ضرورة إعادة النظر في السياسات الرقمية وخلق مجلس مجتمعي للإشراف على قرارت الحجب

من المؤكد أنه في العصر الرقمي كل دولة ذات سيادة حريصة على ما يتناقل في البلد نفسه عبر الشبكة العنكبوتية. وقد وفرت قوانين جديدة تتعلق بالجريمة الإلكترونية الأدوات القانونية والشُرطية للتعامل مع كل من يحاول استغلال الانترنت للابتزاز أو أعمال غير قانونية وغير أخلاقية.  لذلك فمن المؤكد ان أي إنسان عاقل ولو لديه ذرة من الشعور الوطني وضرورة حماية الوطن لابد ان يتفهم ضرورة غالبية تلك الإجراءات لحماية المواطن والوطن.

ولكن من يتتبع الأمور بعمق يجد حالات مبالغة في عمل الجهاز التنفيذي والجهات التقنية والجانب المتخصص بترخيص المؤسسات الإعلامية.

قد يكون أكثر بند يركز عليه الصحفيون والمهتمون بحق المواطن التعبير عن رأيه جاء في البند 11 من قانون منع الجرائم الإلكترونية. وما يتضمنه هذا البند هو نسف قرار دستوري يضمن حرية الصحافة إضافة الى نضال نقابيين ونشطاء عبر السنوات لحماية حرية الصحافة ولكن البند المذكور تجاوز تلك الإنجازات بدون توضيح الفرق بين العمل الصحفي المهني وما قد يكون فعلا مضرا للدولة الأردنية. 

فما هو المنطق بالسماح النشر لمقال معين دون تدخل او عقاب من الحكومة اذا تم النشر في صحيفة ورقية ولكن نفس المقال إذا نُشر على الانترنت حتى لو كان لصحيفة ورقية مرخصة قد ينجم عنه (وهذا حدث أكثر من مرة) التوقيف الكاتب أو الناشر أو كليهما. فهل من المنطق السماح بمضمون معين للنشر في صحيفة ورقية وفي نفس الوقت معاقبة كاتب وناشر تلك المادة في حال تم النشر عبر الانترنت. علما ان قانون الاعلام يساوي بين المطبوعة الورقية والإليكترونية. فهل المساواة فقط في الرسوم وشروط رئيس التحرير. الا يجب ان يتم تطبيق المساواة أيضا في حق النشر؟

كما وتشمل السياسة السبيرية أمور أخرى بحاجة الى إعادة نظر. فمثلا تسمح الأردن بعمل كافة التطبيقات فيما تمنع من استخدام الخدمة الصوتية لتطبيق واحد  هو انتساب ودون أي توضيح. صحيح أن تطبيق واتساب هو تطبيق واسع الانتشار وقد يكون استخدام التطبيق لاجراء مكالمات صوتية مضر نوعاً ما لشركات الهواتف المحلية إلا أن توفر بدائل عديدة منها ماسنجر التابع لنفس الشركة (ميتا) الشركة الام للفيسبوك يعني أن ما على المستخدم إلا الانتقال للمسنجر أو غيره من التطبيقات مثل سيجنال او تلغرام او سكايب او زووم واجراء مكالمة هاتفية. قد اتفهم لو كان المنع لكل التطبيقات الصوتية أو ما يسمى   VOICE OVER IT ,ولكن حصر الحجب لجانب واحد من تطبيق واتساب لا يؤثر كثيرا ولكنه يجلب ضررا لسمعة الأردن. طبعا من يريد التواصل صوتيا عليه قليل من العمل الإضافي ولكن لا يتم منع استخدام الشبكة العنكبوتية لإجراء مكالمة هاتفية. هذا التدخل الانتقائي يضر بالمصالح الاقتصادية الأردنية ويشكل ازعاج للمواطنين المحليين والعالميين دون فائدة حقيقية للأردن بسبب وجود بدائل. وقد تكون الأردن من الدول القليلة التي تمنع الخدمة الصوتية لتطبيق واتساب.

أمر الحجب للتطبيقات والمواقع بصورة انتقائية أيضا بحاجة الى دراسة حيث يمكن لمستخدم الإنترنت في الأردن الولوج إلى ملايين المواقع بدون أي مانع إلا أن هناك مواقع معينة يتم حجبها عن المواطن الأردني دون ايضاح الاسباب علنا في حين أن من يرغب بالوصول الى تلك المواقع يمكنهم أن يستخدموا تطبيق vpn لذلك. من بين تلك المواقع والتطبيقات المحجوبه عن الأردنيين تطبيق كلوب هاوس الذي يوفر إمكانية إجراء لقاءات بين مجموعة من الأشخاص دون قدرة الجهات الأمنية على مراقبتها.

ومن ناحية أخرى تجري أحيانا حجب مواقع بسبب شكوى من هذا الشخص أو تلك المؤسسة ويتم الحجب دون إعطاء صاحب تلك المواقع الفرصة مع فترة زمنية معقولة لتصويب أوضاعها والحصول على التراخيص الضرورية علما ان هناك مساحة واسعة من الغموض حول من يحتاج للحصول على تراخيص ولأي أسباب يتم الحجب ومن هو صاحب القرار وهل هناك اجراء قانوني او اداري لضبط تلك القرارات وتوفير حق لصاحب تلك المواقع المحجوبة  الاحتجاج.

في الغالب تأتي قرارات الحجب التي يتم إرسالها لمزودي الانترنت من قبل هيئة الإعلام بقرار فردي من رئيس الهيئة المعين من الحكومة  دون أخذ رأي أي مجلس أو جهة استشارية ودون إعطاء فرصة للسلطة القضائية لإبداء الرأي علما ان الدستور يحمي حق المواطنين في حرية الرأي (المادة 15) وفي المساواة (المادة 6) وفي سرية الاتصالات ومنع الرقابة عليها إلا بأمر قضائي (المادة 18)

كما وتعمل مديرة المنافسة في وزارة الصناعة والتجارة "إلى ترسيخ مبدأ قواعد السوق وفق الضوابط المنظمة لحرية المنافسة في المملكة من خلال تطبيق أحكام قانون المنافسة." ولكن إجبار بعض منتجي المضمون دون غيرهم من الترخيص لدى هيئة الإعلام قد يشكل منافسة غير متكافئة. فمثلا ما هو المنطق من السماح للمواطن الأردني بتصفح مئات المواقع الإخبارية الناطقة بالعربي من خارج  الأردن في حين يتم فرض التراخيص والرسوم لمنتجي المضمون الاخباري الأردنيين. فهناك على سبيل المثال لا الحصر موقع سي ان ان العربي وموقع إيلاف وموقع بي بي سي العربي وكلها مواقع إخبارية ولكن لا يحصل القائمون عليها بترخيص. اليس وجودها يخل بمبدأ المنافسة الحرة مع المواقع الاردنية. الأمر نفسه قد ينطبق على مواقع متخصصة ترتأي الحكومة الأردنية ومن خلال مدير هيئة الإعلام أن يتم حجبها وبدون مراعاة مبدأ التنافسية الحرة. فهل يعقل حجب موقع ما لان المنافس للموقع احتج او احتجت للهيئة؟

لا شك أن الثورة الرقمية أدخلت أمور عديدة بحاجة الى مناقشة واسعة وقوانين وأنظمة عصرية تتعاطى مع تلك التغييرات دون ان تقوم بقرارت انتقائية ضد هذا التطبيق او هذا المقال الاليكتروني او هذا الموقع. من الأمور التي يمكن العمل عليها هو تشكيل مجلس يمثل كافة الأطر الفكرية والاجتماعية والاستمزاج برأي هذا المجلس قبل القيام بقرارات حجب تطبيق هنا وموقع هناك.

 

· الكاتب مدير عام شبكة الاعلام المجتمعي وصاحب ترخيص موقع عمان نت وراديو البلد

من المؤكد أنه في العصر الرقمي كل دولة ذات سيادة حريصة على ما يتناقل في البلد نفسه عبر الشبكة العنكبوتية. وقد وفرت قوانين جديدة تتعلق بالجريمة الإلكترونية الأدوات القانونية والشُرطية للتعامل مع كل من يحاول استغلال الانترنت للابتزاز أو أعمال غير قانونية وغير أخلاقية.  لذلك فمن المؤكد ان أي إنسان عاقل ولو لديه ذرة من الشعور الوطني وضرورة حماية الوطن لابد ان يتفهم ضرورة غالبية تلك الإجراءات لحماية المواطن والوطن.

ولكن من يتتبع الأمور بعمق يجد حالات مبالغة في عمل الجهاز التنفيذي والجهات التقنية والجانب المتخصص بترخيص المؤسسات الإعلامية.

قد يكون أكثر بند يركز عليه الصحفيون والمهتمون بحق المواطن التعبير عن رأيه جاء في البند 11 من قانون منع الجرائم الإلكترونية. وما يتضمنه هذا البند هو نسف قرار دستوري يضمن حرية الصحافة إضافة الى نضال نقابيين ونشطاء عبر السنوات لحماية حرية الصحافة ولكن البند المذكور تجاوز تلك الإنجازات بدون توضيح الفرق بين العمل الصحفي المهني وما قد يكون فعلا مضرا للدولة الأردنية. 

فما هو المنطق بالسماح النشر لمقال معين دون تدخل او عقاب من الحكومة اذا تم النشر في صحيفة ورقية ولكن نفس المقال إذا نُشر على الانترنت حتى لو كان لصحيفة ورقية مرخصة قد ينجم عنه (وهذا حدث أكثر من مرة) التوقيف الكاتب أو الناشر أو كليهما. فهل من المنطق السماح بمضمون معين للنشر في صحيفة ورقية وفي نفس الوقت معاقبة كاتب وناشر تلك المادة في حال تم النشر عبر الانترنت. علما ان قانون الاعلام يساوي بين المطبوعة الورقية والإليكترونية. فهل المساواة فقط في الرسوم وشروط رئيس التحرير. الا يجب ان يتم تطبيق المساواة أيضا في حق النشر؟

كما وتشمل السياسة السبيرية أمور أخرى بحاجة الى إعادة نظر. فمثلا تسمح الأردن بعمل كافة التطبيقات فيما تمنع من استخدام الخدمة الصوتية لتطبيق واحد  هو انتساب ودون أي توضيح. صحيح أن تطبيق واتساب هو تطبيق واسع الانتشار وقد يكون استخدام التطبيق لاجراء مكالمات صوتية مضر نوعاً ما لشركات الهواتف المحلية إلا أن توفر بدائل عديدة منها ماسنجر التابع لنفس الشركة (ميتا) الشركة الام للفيسبوك يعني أن ما على المستخدم إلا الانتقال للمسنجر أو غيره من التطبيقات مثل سيجنال او تلغرام او سكايب او زووم واجراء مكالمة هاتفية. قد اتفهم لو كان المنع لكل التطبيقات الصوتية أو ما يسمى   VOICE OVER IT ,ولكن حصر الحجب لجانب واحد من تطبيق واتساب لا يؤثر كثيرا ولكنه يجلب ضررا لسمعة الأردن. طبعا من يريد التواصل صوتيا عليه قليل من العمل الإضافي ولكن لا يتم منع استخدام الشبكة العنكبوتية لإجراء مكالمة هاتفية. هذا التدخل الانتقائي يضر بالمصالح الاقتصادية الأردنية ويشكل ازعاج للمواطنين المحليين والعالميين دون فائدة حقيقية للأردن بسبب وجود بدائل. وقد تكون الأردن من الدول القليلة التي تمنع الخدمة الصوتية لتطبيق واتساب.

أمر الحجب للتطبيقات والمواقع بصورة انتقائية أيضا بحاجة الى دراسة حيث يمكن لمستخدم الإنترنت في الأردن الولوج إلى ملايين المواقع بدون أي مانع إلا أن هناك مواقع معينة يتم حجبها عن المواطن الأردني دون ايضاح الاسباب علنا في حين أن من يرغب بالوصول الى تلك المواقع يمكنهم أن يستخدموا تطبيق vpn لذلك. من بين تلك المواقع والتطبيقات المحجوبه عن الأردنيين تطبيق كلوب هاوس الذي يوفر إمكانية إجراء لقاءات بين مجموعة من الأشخاص دون قدرة الجهات الأمنية على مراقبتها.

ومن ناحية أخرى تجري أحيانا حجب مواقع بسبب شكوى من هذا الشخص أو تلك المؤسسة ويتم الحجب دون إعطاء صاحب تلك المواقع الفرصة مع فترة زمنية معقولة لتصويب أوضاعها والحصول على التراخيص الضرورية علما ان هناك مساحة واسعة من الغموض حول من يحتاج للحصول على تراخيص ولأي أسباب يتم الحجب ومن هو صاحب القرار وهل هناك اجراء قانوني او اداري لضبط تلك القرارات وتوفير حق لصاحب تلك المواقع المحجوبة  الاحتجاج.

في الغالب تأتي قرارات الحجب التي يتم إرسالها لمزودي الانترنت من قبل هيئة الإعلام بقرار فردي من رئيس الهيئة المعين من الحكومة  دون أخذ رأي أي مجلس أو جهة استشارية ودون إعطاء فرصة للسلطة القضائية لإبداء الرأي علما ان الدستور يحمي حق المواطنين في حرية الرأي (المادة 15) وفي المساواة (المادة 6) وفي سرية الاتصالات ومنع الرقابة عليها إلا بأمر قضائي (المادة 18)

كما وتعمل مديرة المنافسة في وزارة الصناعة والتجارة "إلى ترسيخ مبدأ قواعد السوق وفق الضوابط المنظمة لحرية المنافسة في المملكة من خلال تطبيق أحكام قانون المنافسة." ولكن إجبار بعض منتجي المضمون دون غيرهم من الترخيص لدى هيئة الإعلام قد يشكل منافسة غير متكافئة. فمثلا ما هو المنطق من السماح للمواطن الأردني بتصفح مئات المواقع الإخبارية الناطقة بالعربي من خارج  الأردن في حين يتم فرض التراخيص والرسوم لمنتجي المضمون الاخباري الأردنيين. فهناك على سبيل المثال لا الحصر موقع سي ان ان العربي وموقع إيلاف وموقع بي بي سي العربي وكلها مواقع إخبارية ولكن لا يحصل القائمون عليها بترخيص. اليس وجودها يخل بمبدأ المنافسة الحرة مع المواقع الاردنية. الأمر نفسه قد ينطبق على مواقع متخصصة ترتأي الحكومة الأردنية ومن خلال مدير هيئة الإعلام أن يتم حجبها وبدون مراعاة مبدأ التنافسية الحرة. فهل يعقل حجب موقع ما لان المنافس للموقع احتج او احتجت للهيئة؟

لا شك أن الثورة الرقمية أدخلت أمور عديدة بحاجة الى مناقشة واسعة وقوانين وأنظمة عصرية تتعاطى مع تلك التغييرات دون ان تقوم بقرارت انتقائية ضد هذا التطبيق او هذا المقال الاليكتروني او هذا الموقع. من الأمور التي يمكن العمل عليها هو تشكيل مجلس يمثل كافة الأطر الفكرية والاجتماعية والاستمزاج برأي هذا المجلس قبل القيام بقرارات حجب تطبيق هنا وموقع هناك.

 

· الكاتب مدير عام شبكة الاعلام المجتمعي وصاحب ترخيص موقع عمان نت وراديو البلد

 

أضف تعليقك