وذكرت د.ح أن الأساتذة لا يتدخلون بحل المشاكل التي تقع بين الطلبة والتي يتخللها العنف الشديد،"يستخدم الطلبة شفرات البراية والمساطر الحديدية لإيذاء بعضهم"، مضيفة ، "يخبرني ابني عن المشاكل التي تقع على مرأى من المعلمين والمدير ولا يحدث أن يتدخل لفك الصراع".
وتبين د.ح أنها زارت المدرسة مرات عديدة لتقديم شكوى كما وأجرت اتصالات عشرات المرات، " لا يعطوا أي اهتمام لشكوى الأهالي، وعندما يشتكي أحد أولياء الأمور يتم الانتقام من ابنه".
وأشار د.ح أن الطلاب محبطون جدا جراء الأسلوب الذي يتم التعامل معهم فيه، مشيرا أن الأساتذة ينعتون الطلبة ويشتمونهم بألفاظ سيئة جدا " يصف الأستاذ الصف بحظيرة الحيوانات وعندما يخطئ طالب يطلب من الطلبة الآخرين وصفه بالحمار".
د.ح تطمح أن تضع أبناءها في مدارس خاصة لانتشالهم من هذه المدارس، إلا أن وضع العائلة المادي لا يسمح لها بذلك، "مدرسة عزيز دعيس أحد المدارس الخاصة المشهورة جدا في بيت حنينا حيث أنها تتبع النظام العسكري والانضباط والحفاظ على أخلاق الطلبة" مشيرة إلى أنها لا تفتح باب الالتحاق بها ولا تقبل أي طالب يقدم لها " لمدرسة تغربل الطلبة وتختار منهم من تراه مناسبا".
من جانبها، أوضحت إيمان فراح أم أحد الطلبة في مدارس شعفاط لـ"هُنا القدس"، أن لديها ثلاثة أبناء في الجامعات وطفلين في مدرسة خاصة وطفلين في مدرسة شعفاط التابعة لبلدية الاحتلال، مشيرة إلى أنها تتمنى إنقاذ أبنائها من مدرسة شعفاط بعد تردي تحصيلهم العلمي، إلا أن ما يترتب عليها من غرامات وضرائب فرضتها بلدية الاحتلال تجعلها عاجزة عن ذلك.
وبينت فراح أن عليها (67) ألف شيقل غرامات تدفع كل شهر (720) شيقل ، وأرنونا (12) ألف شيقل، مؤكدة أن بلدية الاحتلال ستجدد لها الغرامات بعد أن تنتهي، "ابنتي تدرس المحاماة في جامعة القدس حتى تدافع عني وتزيل هذه الديون التي ترتبت ظلما علي".
وذكرت فراح أن وضع المدارس التابعة لبلدية الاحتلال سيئة جدا وتفتقر للنظام وتطبق قانون الفصل على الطلبة بشكل عشوائي ودائم، تلقى ابني قرارا بالفصل لمدة ثلاثة أيام بعد أن خرج من المدرسة بناء على قرار وصلهم من الإدارة يفيد بغياب معلمهم وإمكانهم الرحيل"، مؤكدة أن ابنها لم يغادر المدرسة قبل قروع الجرس، وتساءلت فراح،" لماذا ابني الوحيد الذي حصل على قرار الفصل من بين (45) طالبا خرجوا من الصف برفقته؟".
من جانبه، ذكر والد الطالب أمير لـ" هُنا القدس"، أن ابنه وصل للمنزل قبل عدة أيام معرض للضرب العنيف على يد زملائه وتنتشر على وجهه وجسمه الكدمات،"لم يتم معاقبة الطلبة الذين اعتدوا على ابني وتم بالمقابل فصله لمدة خمسة أيام عن المدرسة".
وأشار أبو أمير أن مدير المدرسة يتخذ قرار الفصل بحق أي طالب وبأي وقت يطرده من المدرسة دون إبلاغ الأهل بأن ابنه طرد من المدرسة،" أنا أكون مطمئنا أن ابني في المدرسة وأصدم عندما أعلم أنه في الشارع وطرد من المدرسة".
وأوضح أبو أمير أن ابنه يعاني بطئا في التعلم ويحتاج لرعاية خصوصية وهذا ما تفتقره المدرسة التي تتجاهل احتياجات الطلبة.
في ذات السياق، قال رئيس لجنة أولياء أمور الطلبة في مدارس القدس كريم لافي،لـ"هُنا القدس" أن نقص المساحات الخضراء والمرافق العامة في المدارس واكتظاظ الغرف الصفية ولا مبالاة المعلمين في أداء واجبهم فاقم سوء البيئة التدريسية.
وعن انتشار العنف بين الطلبة، قال لافي، " ينص القانون على أن لكل طالب مساحة (120) سنتمتر ولكن في مدارس القدس المساحة لكل طالب تقل عن (60) سنتمتر"، لافتا إلى عدم توفر الساحات المفروضة وجودها لتفريغ طاقات الطلبة من خلال الحصص الرياضية .
وبين لافي أن لجنة أولياء الامور تجتمع باستمرار مع بلدية الاحتلال التي لا تبدي أي اهتمام وأي مبادرة لتحسين أوضاع المدارس، " قال لي رئيس بلدية الاحتلال في أحد المرات بعد مطالبته بتحسين وضع المدارس أنه من يظن أنه سيتم بناء المدارس خلال السنوات الخمس القادمة فهو خاطئ".
وأوضح لافي لـ"هُنا القدس" أن بلدية الاحتلال تتدخل في تعين مدراء المدارس المتوافقين مع سياستها ويقبلون تدريس "المنهاج الإسرائيلي" الذي تفرضه على الطلبة لتهويد ثقافتهم الفلسطينية،" إن التناقض بين ثقافة الطلبة وما يتلقونه على يد معلميهم يجعلهم في مشاحنات دائمة ويزيد من عصبية الطلبة التي يتم تفريغها بالعنف".
المصدر: شبكة هنا القدس للإعلام المجتمعي