على هامش اعترافات النسور

الرابط المختصر

 بعد حل مجلس النواب الرابع عشر سنة 2007 بنحو اسبوع كنت أجلس بصحبة ثلاثة نواب في مكتب أحد كبار موظفي المجلس، وكان هؤلاء النواب يشرفون على تفريغ مكاتبهم من اوراقهم وملفاتهم الخاصة.

ونحن نتبادل الحديث حول السيناريوهات المقبلة دخل علينا أحد النواب فسأله أحد النواب الجلوس: أين كنت؟ فأجابه : كنت في مكان من الضروري أن أكون فيه، وتابع، كنت عند مدير المخابرات محمد الذهبي.

في هذه اللحظة كان قد أخذ مكانه على مقعد مقابل لنا، ليتابع حديثه: فكرت مع نفسي وقلت لحالي، علي أن أشرب من رأس النبع فان كانت لي فرصة فسأترشح وإلا فإنني سأرتاح وأعود لأنتبه لعملي.

جذب حديثه وصراحته انتباه وفضول الحضور، وابتدره أحد النواب "العمل الإسلامي" متسائلا: والنتيجة؟، فاجاب : لم أجد اسمي في كشف النواب الذين سيفوزون، ولم يكن اسمي من بينهم، وقال لي الذهبي وهو يضع الكشف أمامي: لا تترشح.

أعاد النائب نفسه السؤال قائلا: واسمي، هل اسمي موجود؟.

أجاب:للحركة الإسلامية سيكون فقط ستة نواب واسمك من بينهم في الكشف.

ضحكنا جميعا، ولم نأخذ جميعنا الجزء الأخير من كلامه على مأخذ الجد.

بعد أشهر وبتاريخ 22 / 11/ 2007أجريت انتخابات المجلس النيابي الخامس عشر، وكان حزب العمل الإسلامي قد طرح قائمة مرشحين من نحو ثلاثين مرشحا كان على رأسهم المرحوم د. عبد اللطيف عربيات.

صباح يوم الاقتراع انتشرت انا وزملائي الصحفيين في العرب اليوم لتغطية الحدث، ولم تصل الساعة الحادية عشرة ظهرا حتى كانت فضيحة التزوير تملأ كل بقاع الأردن قاطبة، تحدثنا مع الجريدة وأحضر زملاء لنا أفلام فيديو لشراء الأصوات علنا وأمام أحد مراكز الاقتراع في عمان"صورها المبدع الزميل محمد الرفايعة "، وأذكر ان الحركة الاسلامية عقدت مؤتمرا صحفيا بعد ظهر اليوم نفسه قدمت فيه شهادتها على التزوير العلني.

انتهت الانتخابات بخسارة الحركة الاسلامية وفوز 6 مرشحين فقط بينما تم ترسيب المرحوم د.عربيات علنا ومعه باقي المرشحين الى جانب مرشحين آخرين.

تذكرت ما قاله النائب المهندس عن زيارته لمكتب الذهبي والكشف الذي كان معدا مسبقا للمرشحين الذين سيتم حملهم لمجلس النواب حملا، وتذكرت ما قاله عن ستة نواب فقط سيتم حملهم من الحركة الإسلامية، وتذكرت تماما أن ما قاله للنائب الإسلامي بأنه رأى اسمه من بين النواب الاسلاميين الستة كان صحيحا تماما.

حدث ذلك في ظل حكومة د. معروف البخيت رحمه الله والذي اعترف بعد سنوات بتزوير تلك الانتخابات، وأظن ان الذهبي اعترف بذلك لاحقا ــ إن لم تخني ذاكرتي ــ

المهم أنني بقيت تلك الليلة بطولها في الجريدة لأكتشف أنني نسيت نفسي وقام الموظفون باغلاق مداخلها، وإطفاء التدفئة، ولأكتشف ان الساعة كانت تشير الى الثالثة فجرا، ولا أحد في مبنى الجريدة غيري مما اضطرني للنوم على طاولة وغطيت نفسي ببقايا الجرائد لبرودة الطفس حيث كانت السماء تمطر بغزارة في الخارج.

فوجيء الزملاء بي نائما على المكتب في جو بارد..

بعد ذلك قدمت روايتي عن تزوير تلك الانتخابات في كتاب ( كنا هناك... كيف غطى الاعلام الأردني انتخابات 2007 ) ونشر في حينه بدعم من وزارة الثقافة..

تذكرت تلك الواقعة من اعترافات رئيس الوزراء الاسبق د. عبد الله النسور التي قال فيها ان الذهبي منعه من الترشح في انتخابات المجلس الخامس عشر...

وآلاف الذكريات والوقائع تحتاج لألف ليلة وليلة