عودة المغتربين الاردنيين
لا توجد إحصائيات رسمية حول عدد المغتربين العائدين من الخارج بسبب الأزمة المالية والاقتصادية, فالجهات الرسمية لم تكشف عن معلومات محددة حول الموضوع, اعتقادا منها ان إخفاء هذه المعلومات إخفاء للمشكلة, الا ان المؤشرات العامة تكشف عن حجم المشكلة, اضافة الى ما تسرب للصحف الخليجية من معلومات حول فصل آلاف العمال الأجانب بسبب الأزمة, ومن المؤشرات التي تكشف عن بعض النتائج, انخفاض تحويلات الأردنيين في الخارج فقد كشفت التقارير الرسمية عن انخفاض تحويلات شهر آب الى 17% مقارنة مع الشهر نفسه من العام الماضي, وكما هو معروف ان تحويلات الأردنيين أسهمت بحوالي 18% من الناتج المحلي الإجمالي عام ,2008 كما أسهمت في تخفيض عجز ميزان المدفوعات, والتقليل من اثر عجز الميزان التجاري, ويمكن ملاحظة تأثير عودة المغتربين على ارتفاع نسبة البطالة في البلاد التي وصلت الى 14% مقارنة مع 12% بزيادة نقطتين مئويتين, وان كان موضوع البطالة له علاقة أيضا في تراجع فرص العمل للعمال الأردنيين في البلاد, وليس فقط في عودة المغتربين, لكنها مؤشرات كافية للتدليل على حجم المشكلة.
أما التجاهل الحكومي ناجم عن عجز لمواجهة القضية, فالاقتصاد الأردني يمر بحالة تباطؤ والناتج المحلي الإجمالي انخفض نموه خلال الربع الأول من العام الحالي الى 3.2%, مقارنة مع نسبة نمو مقداره 8.6% للفترة نفسها من العام الماضي, معنى ذلك ارتفاع في معدلات البطالة كما أوضحنا, واتساع دائرة الفقر, وتفاقم الازمات الاقتصادية والاجتماعية, صحيح ان هذه النتائج لها علاقة بالأزمة المالية والاقتصادية العالمية, لكنها من جانب آخر تكشف عن عجز حكومي لمواجهة الأزمات, رغم التحذيرات المبكرة والمتكررة من آثار الأزمة على الاقتصاد الأردني, سواء ما يتعلق بتباطؤ النمو الاقتصادي, او بانخفاض تحويلات المغتربين, وانخفاض إيرادات السياحة, اضافة الى انخفاض المنح والمساعدات نظرا للظروف التي تمر بها الدول المانحة, الا أن الفريق الاقتصادي في الحكومة تعامل مع الأزمة بحالة من الارتباك والتردد, فبعد الإعلان عن خطة طوارئ للازمة عاد وتراجع عنها, تاركا الاقتصاد الأردني والمجتمع يواجه مصيره, كما ان السياسات الاقتصادية التي نفذتها الحكومات المتعاقبة قبل انفجار الأزمة عمقت التشوهات الهيكلية للاقتصاد الأردني وجعلته يواجه الأزمة وهو في اضعف حالاته, فسياسة التخاصية التي نفذتها الدولة حرمت الخزينة من إيرادات سنوية, اضافة الى سوء استخدام موارد الدولة والتوسع في النفقات العامة بشكل يفوق الإيرادات, فقد تراجعت الإيرادات بنسبة 11%, في الوقت الذي ارتفعت النفقات بنسبة 14.4%, كما انخفضت المساعدات الخارجية, الأمر الذي أسهم في تنامي عجز الموازنة.
أما الاجراءات التي يمكن اتخاذها لمواجهة الأزمة فهي كثيرة, وجرى تناول بعضها في أكثر من مقال ويمكن تقسيمها الى نوعين: الأول إجراءات سريعة وعاجلة أهمها ضبط النفقات الحكومية وحصرها بحجم الإيرادات المتحققة على ان لا يشمل التخفيض رواتب العاملين في الجهازين المدني والعسكري والخدمات الصحية والتعليمية, ودعم المواد الغذائية, ووقف المشاريع الرأسمالية الممولة بالقروض خاصة التي لا تحقق قيمة مضافة - أي مشاريع استنزاف الأموال- ثانيا اتخاذ خطوات وإجراءات استراتيجية تنموية تتعلق باستثمار موارد البلاد الغنية من الطاقة الى الصناعات الاستخراجية, بإنشاء صناعات وطنية بالمشاركة ما بين القطاعين العام والخاص لتوفير فرص عمل وتطوير الاقتصاد الوطني بدلا من تصدير موارد البلاد خامات بأسعار بخسة.0











































