زواج القاصرات..وأحلام الطفولة الضائعة

الرابط المختصر

دفعت الظروف الاقتصادية الصعبة "أم هلا" إلى تزويج ابنتها الكبرى التي لم تتجاوز الـ 16 عاما، على أمل أن تحظى بحياة أفضل مع زوجها الذي كان يعدها بذلك خلال فترة الخطوبة، مخلفة وراءها الطفولة ببراءتها وحاجاتها المختلفة.

 

إلا أن هلا، التي لم تكد تتم ربيعها العشرين، فضلت العودة إلى بيت والدتها مطلقة، حاملة على يدها ثلاثة أطفال، حيث كانت طوال فترة زواجها تتحمل الظلم والقسوة على يد زوجها حتى وصلت إلى مرحلة لم تقو على العيش معه، على حدّ روايتها.

 وتقول هلا، التي لديها خمسة شقيقات يصغرنها سنا، " كنت أعتقد أن كل شئ سيتغير بزواجي إلى الأفضل، ولكن سرعان ما تبددت هذه الأحلام بعد الليلة الأولى من الزواج، حيث كشف زوجي عن وجهه الآخر، والذي كان يعتبرني بمثابة خادمة له ولعائلته، ناهيك عن الألفاظ المسيئة التي كانت تصدر منه بحقي".

 

تقرير دائرة قاضي القضاة الاخير يشير الى ارتفاع عدد الحالات العام الماضي بواقع 740 عن عام 2019، كما حافظت نسبة زواج الفئة العمرية دون سن 18 على نسبة 4%.

 

وعزا مدرب الاختصاص النفسي في معهد العناية بصحة الأسرة الدكتور مهند فرعون، ارتفاع حالات الزواج المبكر في السنة الماضي إلى ارتفاع النمو السكاني، مشيرا إلى أن النسبة ثابته وهي 4%.

وأوضح فرعون إلى أن للزواج المبكر أسباب محددة حتى يسمح القاضي فيها، مثل تعرض فتاة للعنف الأسري، مشيرا إلى أن العنف الأسري ارتفع خلال جائحة كورونا.

في عام 2019 عدل مجلس النواب قانون الأحوال الشخصية، ليسمح بالزواج في حالات خاصة في سن 16 عاما، شريطة موافقة قاضي القضاة إذا كان الزواج " ضرورة " بموجب القانون المعدل المعمول به حاليا.

وأثارت هذه التعديلات جدلا واسعا في حينه بين مؤيد ومعارض، حيث ترفض مؤسسات المجتمع المدني التي تعمل في مجال حقوق المرأة، هذه التعديلات باعتبار أن تزويج القاصرات يعد من أبرز أشكال العنف والانتهاكات الإنسانية ضدهن، كما يعرض صحتهن الجسدية والنفسية للخطر، ويحرمهن من فرص التعليم والعمل.

كما طالبت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الأردن في بيان أصدرته قبيل سير المجلس بهذا التعديل، بمنع زواج الأطفال ممن هم دون الـ، 18 منعا كليا، وقالت إنه "ينبغي على الأردن انتهاز الفرصة لمنع زواج الأطفال وتطبيق الحد الأدنى لسن الزواج بـ 18 عاما دون استثناء.

وتعتبر المستشارة القانونية نور الإمام، أن تزويج القاصرات يعد من أبرز الانتهاكات التي تقع على الأطفال حيث يعرض بعض الفتيات دخولهن في حالات نفسية صعبة نتيجة تعرضهن الى ظروف قاسية لا تقدر على تحملها.

كما ترى الإمام ان تزويج الفتيات بعمر مبكر قد يعرضهن إلى الطلاق نتيجة عدم معرفتهن الكافية بإدارة المشاكل والتعامل مع الحياة الاجتماعية، حيث تختار العودة الى منزل والديها باعتباره الحل الوحيد لنجاتها.

وفي ذات التقرير الصادر عن دائرة قاضي القضاة ظهر انخفاض نسبة الطلاق في الأردن من 6.8 الى 5% العام الماضي.

وبين التقرير انخفاض عدد حالات الطلاق الكلي من 28 ألفا و13 حالة طلاق عام 2019 بمختلف أنواعه وصوره الى 22780 حالة عام 2020 بواقع 5233 حالة انخفاض.

أخصائية ارشاد وصحة نفسية نجوى حرز الله تقول إن أبرز الآثار النفسية التي قد تتعرض لها الفتاة المتزوجة في سن مبكر، هو الشعور بالإحباط الشديد لعدم تمتعها بالقدرة والمعرفة الكافية برعاية أطفالها، والتعامل مع الاشكاليات الزوجية، كما يضعف فرصة استكمال تعليمها، وانخراطها في سوق العمل والتمتع بأبسط حقوقها.

 

وتحمل حرز الله المسؤولية الكاملة للأسرة، التي تضع مبررات تصفها بغير الواقعية لتزويج بناتهن في سن مبكر، باعتبار ان القانون واضح ولا يجبر أحد على تطبيقه.

وتتراوح تقديرات زواج القاصرات ضمن اللاجئين في المملكة بين 32% إلى 36 %. وتقدر بعض وكالات الأمم المتحدة أن المعدل يصل إلى 50 % بين 1.2 مليون لاجئ تستضيفهم المملكة.