شروط المنح والقروض الجامعية ..السؤال مشروع حول عدالتها
استفاد عيسى العدوان، طالب التربية البدنية في الجامعة الهاشمية، من القرض الجزئي الجامعي على مدار عامين دراسيين. ومع اقترابه من التخرج كان متيقنا من حصوله على القرض وربما المنحة، سيما وأن الأسباب التي أهلته سابقا لذلك أضيف إليها سبب أخر هو وفاة والده، المعيل الأساسي له. لكنه فوجىء باستثنائه من قائمة المستحقين. وعندما ذهب إلى وزارة التعليم العالي برفقة مجموعة من زملائه، لمعرفة أسباب عدم استفادتهم من المنح والقروض الجزئية الجامعية للعام الدراسي 2019- 2020 ، صده أحد الموظفين بهذه الكلمات:”وفاة والدك ليست سببا كافيا كي تحصل على القرض".
المشكلة ذاتها واجهتها سحر*، طالبة كلية الأعمال في جامعة البلقاء، التي حصلت على قرض جامعي في عاميها الدراسيين الأول والثاني، وتفاجأت بعدم ورود اسمها في قائمة الطلبة المستحقين للقروض والمنح في العام الثالث، بعد انخفاض نقاط قبولها، رغم ثبات ظروفها المعيشية والاكاديمية.
تقدمت سحر بالاعتراض الإلكتروني على النتائج دون جدوى، فاضطرت إلى تأجيل الفصل الصيفي. ثم عادت وسجلت للفصل الدراسي الأول هذا العام، بعد أن قامت إدارة الجامعة بتأجيل دفع الرسوم إلى نهاية الفصل، مراعاة للظروف التي يمر بها الطلبة وذويهم جراء جائحة كورونا
شروط غير منصفة
نهاية عام 2020 تم تعديل تعليمات "صندوق دعم الطالب الجامعي"، الذي يقدم المنح والقروض الجزئية في كل عام، حيث وزعت نقاط المفاضلة المؤهلة للحصول على المنح على النحو التالي: 400 نقطة للتحصيل الأكاديمي( ويشمل ذلك التحصيل الجامعي ومعدل الثانوية العامة لطلبة السنة الدراسية الأولى في الجامعة)، 100 نقطة عن كل أخ على مقاعد الدراسة في الجامعات، 100 نقطة عن استفادة أسرة الطالب من دعم الخبز، 100 نقطة للطلبة المقيمين في المناطق المصنفة كجيوب فقر، وما يماثلها للمستفيدين من المعونة الوطنية (الدعم التكميلي)، و100 نقطة لمحل إقامة الطالب (25 نقطة للمقيم بنفس لواء الجامعة التي يدرس بها، 50 نقطة للمقيم بلواء آخر داخل المحافظة، 75 من محافظة لأخرى داخل إقليم الجامعة، و100 نقطة للمقيم بإقليم وجامعته في إقليم آخر).
ينظر طلاب إلى بعض نقاط المفاضلة في نظام المنح باعتبارها غير منصفة ، مثل النقاط الخاصة بالتحصيل الأكاديمي، ومكان إقامة الطالب، وتصنيف جيوب الفقر المعتمد منذ عام 2010 ولم يتغير حتى الآن.
في ما يتعلق بالنقاط الخاصة بالتحصيل الأكاديمي ينتقد فاخر دعاس، منسق الحملة الوطنية من أجل حقوق الطلبة "ذبحتونا"، دخول طلبة السنة الأولى في المنافسة على القروض والمنح الجزئية اعتمادا على معدلاتهم في الثانوية العامة.
ويقول : العامين الأخيرين شهدا معدلات مرتفعة لم تعرف المملكة مثلها من قبل، حيث “سجلت في الدورة الصيفية لعام 2019 علامة 100 لطالب واحد، وحصل في الدورة الأخيرة أكثر من 80 طالب وطالبة على معدل 100 والآلاف تخطوا %الـ 95”. وهذا يزيد من صعوبة حصول طلبة السنتين الثالثة والرابعة على قروض أو منح ، رغم ثبات التقديرات الأكاديمية لهم أو انخفاضها ببضعة اعشار، لأن رفع هذه التقديرات يصبح أصعب في السنة الجامعية الأخيرة.
وفق تعليمات صندوق دعم الطالب الجامعي 2020 فإنّ تخصيص عدد المنح الجزئية والقروض للواء الواحد يتم من خلال تقسيم أعداد الطلبة المتقدمين في اللواء على إجمالي عدد الطلبة المتقدمين وضربها في العدد الإجمالي للمنح الجزئية أو القروض وتشترط التعليمات أن لا تقل حصة اللواء الواحد من المنح عن 150 وأن لا تقل القروض عن 350 قرضا
يرى دعاس أنّ أعداد المنح والقروض المخصصة لكل لواء لا تأخذ بعين الاعتبار الكثافة السكانية للواء ، فقد يحصل الطالب في جنوب المملكة على القرض أو المنحة بمجرد جمعه 200 نقطة، في حين لا يحصل عليها الطالب في لواء آخر مثل لواء الرصيفة مع أنه جمع 450 نقطة. ويلفت أيضا إلى أنّ مكان إقامة الطالب يلعب دورا أيضا في زيادة الأعباء المالية عليه، حتى وإن كان يسكن في إقليم الجامعة نفسه، فقد تكون منطقته أبعد عن الجامعة من منطقة أخرى خارج الإقليم
على سبيل المثال، ووفق ما رصدنا، تبعد منطقة المشيرفة أبعد نقطة بمحافظة جرش (إقليم الشمال) عن الجامعة الأردنية الواقع بإقليم الوسط مسافة 59 كم، في حين تصل المسافة بين الجامعة ولواء ذيبان آخر نقطة بمحافظة مأدبا في الإقليم ذاته نحو 77 كم. ويتكلف الطالب من منطقة المشيرفة نحو 5 دنانير يومياً للوصول إلى الجامعة الأردنية، في حين يتكلف الطالب للقدوم من ذيبان بين 4 دنانير إلى 4 دنانير ونصف الدينار.
وفي هذا السياق أيضا يعتبر دعاس أن "اعتماد تصنيف جيوب الفقر الذي حدد في عام 2010 عندما كانت نسبة الفقر في الأردن 14.4% يمثل نوعاً من الظلم للطلبة، حيث يتوقع البنك الدولي أن تكون هذه النسبة قد تجاوزت 26% بعد جائحة كورونا".
زوايا نظر
”الصندوق لا يستطيع منح جميع المتقدمين له بطلبات قروضا أو منحا حتى لو كانت جزئية” هذا ما يقوله مهند الخطيب، الناطق باسم وزارة التعليم العالي، موضحا أن الصندوق يعتمد في ميزانيته بشكل كبير على ما يسدده الطلبة المقترضون بعد تخرجهم وحصولهم على وظائف، وذلك بحسب قرار مجلس الوزراء الصادر في الخامس عشر من أيار عام 2019، الذي ربط سداد القرض بحصول الطالب على وظيفة بعد تخرجه.
يضيف الخطيب:كل طالب يرى الأمور من الزاوية التي تخدم مصلحته ولا ينظر إلى ما قامت به الوزارة لتقديم المنح والقروض لأكبر عدد ممكن من المتقدمين للحصول عليها. ولمن يعترض على منافسة طلاب السنة الأولى على المنح نقول أن معدل الثانوية العامة هو أيضاً معيار أكاديمي لا بد من أخذه بعين الاعتبار.
وبحسب ما أكد الخطيب فإنّ” 80% من الطلبة المتقدمين للمنح والقروض الجزئية للعام الدراسي الحالي2020- 2021، استفادوا منها، وهي المرة الأولى التي يغطي فيها الصندوق 42 لواءً بنسبة 100% من المتقدمين، في حين بلغت نسبة استفادة طلبة السنة الأولى نحو 30% من إجمالي القروض والمنح الجزئية المقدمة”،
عدد الطلبات المقدمة هذا العام 2020-2021 كان قد وصل إلى 68,550 ألف طلب، صفيت إلى 63241 ألف. وبحسب النتائج الاولية لقائمة المرشحين التي صدرت في 22كانون الأول/ديسمبر عام 2020 بلغ عدد المستفيدين من الصندوق 44.007 طلاب، بنسبة وصلت 70% من إجمالي المتقدمين، وبارتفاع قدره ـ25% عن القائمة الأولية للعام الماضي، وذلك وفق بيان لوزارة التعليم العالي
حملة "ذبحتونا" ترى أنّ نسبة المستفيدين حتى وإن وصلت إلى 80% من إجمالي المتقدمين للمنح والقروض، ما تزال قليلة بالنظر إلى الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بنا جميعا خلال السنتين الأخيرتين.
يوضح مأمون الدبعي، أمين عام الوزارة رئيس لجنة صندوق دعم الطالب، أن هناك 600 من نقاط المفاضلة خصصت للوضع الاقتصادي للطالب، عدا عن منح الحالات الإنسانية 150 نقطة إضافية.ويقول "إنّ معدل الثانوية لا يؤثر بشكل جوهري على النتائج، خاصة وأنّ نقاط التحصيل الأكاديمي تغطي فقط 40% من إجمالي النقاط".
من جهة أخرى يبين الدبعي، أنّ الصندوق يعتمد على ثلاث إيرادات وهي 10 ملايين سنوية مخصصة من ميزانية الوزارة ومما تخصصه الحكومة في الموازنة السنوية لدعم الجامعات بمبلغ يتراوح بين 20 -25 مليون دينار، بالإضافة إلى ما يسدده الطلبة المقترضين . وتعتمد عملية التحصيل على كفاءة الوزارة في إرسال المطالبات لمديرية الأموال الاميرية وكفاءة مديرية الأموال الأميرية في عملية التحصيل، والوضع الاقتصادي للطالب. مع ملاحظة أن التحصيلات لم تكن متساوية خلال السنوات من الماضية، ومنذ تأسيس الصندوق لم يكن الدعم الحكومي ثابتا .
في عام 2020 أصدر البنك الدولي بالتعاون مع صندوق المعونة الوطنية و المفوضية السامية للأمومة والطفولة في الأردن "يونيسيف" تقييما اجتماعيا كشف أنّ خط الفقر الغذائي وغير الغذائي في البلاد يبلغ 68 دينارا شهريا للفرد الواحد أي ما يعادل 2.2 دينار في اليوم. وهو العام الذي الذي بلغ فيه عدد المتقدمين لنيل المنح والقروض الجزئية 42,647 طالب وطالبة ، فقط 93 منهم رفضت طلباتهم، لتبلغ نسبة القبول %99.9
يرى وجيه عويس، وزير التعليم العالي والبحث العلمي الأسبق، أنّ الحل الأمثل للمشكلة هو زيادة الدعم
المادي من الموازنة العامة لصندوق دعم الطالب ليتمكن من شمول عدد أكبر من الطلبة المحتاجين للقروض والمنح الجامعية. ويقول “إن مشكلات سداد القروض لصندوق دعم الطالب، تتعلق بالمقام الأول بعدم وجود فرص عمل للطلبة الخريجين، كذلك فإنّ على الجامعات تأمين فرص عمل في مرافقها بشكل أكبر للطلبة لمساعدتهم في تسديد الأقساط لمن لا يستفيد من المنح والقروض”
ويقترح عويس تخصيص منحة خاصة لطلبة السنة الأولى، بعيدا عن منافسة طلبة السنوات الثانية و الثالثة والرابعة سيما أن “ العامين الماضيين شهدا معدلات مرتفعة للغاية في الثانوية العامة”.
* اسم مستعار
- انتج هذا التقرير بدعم وإشراف من ( أريج)