طلاب يهجرون أوقات فراغهم إلى العمل
"أعمل كي أدفع أقساط جامعتي ولا أخجل من ذلك" هذا هو السبب الذي دفع بطالبة ادارة الاعمال في جامعة الاسراء عبير الحاج للانخراط بسوق العمل بكل ما فيه من صعوبات وتحديات...
وتعمل كموظفة صندوق في احد المطاعم، وتؤكد " جربت العمل في محال الملابس والمكياج بالاضافة الى تسويق المنتجات، وقد وجدت العمل في المطعم افضلها من حيث الراتب وامور اخرى".
ويؤكد طالب نظم المعلومات في الجامعة الاردنية معن الخريشة ان الحاجة الماسة هي التي دفعته لان يعمل في مطعم للمأكولات السريعة، ويقول"اقساط الجامعة فوق طاقة والدي وانا أعمل لاساعده على تأمين مصاريفي الشخصية على الأقل".
أما طالب التمريض في الجامعة الاردنية عبدالرحمن الفقهاء، فيغلب الجانب المعنوي على المادي في العمل، حيث يقول "عملي في محل بيع الاحذية يتطلب مهارة في التعامل مع الناس وهذا ما اردته دوما، لذلك احاول ان اكسب تلك المهارة بالاضافة الى قضاء وقت العطلة بشيء مفيد".
هكذا تبين من خلال جولة على عدد من الطلبة العاملين ان الاسباب التي تدفع بهم للعمل في عطلتهم تنحصر بين كسب بعض المال لتسديد اقساط جامعاتهم او تغطية مصاريفهم، وبين قضاء اوقات الفراغ وكسب المزيد من المهارات والخبرات، لكن ما توابع هذه الاعمال؟
مضايقاتتقول الطالبة عبير"من المضايقات التي اتعرض لها المعاكسات التي اتلقاها من قبل الزبائن على الهاتف، فيطلبون المجيء الى الفرع الذي اعمل به لرؤيتي" لكن خبرة ثلاث سنوات عمل جعلت من هذه الطالبة أكثر قدرة على تفادي مثل هذه المواقف حيث تؤكد انها "اصبحت اكثر جرأة عند تعرضي لهذه المواقف لكن بطريقة لبقة، كأن ارحب بالزبون للمجيء الى المطعم وأؤكد له انه سيجد العديد من زملائي الشباب لخدمته".
هدى عبدالمنعم انهت الثانوية العامة وتعمل موظفة صندوق في مطعم مأكولات سريعة بانتظار بدء دوامها الجامعي، تؤكد ان أكثر ما يعيقها في عملها هو " نظرة المجتمع لي كموظفة في مطعم حيث أن اغلبها سلبية، كما اواجه صعوبة مع الزبائن عند الحساب فيجدون الحديث عن غلاء اسعار المطعم وسيلة لبدء احاديث اخرى الا ان رد فعلي لا يكون لطيفا في الغالب".
ويبدو ان هذه المضايقات من قبل الزبائن لم تقتصر على العاملات انما تعدت ذلك الى العاملين الشباب خصوصا في محال بيع مستلزمات النساء، وهو ما يؤكده طالب كلية تكنولوجيا المعلومات في الجامعة الاردنية عطا السيد الذي يعمل في محل بيع احذية نسائية حيث يقول "اصبح من الطبيعي دخول فتيات الى المحل لمحاولة لفت نظر احد الموظفين، الا ان قوانين العمل هنا تمنع ان نبالغ في ملاطفة الزبائن او ان تمتد العلاقة اكثر من اللازم حفاظا على سمعة المحل".
ويؤكد الطالب عبدالرحمن على تعرضه لمواقف محرجة مع الزبائن بهذا المجال لكنه يختلف مع زميله بقوله "بعض الاحيان تعجب احدى الزبائن بموظف وقد يمتد الامر لابعد من مكان العمل فلا يقتصر الموضوع على مجرد مجاملات داخل المحل".
ساعات العمل
من المعروف ان ساعات العمل محددة في عقد العمل بين الموظف والشركة وبما لا يتعارض مع قانون العمل والعمال، لكن الامر قد يختلف في بعض المحال مع الطلبة، حيث يقول الطالب عطا " نضطر احيانا للمكوث وقتا اطول من المتفق عليه عندما يكون هنالك تحميل وتنزيل للبضائع فنبقى حتى الثالثة صباحا، والمشكلة اننا لا نتقاضى شيئا لقاء ساعات العمل الاضافية ، بحجة اننا جدد في المحل وعقدنا اصلا لفترة قصيرة، لذلك فضل العديد من الطلبة ترك عملهم هنا بسبب هذه المشكلة".
ويشير الطالب عطا الى العقوبات التي يتلقونها في حالة تأخرهم عن الوقت المحدد لهم " تأخرت اليوم نصف ساعة فتلقيت انذارا مقداره ستة دنانير ونصف".
ويلوم الطالب معن اصحاب العمل على عدم تقديرهم للحاجة الملحة التي تدفع بالطالب للعمل، لكنهم يستغلونها بدلا من ذلك حيث ان " ما يهم صاحب العمل ان يستفيد من العاملين لديه قدر المستطاع وبوقت اكثر ان امكن مقابل الأجر المحدد الذي لايتغير".
ما بين الدراسة والعمل
يضطر بعض الطلبة احيانا للاستمرار في العمل حتى مع بدء الموسم الدراسي، وذلك لاستكمال المصاريف اللازمة للدراسة والتي تتمثل ب"الكتب والمصاريف الشخصية والمواصلات " على حد قول الطالب معن الذي يعاني صعوبات عديدة في العمل اثناء الموسم الدراسي، الا ان اسوأ تلك الصعوبات هي عدم القدرة على التنسيق بين اوقات العمل والدراسة مما يضطر الطالب للتقصير في احدهما " لا يمكن ان يكون المجهود المبذول في الدراسة هو نفسه المبذول في العمل، ونحن كطلاب تهمنا الدراسة بالدرجة الاولى لكن الحاجة المادية وارتفاع اسعار المستلزمات الجامعية تدفعنا نحو الاهتمام بالعمل بشكل اكبر لتغطية اكبر جزء ممكن من هذه المصاريف".
الطالبة عبير تشيرالى مشكلة من نوع اخر تواجهها عند تزامن اوقات الدراسة والعمل، وهي عدم مراعاة الجامعة لظروفهم كطلاب يعملون لاستكمال حلقات الدراسة، ومن المواقف التي واجهتها " اقساطي الجامعية اسددها على مراحل على ان تكون مسددة بالكامل قبل بدء الامتحانات النهائية، لكني لم استطع في احد الفصول ان اتدبر المبلغ في الموعد المحدد فذهبت للادارة كي احاول تاجيل الموعد حتى نهاية الامتحانات، فقابلوا ذلك باجراءات اسقاط الفصل كاملا مع ما يترتب على ذلك من خسائر مادية، مما اضطرني الى استدانة المبلغ بصعوبة بالغة خوفا من ضياع جهودي، لكن كان الاولى بالجامعة ان تقدر وضعي فانا لم اطلب سوى التأجيل لمدة اسبوع واحد".
وفي ظل هذه التبعات والاشكالات التي تصاحب عمل الطلبة الجامعيين، تحولت هذه الاعمال الى عناصر توتر ، وإلى محفزات لترسيخ السمة الغالبة في مجتمعنا، والتي تصنف "الكشرة" ضمن قائمة "الوضع الطبيعي" وتستهجن الإبتسامة التي قد ترتسم على شفاه العاملين إذا أنصفوا ، وربما يجد المبتسمون من يرشدهم بقوله "لا تبتسم... سيحسبونك احمقا"!!











































