في كل مرة تأتي مواسم الأعياد اليهودية، تشهد مدينة القدس المحتلة وباحات المسجد الأقصى، تصاعدا في الانتهاكات مما يثير استياء الأردن نتيجة استمرار هذه التجاوزات التي تعد اختراقا للقانونين الدولية.
لليوم الثاني على التوالي، قامت قوات الاحتلال بإغلاق عدد من شوارع مدينة القدس، بهدف تيسير دخول المستوطنين إلى المسجد الأقصى وساحة البراق، مما تؤدي إلى شلل في حياة الأسواق المقدسية، حيث تخصص للاحتفال بما يعرف بـ"يوم الغفران" التوراتي، وهو أحد أهم الأيام في التقويم اليهودي في هذا اليوم، يصوم المتدينون لمدة 25 ساعة لغرض الاعتراف بالذنوب والتطهير وإقامة الشعائر والصلوات التلمودية في الكنائس.
هذا الأمر دفع وزارة الخارجية وشؤون المغتربين لادانة هذه الانتهاكات التي قام بها المتطرفون باقتحام المسجد والسماح لهم بممارسات استفزازية تنتهك حرمة الأقصى والمقابر الإسلامية بحماية من الشرطة الإسرائيلية.
ويقول الناطق باسم الوزارة السفير سنان المجالي، إن الانتهاكات والاعتداءات المتواصلة على المقدسات بالتزامن مع الاقتحامات الإسرائيلية المتواصلة للأراضي الفلسطينية المحتلة يُنذر بالمزيد من التصعيد ويمثل اتجاها خطيرا يجب وقفه فورا.
لا رادع لإسرائيل
المحلل السياسي الدكتور منذر الحوارات يعتبر أن التصعيدات المتكررة تأتي نتيجة عدم وجود إجراءات رادعة تمنعها، سواء من قبل الحكومة الاسرائيلية أو المجتمع الدولي، مشددا على ضرورة تشكيل موقف ضاغط يمنع مثل هذه الأعمال والانتهاكات
ويوضح الحوارات أن الولايات المتحدة تنحاز الى الجانب الإسرائيلي وتتبنى قراراتها، الأمر الذي يؤثر على تدخلات المجتمع الدولي الذي يجد صعوبة في تحقيق أي تقدم لصالح الفلسطينيين على أرض الواقع.
"المستوطنين المتطرفين يعتقدون أنهم يقتربون من تحقيق هدفهم، الذي يتمثل في هدم المسجد الاقصى وبناء الهيكل المزعوم، أنهم يسعون بشكل جاد لتنفيذ هذه الخطة، مع اعتقادهم أن عليهم الامتثال لشرائعهم وطقوسهم الدينية، باتخاذ هذا الإجراء"، بحسب الحوارات.
وأعلن "اتحاد منظمات الهيكل" المزعوم عن اقتحام مركزي للمسجد الأقصى اليوم الإثنين، بمناسبة "يوم الغفران"، ويوضح أن الاقتحام يتخلله إقامة الصلوات الجماعية التلمودية في المسجد الأقصى، بما يشمل محاكاة قربان الغفران، وصلوات التوبة.
تطور خطير في التصعيدات
رغم مواصلة الجانب الاسرائيلي لهذه الانتهاكات المستمرة، إلا أنه يتحدث عن السلام والعلاقات مع الشعوب العربية وانفتاحه، دون أن يعترف بالقضية الفلسطينية الرئيسية الاساسية، فبدون تحقيق التحرير الفلسطيني، لن يكون هناك سلام في المنطقة تحت أي ظرف، الأردن يواجه موقفا صعبا وحرجا حيث يحاول مواجهة هذه الاعتداءات التي تتجاوز الاتفاقيات والقوانين، وفقا للحوارات.
بدوره، يقول أمين عام اللجنة الملكية لشؤون القدس عبدالله كنعان لـ عمان نت ان ما يجري بالمسجد الاقصى ليس مستغربا منذ احتلال اسرائيل للقدس الشرقية، ويأتي ذلك ضمن خطة صهيونية لتهويد المدينة وطرد السكان العرب.
ويوضح كنعان أن الأعياد اليهودية تستخدم للعدوان على الآخرين وممارسة الاعتداءات على المقدسات الإسلامية والمسيحية، خلافا لما وجدت عليه الأعياد التي تهدف إلى نشر المحبة والسلام والتآلف بين الشعوب.
ويتضمن المخطط الصهيوني لتهويد القدس، إفراغ مدينة القدس المحتلة تدريجيا من سكانها العرب، لتقليل عددهم الى ما نسبته 10% بحلول عام 2030، وتقليل نسبة سكان فلسطين التاريخية الى أقل من 10% في عام 2050.
موقف الأردن
ركز الملك عبدالله الثاني في خطابه الأخير أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة على تأكيد الثوابت الأردنية المتعلقة بالقضية الفلسطينية مشيرا إلى أن الحل لهذه القضية يجب أن يكون دون المساس بالحقوق المشروعة الشعب الفلسطيني .
هذا الموقف يعتبره خبراء سياسيين أمرا ضروريا، حيث يعتبر القضية الفلسطينية أولوية وعاملا أساسيا في أي علاقة مع الاحتلال الإسرائيلي، سواء كانت هذه العلاقة ثنائية أو إقليمية في سياق العالم العربي والإسلامي، يجب أن تظل القضية الفلسطينية في صميم الاهتمام وعدم تجاوزها.
وكمحاولة لتهدئة هذا التصعيد وجه الملك عبدالله الثاني الحكومة الى الاستمرار في اتصالاتها وجهودها الإقليمية والدولية لوقف الخطوات الإسرائيلية التصعيدية والاستفزازية، وبلورة موقف دولي ضاغط ومؤثر لتحقيق ذلك.
وعلى اثر ذلك قام مجلس الوزراء بمناقشة التصعيد الإسرائيلي الخطير في المسجد الأقصى، الحرم القدسي الشريف، والجهود التي يبذلها الأردن لوقف هذا التصعيد، وحماية المصلين، والحفاظ على الوضع التاريخي والقانوني القائم في القدس ومقدساتها.