عمال يشكون التفاف أرباب العمل على أوامر الدفاع

تأخير للأجور وفصل من العمل

نحو 90 ألف شكوى وردت إلى وزارة العمل الأردنية من عمال تضرروا خلال فترة الإغلاق الصحي الذي أعلنت عنه الحكومة مطلع 2020، بموجب أوامر الدفاع الخاصة بجائحة كورونا. وبحسب الناطق الإعلامي لوزارة العمل محمد الزيود فإن غالبية الشكاوى تتعلق بإنهاء الخدمات وتأخر الأجور.

تتقاطع معطيات وزارة العمل مع ما ورد في آخر تقرير للبنك الدولي الذي أشار إلى تضرر الاقتصاد الأردني بسبب إجراءات الوقاية من جائحة كورونا. التقرير أفاد بارتفاع معدل البطالة إلى 24,7 % في الربع الأخير من عام 2020، فيما سجلت البطالة بين الشباب نسبة غير مسبوقة بلغت 50 %.

مع سريان الحظر الشامل بدأت تظهر الكثير من مشاكل تأخير صرف أجور العمال والموظفين. عمر، المدير المالي لإحدى أندية اللياقة البدنية، تأخر صرف أجره ثلاثة أشهر، وقرر الانتظار لحين تخفيف إجراءات الحظر في شهر حزيران/ يونيو 2020 وإعادة فتح القطاع الذي يعمل به، على أمل تحصيل أجره المتأخر، بيد أن الأمر لم يسر كما توقع. يقول:"صاحب العمل لم يستطع فتح صالته الرياضية في ذلك الوقت، فتوجهت لوزارة العمل وتقدمت أنا وزملائي بشكوى نطالب فيها صاحب العمل بالتوقيع على تعهد بدفع مستحقاتنا. وبعد إعادة فتح الصالة دفع لنا صاحب العمل ما نسبته 20% من أجور شهرين في ذمته، لكنه بعد ذلك عاد لتأخير أجورنا". 

في نهاية 2020 تفاجأ عمر ببيع الصالة الرياضية لشريك سابق لصاحب العمل، طلب منه ومن زملائه توقيع عقد عمل جديد. وقع عمر العقد وهو يشعر بالقلق على مستحقاته. وبعد شهر اكتشف توقف راتبه في الضمان الاجتماعي، ثم تفاجأ بقرار فصله من العمل. يقول :"ماذا عن مستحقاتي المالية، أنا المعيل الوحيد لأخوتي، منذ ستة أشهر وأنا أبحث عن عمل، هذا ظلم. ألوم وزارة العمل فهي المسؤولة عن متابعة قضيتي".

يصف المحامي مهند الضمور المتخصص في القضايا العمالية، ما حصل مع عمر بأنه تحايل على تطبيق قانون الدفاع، معتبرا أن وزارة العمل مقصرة بالتعامل مع هذا الملف، لأنه كان يتوجب على مديرية التفتيش بعد تلقيها الشكوى والمخالفة لقانون الدفاع إحالة المنشأة إلى المدعي العام، مستشهدا بنص قانون الدفاع الذي يجرم هذا الفعل بعقوبة سجن لمدة ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات، وبالغرامة ثلاث آلاف دينار.

أمر الدفاع رقم (6) الصادر بموجب قانون الدفاع رقم (١٣) لسنة ١٩٩٢م والمنشور في الجريدة الرسمية بتاريخ ٩ نيسان ٢٠٢٠م، المادة الرابعة البند (أ):

 يستحق العاملون الذين يؤدون أعمالهم في مكان العمل أجورهم كاملة، ويجوز الاتفاق بإرادة العامل الحرة على تخفيض أجره، على أن لا يتجاوز مقدار التخفيض 30 في المائة من أجر العامل المعتاد.

 

من جهة أخرى يؤكد الضمور أن عمر يستطيع التقدم بشكوى جديدة لوزارة العمل لاسترجاع مستحقاته المالية القديمة من صاحب العمل الجديد، فهو الخلف القانوني وبالتالي عليه دفع الديون والإلتزامات السابقة، فالمادة (١٦)من قانون العمل تنص" يبقى عقد العمل معمولا به بغض النظر عن تغيير صاحب العمل بسبب بيع المشروع، أو إنتقاله، يظل صاحب العمل الأصلي والجديد مسؤولين بالتضامن مدة ستة أشهر عن تنفيذ الالتزامات الناجمة عن عقد العمل مستحقة الأداء قبل تاريخ التغيير، وأما بعد انقضاء تلك المدة فيتحمل صاحب العمل الجديد المسؤولية وحده"

 

الناطق باسم وزارة العمل محمد الزيود
الناطق باسم وزارة العمل محمد الزيود

الأكثر تضررا

لم تقتصر الشكاوى العمالية على قطاع محدد. يرى الضمور أن قطاع التعليم من أكثر القطاعات تضررا، نتيجة عدم فهم أوامر الدفاع، والتخبط في التعامل مع برامج الدعم مثل برنامج "استدامة".

 المعلمة مها تأخرت مدرستها في عام 2020 في دفع مستحقاتها لمدة أربعة أشهر، ولم تحتج على ذلك على أمل تعويضها لاحقا. وما أن أعلن "الضمان الاجتماعي" عن برنامج "استدامة" لعدد من القطاعات في المملكة، حتى بدأت إدارة المدرسة باقتطاع ثمانين دينارا من كل معلم من المبلغ المحول من "البرنامج"، وعندما تبين لمها عدم قانونية هذا الإجراء رفضته. تقول مستغربة: "أنا وست معلمات رفضنا اقتطاع ثمانين دينارا من أموال برنامج استدامة، فأنهت المدرسة عقودنا". قدمت مها شكوى لدى وزارة العمل انتهت إلى اتفاق بإعادتها إلى العمل وحصولها على أجر الأربعة أشهر المتأخرة، على أن تسحب وزميلاتها مطالباتهن بال80 دينار التي اقتطعت منهن مرتين قبل أن يعترضن على ذلك.

لا يحق قانونا للمنشآت اقتطاع أي مبالغ من المستحقات التي تحولها مؤسسة الضمان الاجتماعي بحسب المحامي الضمور. يقول: " كثير من القضايا إن كانت بقطاع التعليم أو غيره، حولت للمدعي العام، بعد أن قدم العمال استقالاتهم، لمخالفة المنشأة قانون الدفاع".

" المدارس كانت من ضمن المؤسسات الأكثر تضررا من إجراءات الحظر، والأكثر حاجة للاستفادة من برنامج استدامة الذي أطلقته مؤسسة الضمان الاجتماعي في شهر كانون الأول/ ديسمبر 2020، حيث يخصص للعامل بموجب البرنامج 85 في المئة من أجره، نصفها تتحملها المدرسة والنصف الآخر يتكفل به برنامج استدامة" هذا ما قاله شامان المجالي الناطق باسم مؤسسة الضمان الاجتماعي، الذي شدد على أنه "لا يجوز لأي جهة اقتطاع أي جزء من أموال برنامج استدامة". 

على ضوء صدور البلاغ رقم 45 بتاريخ 21/9/2021 تم تعديل النسبة و التي اصبحت 85%

 

بلاغ رقم (45) لسنة 2021

صادر بالاستناد لأحكام أمر الدفاع رقم (24) لسنة 2020

استنــاداً لأحكــام البنــد (ثامنـاً) من أمر الدفاع رقم (24) لسنة 2020، أقــرر إصدار البلاغ التالي:

أولاً: يلغى مطلع البند (خامساً) من البلاغ رقم (16) لسنة 2020 ويستعاض عنه بما يلي:

”يخصص للمؤمن عليه المستفيد من برنامج استدامة والذي يعمل في أحد القطاعات والمنشآت الأكثر تضرراً المحددة بموجب التعليمات الصادرة عن مدير عام المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي ما نسبته (100%) من أجره المعتمد بحيث يتم دفع (60%) منها من مخصصات البرنامج و(40%) مساهمة من المنشأة ، على أن يتم مراعاة ما يلي:

 

ثانياً: يلغى البند (سابعاً) من البلاغ رقم (16) لسنة 2020 المضاف بموجب البلاغ رقم (37) لسنة 2021، ويستعاض عنه بما يلي:

سابعاً:1- مع مراعاة الفقرتين (1) و(3) من البند (خامساً) من البلاغ رقم (16) لسنة 2020 يخصص للمؤمن عليه العامل في القطاعات والمنشآت المحددة بموجب التعليمات الصادرة عن مدير عام المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي ما نسبته (85%) من أجره المعتمد بحيث يتم دفع (80%) منها من مخصصات برنامج استدامة و(20%) مساهمة من المنشأة .

2- يكون الحد الأعلى لمساهمة برنامج استدامة المشار اليه في الفقرة (1) من هذا البند (800) دينار شهرياً للعامل الواحد.

ثالثاً: تطبق أحكام البندين (أولاً) و(ثانياً) من هذا البلاغ لمدة أربعة أشهر تبدأ من شهر أيلول لسنة 2021 وتنتهي في نهاية شهر كانون أول لسنة 2021.

رابعاً:1- على الرغم مما ورد في الفقرة (2) من البند (ثانياً) من أمر الدفاع رقم (18) لسنة 2020 المعدل بمقتضى البند (ثانياً) من البلاغ رقم (22) لسنة 2021 ، على المنشأة شمول العاملين غير الأردنيين لديها من غير المشمولين بأحكام القانون خلال مهلة لا تتجاوز 31/10/2021.

2- في حال عدم التزام المنشأة بأحكام الفقرة (1) من هذا البند ، يتم شمول العاملين غير الأردنيين بأحكام قانون الضمان الاجتماعي اعتباراً من تاريخ التحاقهم بالعمل مع تحميل المنشأة الفوائد والغرامات المنصوص عليها في القانون.

خامساً: لرئيس الوزراء تعديل أي من أحكام هذا البلاغ بموجب بلاغات يصدرها لهذ الغاية.

وهو ما أكد عليه منذر الصوراني، نقيب التعليم الخاص، معربا عن أمله بأن تلتزم جميع إدارات المدارس الخاصة بقانون وزارة العمل والضمان الاجتماعي، وألا تقدم على أي إجراء يتعارض مع ذلك.

بحسب محمد الزيود، الناطق الإعلامي لوزارة العمل، فإن الوزارة حررت مخالفات لنحو 22 ألف منشأة في القطاع الخاص. أكثر من 16 ألف منها ارتبطت بتأخر دفع الأجور. كما ألزمت الوزارة 11 ألف منشأة بدفع المستحقات المتأخرة لعمالها. في حين أعادت نحو خمسة آلاف عامل إلى أعمالهم من أصل نحو 9500 عامل تعرضوا للفصل. 

مع ذلك، ترى سالي أبو علي، مديرة "مؤسسة أمان للتوعية بحقوق العمال"، أن هذه الإجراءات غير كافية، وتقول: "للأسف كثير من أصحاب العمل استغل أوامر الدفاع للتملص من دفع أجور العمال، وأحيانا فصلهم، رغم أن وزارة العمل أرجعت عددا منهم لعمله، لكنها في المقابل اكتفت في حالات أخرى بمخالفة الشركة وإلزامها بدفع غرامة، دون تحصيل حق العامل، ما يعني أنه سيضطر للتوجه مجددا للقضاء".

تؤكد المادة (137) من قانون العمل الأردني على أن الفصل في القضايا العمالية يجب أن تتم خلال ثلاثة أشهر أمام محكمة الصلح، وخلال شهر أمام محكمة الإستىناف، وبذلك ينتظر آلاف العمال من وزارة العمل تفعيل هذه المادة من القانون، ويأملون بعقوبات لا يمكن لرب العمل الإلتفاف عليها، سيما في الظروف الطارئة كجائحة كورونا وما رافقها من قرارات استثنائية.





 

أضف تعليقك