عام على الأزمة.. تراجع في العقار وركود في الصادرات

عام على الأزمة.. تراجع في العقار وركود في الصادرات
الرابط المختصر

 الأزمة الاقتصادية التي اجتاحت العالم منذ عام انعكست سلبا على سوق العقار الأردني،إن كان  في البيع والشراء، أو إنتاج الشقق أو التسهيلات البنكية، كما على الصادرات الوطنية من ألبسة وتعدين.


يرى المحلل الاقتصادي سلامة الدرعاوي، وغيره من المحللين، ضرورة تقسيم آثار الأزمة على الأردن ضمن فترتين، ففي بداياتها استفاد الأردن ، كغيره من دول المنطقة، بانخفاض أسعار النفط ،وأسعار السلع وتراجع مستوى التضخم الاقتصادي.
وهو ما جاء في تقرير لوزارة الاقتصاد الأردنية منذ بداية الأزمة، حول الآثار الإيجابية للأزمة على الاقتصاد الأردني،وأبرزها تراجع التضخم إلى 7% ، واستمرار النمو بنسبة لا تقل عن 5% خلال 2009.

وتعود معظم أسباب التضخم إلى ارتفاع فاتورة استيراد المواد النفطية والمنتجات الغذائية والسلع الأساسية الأخرى.
ولكن الأمر تحول،بحسب الدرعاوي، إلى اتجاه معاكس فيما بعد، وأصبحت الأزمة العالمية تعمق من آثارها في الأردن، وبشكل تتجاوز فيه ما حصل في دول العالم، وذلك بسبب المشاكل الاقتصادية الموجودة من قبل، كالعجز المتفاقم في الموازنة العامة، والبطالة وغيرها من المشكلات التي أخذت بالتأزم أكثر فأكثر.

كما تحدث تقرير وزارة الاقتصاد،عن الآثار السلبية للأزمة،كتأثير الركود الاقتصادي العالمي السلبي على الصادرات الوطنية بالمدى المتوسط والطويل، خاصة صادرات الألبسة من المناطق الصناعية المؤهلة، وصادرات التعدين من فوسفات وبوتاس.
وحسب التقرير فإنه،و نتيجة للكساد العالمي الذي تعاني منه معظم الدول المانحة ولجوئها إلى ضخ مبالغ طائلة في أسواقها لتوفير السيولة اللازمة لتنشيط اقتصادياتها فمن المتوقع أن تنخفض المساعدات الخارجية بشكل ملحوظ.

ويرى خبراء اقتصاديون أن تراجع التضخم في الأردن إلى مستويات متدنية يدل على تباطؤ اقتصادي مرتبط بتداعيات الأزمة العالمية، محذرين من تراجع تلك النسب إلى ما دون 2 %،لما يعنيه ذلك من وقوع الاقتصاد في فخ التباطؤ وما له من تبعات سلبية ومخاطر على الاقتصاد.

وتشير أرقام رسمية صادرة عن دائرة الإحصاءات العامة الأردنية مؤخرا أن التضخم خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي بلغ مستوى واحد في المائة.

واعترف وزير المالية الأردني باسم السالم أمام اللجنة  المالية النيابية بأن الأردن يمر بتحديات كبيرة ناجمة بشكل  أساسي عن الأزمة المالية العالمية، مؤكدا أن الاقتصاد الوطني بدأ  فعلا يمر بحالة من التباطؤ الذي تؤكده العديد من المؤشرات. 

     وأوضح أن أبرز هذه المؤشرات هي نسبة النمو المتواضعة التي حققها الاقتصاد خلال الربع الأخير من العام الماضي والربع الأول من هذا  العام وتراجع الصادرات الوطنية والاستثمارات الواردة للأردن، والرقم  القياسي لكميات الإنتاج الصناعي والتسهيلات الائتمانية الممنوحة من  البنوك وغيرها

الدكتور منير الحمارنة أمين عام الحزب الشيوعي، يرجع تأثر الأردن بالأزمة تأثرا واضحا، إلى ارتباطه باقتصاد الدول الغربية وانخراطه في اقتصاد السوق، ، وعلى مختلف الأصعدة، كازدياد البطالة والنقص في معدل الاستثمار، والانخفاض الحاد في معدلات النمو الاقتصادي، وتضاعف نسبة المديونية على الأردن.

وإن كانت آثار الأزمة، بدأت بالظهور متأخرا في منطقتنا،فان المدى الكامل لآثارها،بحسب   كثير من المعلقين، لم يتبد بسبب انخفاض مستوى الشفافية.

العقار:

تعرض سوق العقار الأردني في ظل الأزمة المالية العالمية، إلى تراجع ملموس في مختلف جوانبه سواء في البيع والشراء أو إنتاج الشقق أو التسهيلات البنكية،بسبب تضارب التوقعات حول ارتفاع وهبوط الأسعار، مما أدى إلى إرباك المواطن بشكل كبير.
بينما تؤكد مدير عام شركة ((لايم لايت)) الدولية، ديالا مولا، على أن الأزمة الاقتصادية العالمية وضعف القوة الشرائية وتحفظ البنوك لم تعد السبب في تباطؤ حركة العقار في الأردن بل إن حالة الترقب وتضارب التوقعات حول أسعار العقار عمقت هذا
التباطؤ .

ولم تقتصر أزمة العقار في الأردن، بحسب رئيس جمعية مستثمري قطاع الاسكان زهير العمري،أضرارها على قطاع العقار وحده بل امتدت لتصل إلى أكثر من 25 قطاعا مساندا له.

وبين أن عزوف البنوك عن الإقراض أضر بالمواطنين الراغبين بشراء الشقق، كما أضر بالمستثمرين الراغبين بالاستفادة من الانخفاض الكبير في أسعار مواد البناء والنقل الناتجة عن انخفاض أسعار المحروقات في وقت سابق.

وسبق أن أعلنت بعض الشركات العقارية عن أرباح متواضعة وخسائر منيت بها ، مما اضطر الحكومة الأردنية لشراء بعض الشركات المتعثرة عبر صناديقها الاستثمارية.

البطالة:

أعرب المدير السابق لمؤسسة الضمان الاجتماعي، خالد الوزني ،عن مخاوف من عودة أعداد من الأردنيين العاملين في الخارج، الأمر الذي من شأنه تعميق الأزمة وخاصة في ارتفاع معدل البطالة.

كما حذر تقرير حكومي من أن عودة العمالة الأردنية في الخارج إثر تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية ستترك أثارا سلبية على الاقتصاد الوطني خاصة على معدلات البطالة في سوق العمل الأردني .

وأشار التقرير إلى أن معدلات البطالة وفق الإحصاءات العامة بلغت 12,2% خلال الربع الأول من عام 2009 ما يعتبر منخفضا مقارنة بالربع نفسه من عام 2008 الذي بلغ 14,1% أما في الربع الثاني من عام 2008 قد انخفضت إلى 12% فيما وصلت في الربع الرابع من العام نفسه إلى 12,7%.

وخلص التقرير إلى أن نتائج المعدلات الصادرة عن دائرة الإحصاءات العامة تدل على أن معدلات البطالة في المملكة لم تتأثر بالأزمة الاقتصادية حتى الربع الأول من عام 2009.

كما أكد منير الحمارنة أن البطالة الداخلية، والناتجة عن تسريح العمالة الأردنية خاصة في دول الخليج، هي من أبرز نتائج الأزمة العالمية على الأردن.

 

سياسات المواجهة ؟؟

اتخذت حكومات الدول الواقعة غرب عالمنا، إجراءات طوارئ، ورسمت " خطط الإنقاذ"، للوقوف أمام المارد العاصف، والحـدّ من تبعات الأزمة،فما هي الإجراءات التي قامت حكوماتنا هنا لمواجهتها؟؟

على الصعيد الرسمي، شكلت الحكومة الأردنية لجنة لدراسة آثار الأزمة المالية على الاقتصاد الوطني، وصرحت وزارة المالية بأن الحكومة تعمل على تعديل عدد من القوانين مثل قانون الضريبة وقانون تشجيع الاستثمار والأراضي والأبنية لتحفيز الاستثمار،وتهدف الحكومة بهذا التعديل إلى توسيع الإعفاءات وإلغاء بعض الضرائب وخاصة الإضافية منها.

وقال وزير المالية إن الوزارة تدرس خفض الاحتياطي الإلزامي للبنوك بنسبة تصل إلى 7% لمواجهة تداعيات الأزمة المالية العالمية على البلاد،     وبين ان هذا الوضع أثر على أداء الموازنة العامة للدولة، فتباطأت الايرادات المحلية خلال الفترة الماضية من هذا العام، وتوقع، نتيجة لذلك،ارتفاع العجز خلال العام الحالي ليصل إلى حوالي 1.1 مليار دينار.

وفي إطار الجهود الرامية لتعزيز الإنتاج ومحاصرة مشكلة الغلاء وتخفيف حدة التضخم، تضمنت الميزانية الأردنية توصية بزيادة رواتب الموظفين بنسبة 11 بالمئة على الراتب الأساسي. كما طالبت بعدم رفع أسعار الكهرباء وزيادة نسبة دعم الأعلاف للماشية.

وكانت الحكومة قد أعلنت عن سياسة جديدة في تسعير المحروقات تقوم على إقرار سعر جديد كل شهر، ليتماشى مع السعر العالمي صعودا وهبوطا، والذي بدا متذبذبا منذ انفجار الأزمة المالية العالمية .
 
ورغم ما تقدم ،إضافة إلى إشادة رئيس مجموعة البنك الدولي "روبرت زوليك"، خلال لقاء برئيس الوزراء نادر الذهبي، بقدرة الأردن على التعامل مع الأزمة  والحد من آثارها على الاقتصاد الأردني، وإعرابه عن ثقته في قدرة الاقتصاد الأردني بتجاوز تداعيات الأزمة.

إلا أن د. منير الحمارنة يؤكد غياب أي إجراء قد تكون الحكومة قامت به لمواجهة الأزمة، فهي عاجزة عن المواجهة،بسبب مشاكلها الموجودة من قبل، ولعدم وجود نية لذلك.

وأوضح أن التركيز على المشاريع التصنيعية التي تحد من مشكلة البطالة، وخفض العجز العام، هي من الأمور التي يجب أن توليها الحكومة الأولوية لمواجهة الأزمة، مما يشكل حماية للمواطن، معربا عن عدم قناعته بكفاية ما قررته الحكومة في الآونة الأخيرة لمراقبة الأسعار.  


الوزير السابق الفريز رأى أن العمل يجب أن يكون على محورين هما الحد من العجز في الموازنة، وتشجيع الاستثمار، مع بقاء الدور الرقابي للحكومة، معتبرا ذلك حلا وحيدا للتخفيف من تبعات الأزمة في الأردن.   

و يرى سلامة الدرعاوي أن الحكومة "تتخبط" في مواجهة الأزمة، لعدم معرفتها لحقيقة الأزمة، أو لعدم قدرتها على مواجهتها، بسبب ما تعانيه هي من إشكاليات.

ويلفت الدرعاوي إلى أن الحكومة التي بدأت إجراءات لمعالجة السياسة النقدية وحفز البنوك للخروج من حالة التحوط غير المبرر، غير أنه اعتبرها لا تزال في حالة عدم فهم للآثار التي لحقت بعدد من القطاعات ومنها قطاع العقار.