عمّان النظيفة تغرق بالنفايات

عمّان النظيفة تغرق بالنفايات
الرابط المختصر

ترزح العاصمة الأردنية عمّان تحت وطأة 2200 طن من النفايات! وهو متوسط ما يتم جمعه يومياً منذ مطلع العام 2012، حسب إحصائية رسمية لأمانة عمَان، بزيادة بلغت 400 طن يومياً مقارنة بالعام 2011.

العَمّانيون الذين تغنوا بنظافة عاصمتهم على مدار السنين، يخجلون من حالها اليوم، حيث يشكل تراكم النفايات منذ مطلع هذا العام سمة جديدة للعاصمة. السبب ليس زيادة غامضة طارئة على كمية النفايات بل مشاكل تراكمت وانفجرت فجأة.

تتأرجح مسؤولية تراكم النفايات بين قصور الجهات الرسمية وانعدام المسؤولية الاجتماعية للمواطنين.

أمانة عمّان - الجهة المسؤولة عن تقديم الخدمات العامة للمواطنين- تَعترف بعدم تحديث أسطول آليات جمع النفايات منذ العام 2007، ليتناقص عددها الى 80 ناقلة بعد ان بلغت 200 ناقلة سابقاً.

تطمح الأمانة لإعادة عدد الآليات الى سابق عهده من خلال عطاء بقيمة 16 مليون دينار، (نحو 22,6 مليون دولار)، على ان يتم انجاز التجهيز في منتصف العام 2013.

عدد الآليات المتواضع يفشل يومياً في جمع النفايات من العاصمة التي تبلغ مساحتها 1688 كيلومتراً مربعاً تتوزع على 27 منطقة، يقطنها ثلث سكان الأردن.

الأمانة تحصر المشكلة في نقل النفايات وليس جمعها. الجمع يتكفل به 5 آلاف عامل نظافة، يطلق عليهم في الاردن «عمال الوطن» كنوع من التكريم. تنتهي مهمة عمال الوطن عند تكديس النفايات بالقرب من الحاويات التي تفيض دائماً، وتبقى تنتظر وصول آليات تغيب عن بعض المناطق اياماً.

وإذ تعترف الأمانة بعجزها، تحمِّل جزءاً من المسؤولية للسلوك الاجتماعي للمواطنين: هم لا يضعون أكياس النفايات في الأماكن المخصصة، يرمون النفايات كيفما اتقف من نوافذ السيارات، فشلت معهم كل محاولات التوعية والإرشاد بينما هم لا يستجيبون... «ترد» بشكل عملي مجموعة شبابية على تحميل الأمانة للمجتمع جزءاً من المشكلة، اذ اطلق ناشطون مبادرة تهدف للمساهمة في نظافة عمان وبيئتها، تحت شعار «لمِّعني».

«لمّعني» طرقت باب الأمانة في العام 2010، تعرض عليها المساهمة في تنظيف المدينة من خلال حملات شعبية. الباب اغلق بحجة انهم شباب غير مؤهلين للتعامل مع النفايات والجراثيم. في أعقاب ذلك نفذت المبادرة بجهد منفرد عشرات حملات النظافة في مختلف مناطق العاصمة. حملات بقيت، على إيجابيتها، قاصرة... كقصور الأمانة.

ليست النظافة فقط هي هدف الحملات، بل إنها تطمح الى زيادة الوعي البيئي والشعور بالمسؤولية لدى المجتمع. التقليل من النفايات وتغير الطبيعة الاستهلاكية لدى الناس، إزالة الحواجز بين عامل النظافة والمواطن، والأهم تدوير النفايات لتصبح «مواد خام» يتم بيعها لشراء أكياس قمامة وأدوات تستخدمها الحملة، اضافة الى تعريف الناس بإعادة التدوير وتدريبهم عليه. ففي نهاية المطاف، يتعلق الامر بتحفيز وتعزيز المبادرات العامة، وروح المسؤولية الاجتماعية، بل وبشكل ما بتجاوز تلك الوضعية من اعتبار الأمور برمتها تقع على «الدولة»، بينما الناس معفيون من كل فعل، و«معالون» بمعنى من المعاني...ليس رأفة بالدولة، اياً تكن، ولا تقاسماً للأعباء معها، بل، وعلى النقيض ربما من ذلك، خشية من سطوتها وتحكمها كيفما تشاء لو تعطلت روح المبادرة لدى الناس والقدرة الفعلية عليها.

غير أن حلم إعادة التدوير يبقى عصياً، ليس على « لمّعني» فقط بل وعلى أمانة عمان التي تلقي بالنفايات في مكب «الغباوي» (35 كلم شرق عمّان). يتم في المكب فرز 600 طن من النفايات يومياً لغايات إعادة التدوير. والكمية متواضعة نسبياَ. في المكب يتكون حلم للأمانة ينتظر ان يتحقق مطلع العام 2014 عبر مشروع لإدارة النفايات، يهدف لاستخراج الغاز الحيوي وتوليد الطاقة الكهربائية من النفايات الصلبة. وقد شرع بالعمل على تنفيذه منذ العام 2008.

نفايات عمّان لا يقتصر اثرها السلبي على البيئية والصحة فقط، بل يمتد ليخلق مشهداً غير حضاري لم يعتده زوار المدينة، الذين دخلوا في حالة تذمر أسوة بساكنيها. كما أن مشهد النفايات قد يتسبب بالقضاء على المشهد السياحي.

السفير العربي