في الأردن.. فندق داخل مركبة من نوع فولكسفاغن

هل سبق ورأيت من قبل فندقاً داخل مركبة؟ في الأردن يمكنك أن تجد ذلك. اكتشف كيف وضع رجلٌ أردني مدينته الشوبك على خريطة السياحة العالمية.

لم يشأ الأردني محمد الملاحيم، المعروف بـ"العم أبو علي" (66 عاما)، أن يتخلى عن مركبته من نوع "فولكسفاغن" بعد أن تعطلت ولم تعد قادرة على قضاء حاجاته، لتتبادر إلى ذهنه فكرة غريبة وفريدة وضعت مدينته الشوبك (جنوب عمان) على خارطة السياحة العالمية وتصبح محجاً للزوار من مختلف أنحاء العالم.

قبل سبع سنوات، تعطلت مركبة أبو علي، وبدلاً من التخلص منها قرر تحويلها لأصغر فندق في العالم، بجانب قلعة الشوبك الأثرية، بعد أن قام أبو علي بفرشها وتزيينها بالمطرزات الأردنية التقليدية التي صممتها ابنته، لكن الفكرة الغريبة فاجأت أبو علي نفسه، بعد أن بدأ الزوار بالتهافت على فندقه الذي يسميه "أصغر فندق في العالم".

تبلغ تكلفة مبيت الشخص داخل "أصغر فندق في العالم"56 دولار، يحصل النزيل من خلالها على خدمة تشمل وجبات طعام تقليدية (TRT Arabi)

تبلغ تكلفة مبيت الشخص داخل "أصغر فندق في العالم" 56 دولار، يحصل النزيل من خلالها على خدمة تشمل وجبات طعام تقليدية يعدها أبوعلي وأسرته الذين استصلحوا مغارة مهجورة بالقرب من قلعة الشوبك، وأصبحت هذه المغارة هي الأخرى مقصداً للزوار من الأردن وخارجها، ويعرض أبو علي داخل هذه المغارة التي يطلق عليها اسم بلدوين (اسم ملك مؤسس قلعة الشوبك) منتوجات من التراث الأردني، وتذكارات، إلى جانب صور مسؤولين وسفراء من دول العالم زاروا الفندق.

وحسب ما يقول أبو علي لـ "TRT"، "كنت أستخدم سيارتي الفولكسفاغن في نقل السياح، لكنها تعطلت ولم أتمكن من إصلاحها، لم أرغب في التخلص منها كوني من محبي هذا النوع من المركبات، فتبادرت إلى ذهني فكرة غريبة على مستوى العالم أن أقوم بتحويلها الى أصغر وأغرب فندق في العالم، فقمت بإفراغها من محتوياتها وبفرشها بما يليق بالزوار، لأجد أن الفكرة استقطبت عدداً كبيراً من السواح والأردنيين، كما استقطبت الفكرة وسائل الإعلام بشكل لافت".

قام أبو علي بفرش وتزيين مركبته بالمطرزات الأردنية التقليدية التي صممتها ابنته (TRT Arabi)

يقبع فندق أبو علي الصغير والغريب، في محيط قلعة الشوبك وهي قلعة صليبية تقع على جبل صخري شاهق في جنوب المملكة، ويطل الفندق على الأودية المحيطة بالقلعة، ويقدم أبو علي خدمات في تعريف السياح بتاريخ وتضاريس المنطقة، بينما يقدم لهم طعاماً أردنياً تقليدياً مختلفاً عما تقدم الفنادق المحيطة من الطعام، حسب ما يقول ابنه اسماعيل الملاحيم.

يقول اسماعيل، إن "العديد من السياح من جنسيات مختلفة يتوافدون على الـفولكسفاغن، حتى أن إحدى السائحات قامت بإلغاء حجزها في أحد فنادق البحر الميت للمبيت في أصغر فندق في العالم، واضطر سائحون آخرون للعودة بشكل متكرر كي يتمكنوا من قضاء ليلة في الفندق. أصبح الفندق معلماً سياحياً في الشوبك ووضع مدينة الشوبك على الخارطة السياحية، حتى أن مواطنين أردنيين أصبحوا يزورون القلعة رغبةً بعد إنشاء الفندق".

يقبع فندق أبو علي الصغير والغريب، في محيط قلعة الشوبك وهي قلعة صليبية تقع على جبل صخري شاهق في جنوب المملكة (TRT Arabi)

ولدى أبو علي اطلاعا واسعاً على تاريخ المنطقة، بسبب عمله كدليل سياحي على مدار سنوات مع السياح الذين يزورون قلعة الشوبك، يقول "أنا متقاعد عسكري، وبعد تقاعدي عملت في السياحة لتحسين وضعي الاقتصادي، ولهذه الغاية افتتحت خيمة أمام قلعة الشوبك لبيع المشروبات للسائحين، بعد ذلك تطورت الفكرة، وقمت بترميم مغارة مهجورة بالقرب من القلعة أعرض فيها المنتوجات اليدوية، ثم جاءت فكرة أصغر فندق في العالم".

ويتسع فندق أبو علي لشخصين، في مساحة لا تتجاوز الثلاثة أمتار، يقوم يوميا بتنظيف الشراشف المطرزة والأغطية كما هو الحال في أي فندق يقدم خدمة الغرف، ويستطيع الزائر استخدام مرافق صحية بناها أبو علي بجانب السيارة القديمة، وتنشر في محيط الفندق أعلام دول كأمريكا، ودول أوروبية، كدلالة على الدول التي قضى مواطنيها ليلتهم داخل الفندق.

يتسع فندق أبو علي لشخصين، في مساحة لا تتجاوز الثلاثة أمتار، يقوم يوميا بتنظيف الشراشف المطرزة والأغطية (TRT Arabi)

عطاف الروضان، أردنية زارت الفندق وشدها كيف استطاع أبو علي "ربط الحياة البرية والريفية، مع فكرة السياحة الحضرية، من خلال تعلق ابو علي بسيارته التي أراد أن تبقى معه طيلة حياته وحوله إلى مزار في المنطقة، من خلال مشروع عائلي حميم تتعاون فيه عائلة أبو علي، إذ تقوم بنته بتنفيذ المطرزات، بينما يدير ابنه المقهى التابع للفندق، مما يجعل الزائر بارتباط حقيقي مع البيئة المحلية".

عطاف التي تسكن العاصمة عمان تقول إن" الهدوء الذي يسود المكان بعيدا عن صخب المدينة يجعلك تشعر بارتياح كبير خصوصا وإنت تشاهد البرية، كل هذا وسط كرم كبير وحب مساعدة لدى ابو علي الذي يتمتع بثقافة واسعة حول تاريخ المكان، إذ يقدم أبوعلي مشغولات يدوية الزائرين بشكل مجاني خصوصا للأجانب، ويعكس شخصية المواطن الأردني البسيط الذي يحب الآخر ".

أصبح الفندق معلماً سياحياً في الشوبك ووضع مدينة الشوبك على الخارطة السياحية (TRT Arabi)

أما الشاب عمار البوريني زار الفندق من باب الفضول، ويعتقد إنها "فكرة غريبة إن يقضي المرء ليلته داخل سيارة فولكسفاغن تطل على الجبال"، يرغب عمار في زيارة الفندق مرة أخرى لتذوق الطعام التقليدي، بعد شاهد كرم أبو علي وعائلته مع الزوار.

بفكرة صغيرة وكرم كبير استطاع أبوعلي أن ينقل مدينته الشوبك الى خارطة السياحة العالمية، ويصبح فندقه معلما بارزا، بعد أن ذاع صيته في وسائل اعلام عالمية، ليكون أشهر صاحب فندق في الأردن في أقل التكاليف، في مشروع ساهم أيضا بالحد من البطالة في قريته "الجاية" بعد أن قمن نساء القرية بتحضير الطعام الريفي للزوار.

أضف تعليقك