عمل شعبي بامتياز

الرابط المختصر

تستحق تجربة "اللجنة الوطنية للأسرى والمفقودين الأردنيين في المعتقلات الصهيونية" التأمل والدراسة, ليس فقط بسبب الانجاز الذي تحقق بالإفراج عن الأسرى الأربعة, وهو الانجاز الذي كان لهذه اللجنة الدور الأساسي فيه, وإنما كذلك باعتبارها تجربة مؤسسة مجتمع مدني "حقيقية", وأوضح فيما يلي لماذا هي "حقيقية".

فقد تشكلت في السنوات الأخيرة في الأردن العشرات من الهيئات والمؤسسات اتخذت من بعض القضايا العامة عناوين وأهداف معلنة لها, ولكن أغلبها عانى من نقطتي ضعف أساسيتين:

الأولى أن كلاً منها ارتبطت بشخص رئيسها وتمحورت حوله على حساب العنوان الذي اتخذته, بدليل أنه كان ولا يزال يحصل عندما تسأل عن أخبار شخص ما أن يقال لك انه "فتح مؤسسة مجتمع مدني" أو ان "عنده منظمة غير حكومية".

والثانية أن أغلب تلك المؤسسات ارتبط نشاطها وبقاؤها بالمال أكثر من ارتباطهما بالفكرة أو العنوان والهدف المعلن, بل إن بعض تلك المؤسسات نشأ أصلاً بعد توفر فرصة تمويل, وكثير منها انتهى بعد انتهاء التمويل, وكانت عبارة the fund is over (أي التمويل انتهى) من العبارات الشهيرة في مجال أفول مؤسسات المجتمع المدني.

بالضد من هذه الحال, كانت "اللجنة الوطنية للأسرى والمفقودين" مخلصة لقضيتها قبل أي شيء آخر, وكان جوهر تلك القضية أهم من صورة "الناشطين" فيها, وقد عملت بجد وبالمشاركة الفعلية مع أصحاب القضية المباشرين وهم هنا أهالي المعتقلين والمفقودين أنفسهم واستطاعت استقطابهم للعمل, ودفعت بهذه القضية الى مقدمة الاهتمامات الشعبية بعد أن كانت لسنوات طوال من القضايا "الميتة" عند الرأي العام. ان تجربة هذه اللجنة عمل شعبي و"مدني" محترم, وهي تستحق التحية.