عدم رفع المحروقات ...انحياز للمواطن أم جرعة ثقة للحكومة؟

عدم رفع المحروقات ...انحياز للمواطن أم جرعة ثقة للحكومة؟

يأتي قرار الحكومة بعدم رفع أسعار المحروقات هذا العام، بعد سلسلة من الأزمات عصفت بالحكومة أبرزها تسممات الشاورما ومياه المنشية التي أطاحت بوزيرين من طاقم الحكومة

وبالإضافة إلى أزمات أخرى بدأت منذ الشتاء الماضي، ويتوقع أن يعطي هذا القرار "جرعة ثقة" للحكومة التي كثر الحديث عن رحيلها، خاصة مع اقتراب الانتخابات البرلمانية في ظل أزمة شديدة مع الإسلاميين.

هذا القرار أطاح بوزير ثالث –وزير المالية- اختياريا من الحكومة، بعد الاحتجاج على القرار الذي يرى فيه فريز انه سيضيف عبئا كبيرا على خزينة الدولة التي تعاني أصلاً  من عجز مزمن، فقد صوت أكثرية أعضاء اللجنة الوزارية المكلفة ببحث الموضوع لمصلحة عدم خفض الدعم، مما دفع وزير المالية إلى تقديم استقالته احتجاجا على ذلك.
 
ويعتبر فريز من المدافعين عن سياسية الحكومة في الرفع الأول لأسعار المشتقات النفطية أمام مجلس النواب لاعتبارات اقتصادية ومالية بحته خاصة في ظل توجه الأردن لتحرير سوق المشتقات النفطية وطرحه للمنافسة بعد انتهاء عقد احتكار مصفاة البترول الأردنية في آذار من العام المقبل.
 
رئيس الوزراء معروف البخيت  علق على قرار عدم رفع المحروقات بالقول "لاحظنا جميعا كثرة القراءات والتحليلات والدراسات والبيانات التي تشير إلى حتميّة صدور قرار برفع أسعار المشتقات النفطية، ولعلّ هذه الآراءَ صدرت عن قراءاتٍ للواقع الاقتصادي واستحقاقاته والعجز الذي تواجهه موازنة الدولة، وقد بنت نتائجَها على معطيات رقميّة قد تكون سليمة، لولا أنها لم تراع حقيقة أولويّة الإنسان في فكر وضمير وتوجيهات القائد".
 
كلام الرئيس كان واضحا " لا رفع لأسعار المحروقات لهذا العام" وهذا يعني أن الرفع  قد يكون في العام القادم خصوصا أنه لم يتبقى إلا أشهر قليلة على نهاية العام الحالي، ونهاية عقد مصفاة البترول، وهذا دفع بعض المحللين للتشكيك بأهداف الحكومة و وصفوا القرار انه سياسي بحت.
 
فمن الجانب السياسي يرى المحلل سميح المعايطة أن هذا القرار " سيعيد  الدماء إلى أوصال الحكومة، وستستعيد الكثير من عافيتها أمام المواطن الأردني، فالحكومة لم يكن ينقصها أي مشكلات وأزمات، وقرار رفع الأسعار من أي حكومة قرار صعب وكفيل بإهدار صورتها، وإذا كان رفع الأسعار قراراً صعباً وليس شعبياً، فإنّ عدم رفع الأسعار قرار صعب سياسياً".
 
 ويتابع المعايطة " الحكومة، التي اصبح شبه مؤكد أنها ستُجري الانتخابات النيابية، عالجت بهذا القرار الصائب إحدى مشكلات التشكيك فيها، بل سجلت لنفسها سبقا وانجازاً عند المواطن قد يكون مساعدا على تجاوز إثارة المشكلات والأزمات السابقة، وحتى إذا رحلت الحكومات، بعد الانتخابات النيابية القادمة، فإن الرئيس لن يغادر وفي رقبته قرار رفع الأسعار الذي سيضاف إلى قضايا أخرى لم تكن في مصلحة الحكومة".
 
بينما يرى رئيس تحرير وكالة عمون الكاتب سمير الحياري أن "قرار عدم رفع أسعار المحروقات قرار ملكي ويقول "قرار الحكومة في عدم رفع أسعار المحروقات له علاقة مباشرة بإرادة الملك، وكلام رئيس الوزراء كان واضحا في هذا الشأن، حيث أمر الملك بعدم رفع الأسعار لسببن هما ان الإنسان أولا، والانحياز للمواطن، الأمر الثاني هو إعطاء جرعة لهذه الحكومة لتعيش فترة أطول وأضافه لتمكينها من إجراء الانتخابات النيابية بصورة أكثر عدالة وحماسة وذلك بعد الانتخابات البلدية التي جرى عليها لغط كبير من حيث اتهامها بالتزوير وما شابه ذلك".
س
إلى أي مدى سيخدم هذا القرار الحكومة في أزمتها مع الاسلامين خصوصا مع اقتراب الانتخابات النيابية؟  يقول الحياري إن هذا القرار سيساعد الحكومة استعادة ما فقدته من شعبية بسبب  اتهامات الإسلاميين لها بتزوير الانتخابات البلدية، أضافه إلى استعادة الثقة في موقفها الشعبي العام، لذا على الحكومة الآن بحث السبل الكفيلة لإعادة الثقة فيها، بعد الأزمات التي عصفت بها ويأتي استقالة وزير المالية وعدم رفع أسعار المحروقات ليساهم في تحسين صورتها أمام المجتمع الأردني".
 
اقتصاديا سيُحمل هذا القرار خزينة الدولة التي تعاني من عجز مزمن عبئا كبيرا، يوضحها الكاتب الاقتصادي سلامة الدرعاوي " تعاني الخزينة من وضع مالي صعب وعجز مزمن سيتجاوز النصف مليار في القريب العاجل، وهذا سيولد ضغوطات على الاستقرار المالي للدولة في حال عدم توفير إيرادات مستعجلة للخزينة، وسيكون هناك أثار وخيمة على الخزينة، ولا شك أن البدائل التي تملكها الحكومة لتعويض الإيرادات وضبط العجز خيارات محدودة للغاية وتداعياتها صعبه يقترب في بعضها من تداعيات رفع أسعار المحروقات، فالحكومة لا تملك إلا أن ترفع الضرائب أو أن تلجاء لزيادة الاقتراض وهذا سيؤثر على التنمية في البلد أو تقليل النفقات وهذا يؤثر على معدلات النمو أو الحصول على مساعدات أجنبية وهذا أمر صعب حاليا".
 
وبهذا يرتفع عجز الموازنة بعد المساعدات، التي من المتوقع أن تصل إلى 574 مليون دينار، إلى 6.42% من الناتج المحلي الإجمالي المقدر بقيمة 717 مليون دينار، بدلا من عجز كان مقدرا أن يصل إلى 3.4% من الناتج المحلي الإجمالي، قيمته 380 مليون دينار.
 
وكان وزير المالية قال" إن كبح عجز الموازنة المتنامي يتطلب رفع الدعم عن المحروقات وإعادة تنظيم دعم الأعلاف الذي توقع وصوله إلى 160 مليون دينار بارتفاع قدره 100 مليون عن المبلغ المخصص له في الموازنة.

أضف تعليقك