على هامش شكوى رئيس الوزراء على الناشط كميل الزعبي

يحيى شقير
الرابط المختصر

 

نقلت المواقع الإلكترونية خبر قيام رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة بالشكوى على الناشط كميل الزعبي ومثوله امام المدعي العام كمشتكي وشاهد على سند من القول أن ما نشره المشتكى عليه الزعبي بحق زوجته (الخصاونه) أضر به "نفسياً ومعنوياً".



إن لجوء رئيس وزراء للقضاء للمطالبة بحق يدعيه هو ممارسة فضلى فالمحاكم مفتوحة أمام الجميع وهذا جزء من سيادة القانون، ولو جرت الحادثة في أغلب الدول العربية لكان التعامل مع المشتكى عليه بأسلوب آخر تعرفونه.



ومع ذلك لم يكن ذلك الطريقة المثلى لشخص مثل الخصاونة ورفعة منصبه لعدة أسباب منها أنه يحمل درجتي الماجستير والدكتوراه في القانون من جامعة لندن وبالتأكيد يعرف أنه في القانون البريطاني لا تسمع المحاكم قضية تشهير من شخص منتخب وأن ذوي المناصب العالية يعرفون ويجب أن يتوقعوا أن يكونوا تحت رقابة مجهرية deep scrutiny من الجمهور.



كما كان بإمكانه دحض المزاعم التي اشتكى بسببها عبر مئات الميكروفونات الإذاعية والتلفزيونية وخاصة في لقائة الأول كرئيس وزراء مع الزميل أنس المجالي على شاشة التلفزيون الأردني.



كما كان يجب عليه أن يقتدي بجلالة الملك في تسامحه وعفوه والذي طلب من الحكومة حصر قضايا إطالة اللسان لإصدار عفو خاص عن مرتكبيها.



كما أن ذهاب الخصاونه إلى المدعي العام شخصياً لسماع شكواه وشهادته هو هدر لوقت رئيس الوزراء الثمين (إلا إذا كان الوقت المستقطع إجازة رسمية له).



وأنا اثق بالقضاء الأردني، وعندي إحصائيات تدعم رأيي في القضايا التي ترفعها الحكومة أو كبار موظيفيها ضد الصحفيين والسياسيين والنشطاء، وليس الخصاونه هو أول رئيس وزراء يشتكي على صحفيين ونشطاء فقد سبقه كثيرون وخسروا قضاياهم وعلى سبيل المثال الذهبي بتكاليف عرس إبنه والبخيت بقضيته ضد المرحوم فهد الريماوي رئيس تحرير أسبوعية المجد آنذاك والذي صدر قرار يعد بمثابة لوحة فنية قانونية عن القاضي نذير شحادة بتبرئته (2007).



ولأن القضية في مرحلة التحقيق واحتراماً مني للقضاء والقانون اربأ بنفسي من الكتابة بما قد يعتبر "تأثيراً في الرأي العام لمصلحة أي طرف في القضية" خلاف المادة 11 من قانون انتهاك حرمة المحاكم أو المادة 14 من نفس القانون المتعلقة بنشر "إذاعات بشأن تحقيق جزائي قائم".



وبما أن القضية مرفوعة بإرتكاب ما يخالف المادة 11 (الذم والقدح والتحقير) بوسيلة الكترونية من قانون الجرائم الإلكترونية والمادة 15 منه فهذه فرصة للتذكير بإساءة استعمال هذا القانون للحد من الحوار العام وتأثيره السلبي على حرية التعبير خاصة أنه القانون الوحيد من 138 قانونياً للجرائم الإلكترونية في العالم منها 13 قانوناً عربياً الذي يجرِّم هذا الفعل.



أما حول تهمة "ذم هيئة رسمية" فكثير من كبار المسؤولين عندما يشتكون للقضاء وهم تحت فورة الغضب، يخلطون بين شخصهم وبين الهيئة التي يرأسونها مع أن ذم رئيس الهية ليس ذماً للهيئة نفسها كما أن ذم الهيئة لا يعتبر ذماً لرئيسها والقضاة والمحامين يعرفون ذلك.