ضرورة التغلب على المعيقات الذاتية لتوسيع قاعدة السياحة للأردن

 

 

يتم في الوقت الحالي العمل على وضع استراتيجية اقتصادية للسنوات القادمة بناء على التوجيهات الملكية. ويأتي موضوع السياحة ضمن ورشات العمل التي يتم التفكير حول كيفية توسيعها . ورغم المحاولات الحثيثة والنشاط الكبير للوزير السياحي الحالي نايف حميدي الفايز وهيئة تنشيط السياحة إلا أن هناك فئتان لايزال العمل لتشجيعهم القدوم للأردن ضعيف وذلك لأسباب ذاتية يمكن التغلب عليها لو كان هناك فعلا نظرة استراتيجية خارج الصندوق .

الفئة الأولى والتي لا تستفيد الأردن بما فيه الكفاية منها هي السياحة الدينية وبالذات السياحة المسيحية. يتم الحديث المستمر والمنمق عن أهمية السياحة الدينية ولكن هناك خطوات عملية كبيرة لا تزال غير مفعلة كما وهناك عقبات بيروقراطية نابعة من نظرة ضيقة لموضوع السياحة المسيحية يمكن لو تم تجاوزها لتم مشاهدة وسع وبصورة كبيرة لقاعدة السياحة المسيحية.

ففي مجال الاهتمام  بالسياحة المسيحية لا بد من تطوير عملية تشجيع السياحة المسيحية افقياً وعمودياً.

ففي مجال التطوير العامودي لا بد من الاشارة ان اراضي المملكة الاردنية الهاشمية مليئة بالأماكن الأثرية المسيحية والتي لها ذكر مباشر في الكتاب المقدس ولكن تلك الأماكن غير معروفة وغير مُعرفة. فلا توجد عملية حصر مهنية واسعة لتوضيح تلك الأماكن وربطها مع الشواهد حيث يفيد بعض الخبراء ان هناك اكثر من 100 موقع ديني مسيحي في الاردن لها ذكر في الكتاب المقدس.

وفي هذا المضمار لا بد من الاشارة الى ضرورة وضع قارمات واضحة وإدخال تلك المواقع في الخارطة السياحية وتشجيع إصدار الكتب السياحية المتخصصة وتوزيع بروشورات والاستفادة من التواصل الاجتماعي للإعلان عنها وتدريب المرشدين السياحيين لها. 

قد يقول البعض ان هناك تكلفة لذلك ولكن هل فكرت الدولة الاردنية بإدخال فكرة الرعاية. فهناك العديد من الشركات الخاصة والمؤسسات الدينية والأفراد الذين يرغبون برعاية تطوير مواقع سياحية مسيحية وعلى استعداد للاستثمار في ذلك مقابل الإشارة إلى دورهم في تشجيع السياحة.

أما في مجال التوسع الأفقي فهناك حاجة الى ادخال التعددية في مجال التطوير السياحي المسيحي. تعمل هيئة السياحة بصورة جيدة في مجال تطوير السياحة مع الكنائس التاريخية مثل الارثودكس والكاثوليك ولكنها ضعيفة في مجال جذب السياحة البروتستانتية وبالذات السياحة الإنجيلية. فعل سبيل المثال لا الحصر يمكن ادخال تطور كبير لو تم العمل الجاد محليا ودوليا على جذب السياح بالتعاون مع المؤسسات الانجيلية والتي يصل عددهم العالمي إلى 600 مليون.

يمكن في هذا المجال على سبيل المثال لا الحصر الاهتمام المعمدانيين وهم حسب اسمهم مهتمون بموضوع المعمودية ويشكل موقع المغطس مكان مناسب جداً لهم. تطوير هذه العلاقة ممكنة وسهلة إذا ما تم الاستفادة من العناصر المسيحية من الطوائف الإنجيلية (ومنهم المعمدانيين) في الأردن والتي يصل عدد التابعين لها إلى عشرة آلاف أردني ولها قيادات أردنية وطنية. ولكن الدولة الاردنية وللاسف غارقة في عملية تمييز غير منطقية تفضل بعض المسيحيين الأردنيين وتوفر لهم الاعتراف والمحاكم الكنسية  وترفض الاعتراف باخرين وبدون أي سبب منطقي علما ان شخصيات أردنية رفيعة ومنها أمراء واشراف درسوا في مدارس انجيلية منها المدرسة المعمدانية مدارس كنيسة الناصري وغيرها كما لمستشفيات أقامها الإنجيليون في المفرق وعجلون تعمل في خدمة الأردنيون منذ  أوائل القرن الماضي.

اما الفئة الاخرى المُغيبة عن المهتمين بالسياحة للأردن فهي سكان القدس والتي يزيد عددهم عن 330 الف ولكن بعض القرارات البيروقراطية والتي لا حاجة لها تنفر وتبعد المقدسيين . شروط زيارة  الأردن من خلال المعابر البرية مكلفة سبب ارتفاع الرسوم غير الضرورية والتي تٌدفع للجانب الاسرائيلي بدون سبب منطقي. فالاردن تسمح للمقدسي أن يصل لمطار الملكة علياء مسافراً عبر مطار اللد ومستخدماً اللاسية باسية (وثيقة سفر مسجل عليها أن المسافر أردني) في حين تفرض على نفس المواطن المقدسي أن يسافر براً فقط من خلال التصريح الإسرائيلي باهظ التكلفة (حوالي 55  دينار) لكل سفرة ولكل فرد من العائلة  في حين أن رسوم  اللاسية باسيه  حوالي  20 دينار تُدفع واحدة لخمس سنوات. الغريب في الموضوع ان سبب الاصرار على استخدام التصريح هو الرغبة في تثبيت المقدسيين في حين أن مدة التصريح ثلاث سنوات و مدة سريان اللاسية باسيه خمس سنوات. 

الأمر نفسه ينطبق على السفر بالسيارة للمقدسيين عبر جسر الشيخ حسين. فما هو المنطق أن يتم السماح لأهلنا في مناطق الـ 48 باستخدام سياراتهم التي تحمل نمرة إسرائيلية (يتم استبدالها باردنية) في حين يتم منع المقدسيين من نفس العملية.

على الحكومة الاردنية ان تدرس الموضوع من خلال محامون متخصصون وإعادة النظر في تلك السياسة التي لا ضرورة لها ولا معنى سياسي لها سوى أنها متوارثة عبر السنوات.

لقد شكلت بعض هذه الأمور حساسية وتخوف من النظر لها لأسباب مختلفة ولكن التهرب منها اصبح عبء على السياحة الاردنية.

 فإذا كان الهدف من ورشات العمل الاهتمام بصورة بعيدة النظر فمن الضروري إيجاد الشجاعة والتعمق في بعض السياسات التي عفى عليها الزمن وإدخال تعديلات عليها تضمن زيادة للسياحة دون المساس بالثوابت المتعارف عليها.

 

 

أضف تعليقك