عودة وزارة التموين... مطلب شعبي

الرابط المختصر

ربما لم يعد للشارع الأردني في الفترة الحالية حديث غير حديث ارتفاع الأسعار، الذي اكتوت بناره الشريحة الأكبر من المواطنين من أصحاب الدخل المحدود.ارتفاع الأسعار هذه المشكلة القديمة التي تجدد الحديث حولها مع آخر موجة من الارتفاع قبيل شهر رمضان، يدعو إلى التساؤل: أين هي الجهة المسؤولة عن وضع حد لهذه الأزمة؟؟

وهل يترك الأمر بيد التجار ليقدموا ما يناسبهم من عروض قد يقبلها المستهلك مضطراً، أم لا بد من وجود جهة رقابية تحدد الأسعار بأسلوب منصف يضمن حق الطرفين؟
 
عادل حراسيس، يمتلك محل بيع خضراوات، أيد عودة وزارة التموين، معتبراً أن "الضبط أحسن" قائلا: "أنا كتاجر من الأفضل لي أن أعمل على أساس أسعار وزارة التموين، أما من يستفيد من التعويم في الأسعار فهم تجار السوق المركزي".
 
ويتمنى التاجر أبو محمد أن تعود وزارة التموين "لأنها تحدد للتاجر الربح المناسب وتوحد الأسعار فيلتزم الجميع بها".
 
وحول دور فتح الأسواق الذي عقب إلغاء وزارة التموين وهل من الممكن أن يترك المجال مفتوحاً أمام المستهلك ليختار ما يناسبه، يرى أبو محمد " أن المستهلك بدخله المتواضع ليس أمامه مجال أن يبحث، فيشتري من أقرب مصدر"، مشيراً إلى البحث عن المتجر الذي يقبل البيع بالدين "الذي يعيش عليه عدد كبير من شعبنا" .
 
ويختلف التاجر ربيع مسعود مع أبو محمد وعادل حراسيس، إذ يرى أن " عودة وزارة التموين ليس من مصلحة المواطن"، فبوجود المنافسة التي نشأت عن إلغاء وزارة التموين "تحسنت المواصفات وانخفضت الأسعار".
 
المواطنون وهم المتأثر الأكبر بموجة ارتفاع الأسعار أجمعوا على أن عودة وزارة التموين هو الحل الأنسب لضبط الأسعار ورحمتهم مما أسموه تحكم التجار.
 
فالدكتور فواز الطوباسي، اعتبر أن ما نشهده من ارتفاع للأسعار فضلاً عن حاجة المجتمع إلى الضبط والرقابة يجعله من المؤيدين لعودة الوزارة.
 
ولدى سؤالنا عما  إذا كان المواطن يعتقد أن ارتفاع الأسعار يعود للغلاء العالمي أكد أحمد المواطنين أن "الارتفاع العالمي له جزء من الموضوع، أما الجزء الأكبر والأهم  فله علاقة بتحكم الأشخاص والتجار والقطاع الخاص بهذه الأمور ما يشكل ضغطاً على أصحاب الدخل المحدود "، في حين علقت المواطنة ليلى حسان "وين الغلاء العالمي، والله ما في غلا إلا عنا هون".
 
المزارعون أيضاً كانوا من الفئات التي تأثرت بغياب وزارة التموين، وفي هذا يقول المزارع بكر العدوان أن " المستهلك أو التاجر يقول أن السعر يخضع للعرض والطلب،  وبالتالي أصبح السعر يحدد "حسب تحكم التاجر والعرض والطلب والمستهلك"، مؤيداً عودة الوزارة.
 
 ويرى المحلل الاقتصادي منير حمارنة أن عودة وزارة التموين ليس مرتبطاً بارتفاع الأسعار فقط، وإنما هو مرتبط " بدور الدولة في تنظيم التجارة الداخلية وتنظيم التحرك  في السوق"..
 
وأشار حمارنة  إلى أن إلغاء هذه الوزارة ترافق مع إلغاء مجموعة كبيرة من مهامها، ذكر منها  "التدخل في الأسعار والتدخل في تنظيم الأسواق، و في وجود أسواق موازية من عدمه "  الأمر الذي "جعل  السوق الداخلية متروكة لقانون العرض والطلب، بحيث طلب من التجار سواء من يبيعوا الإنتاج المحلي أو المستورد أن يعلنوا عن السعر بغض النظر عن هذا السعر، ومستوى الربح فيه".  أما الرقابة التي تتولاها مؤسسة المواصفات والمقاييس" فلها علاقة بالمواصفات هل تصلح للاستهلاك البشري، وهل انتهت مدة صلاحيتها". 
  
هذا الأمر ترك المستهلك أمام القطاع الخاص الذي يعتبر تحقيق أعلى قدر من الربح أساس نشاطه، وهذا ينخفض أمام حالة من المنافسة، إذا توفرت، يتنافس التجار من يبيع بسعر أقل". لكن حمارنة يؤكد أن هذا الأمر لا يحدث في " أسواق البلدان النامية وبخاصة دولنا التي تستورد أكثر مما تصدر".  
 
وعن إجراءات الحكومة في مواجهة " انفلات الأسعار" يقول حمارنة أن الحكومة " لجأت إلى الطلب من التجار أن يرفقوا بالمواطنين، وبحسب علم الاقتصاد  فإن هذه الأمور قد تكون مؤثرة لمدة بسيطة فقط".
 
وأكد على ضرورة " أن يكون هناك استمرار للدولة ودور لها في تنظيم السوق الداخلية والتأثير على الأسعار ومعدل الأرباح، سواء تم ذلك عن طريق عودة وزارة التموين أو أي جهاز لتنظيم التجارة الداخلية، المهم أن يكون هناك جهة رسمية  مخولة إدارة وتنظيم السوق الداخلية بالإشراف على الأسعار ومعدل الأرباح وحتى أن تكون مشرفة على  توفير السلع الأساسية بأسعار مناسبة للمواطنين  حتى لو قامت بالاشتراك مباشرة بالاستيراد.
 
وقال الحمارنةً أن "التمسك بأن اقتصاد السوق والاتفاقيات الدولية تمنع تدخل الدولة بهذه الأمور يعني تسليم المواطن إلى الشيطان".
 
ويذكر أن الحكومة الأردنية قامت بإلغاء وزارة التموين عام 1998 ، جاعلة وزارة الصناعة والتجارة الخلف القانوني لها والمكلف بالقيام بواجباتها، إلا أن مهام هذه الوزارة اقتصرت على المطالبة بإعلان الأسعار، تاركة تحديد الأسعار وحماية المستهلك وتنظيم السوق بلا رقيب.

أضف تعليقك