ريا وسكينه.. تاريخ يعيد نفسه
لا تزال قصة "ريا وسكينة " وجرائمهما بقتل النساء في الاسكندرية ي عشرينيات القرن الماضي تثير حفيظة كل مهتم بتاريخ الجريمة والقتل، ومن المؤكد أن ما أضفى على سلسلة الجرائم تلك أن مركبيها شقيقتان، بمعنى ان الغرابة ليست في حجم الجرائم وبشاعتها ودوافعها بقدر ما كانت تتعلق بالسيدتين المجرمتين "ريا وسكينه" اللتان كانت تخطفان السيدات في مدينة الاسكندرية بمساعدة زوج سكينه"محمد عبد العال" وزوج ريا"حسب الله سعيد مرعي، وغيرهما، ويتم قتل المختطفات ودفنهما في المنزل بعد الحصول على مصاغاتهن الذهبية.
وما أثار استغرابي هو ما وجدته في كتاب تاريخ الاسلام للذهبي وتحديدا في الجزء الخامس عشر وفي حوادث سنة 661 هــ ــ 662 هـ بورود قصتين شبيهتين تماما بقصة ريا وسكينه الشقيقتان المجرمتان اللتان اتهمتا بجريمة القتل العمد لــ 17 سيدة وتم اعدامهما يومي 21و 22 كانون اول 1921 ليعتبرا اول سيدتين يتم اعدامهما في العصر الحديث.
فوجئت في كتاب تاريخ الاسلام بحدوث ذات الجريمة وبنفس الطريقة وكأن جرائم ريا وسكينه ما هي الا صورة مستنسخة عن الجرائم التي اقترفتها نساء وازواجهن في سنتي 661 و 662 للهجرة.
في النص الأول يروي الامام الذهبي نقلا عن ابي شامه قائل"في صفر سُمِّر شاب وخنِقَت امرأته فعُلقت في جَولَقٍ تحته، كانت تتحيل على النساء وتوديهم إلى الأفراح متلبسات، فتأتي بالمرأة إلى بيتها فيخنقها زوجها، ويأخذ ما عليها ويرميها في بئر، فعل ذلك بجماعة من النساء فبقي مُسَمَّرا يومين ثم خُنِقَ وذلك في دمشق) ــ تاريخ الإسلام للذهبي ج 15 ص 9 حوادث سنة ٦٦١ بتحقيق بشار عواد معروف ــ.
وفي حوادث سنة ٦٦٢ ينقل الامام الذهبي عن تاريخ الجزري قائلا"كان خبر الخناقة بمصر قال شمس الدين الجزري في تاريخه" فيها ظهرت قتلى في خليج مصر، وفقد جماعة ودام ذلك أشهرا حتى عُرف أن صبية مليحة اسمها غازية كانت تتبرج بالزينة وتُطمع من يراها ومعها عجوز فتُشاكل الرجل وتقول هذه ما يمكنها ما تريد منها إلا في منزلها فإذا انطلق معها واستقر في دارها خرج اليه رجلان جلدان فيقتلانه وياخذان ما عليه، وكانوا يتنقلون من موضع الى موضع إلى أن سكنوا على الخليج، وجاءت العجوز مرة الى ماشطة مشهورة لها خلي تخرج به العرائس فقالت لها عندي بنت وتريد ان تصلحي من شانها فجاءت بالحلي تحمله الجارية ورجعت الجارية من الاب فدمَّسوا الماشطة ولما أبطأ خبرها على جاريتها مضت الى الوالي فخبرته، فركب الى الدار وهاجمها فوجد غازية العجوز فأخذهما وتهددهما فاقرتا فحبسهما فجاء الى الحبس أحد الرجلين فشعر به الأعوان فاخذ وقرر ، واعترف ودل على رفيقه، وكان لهما رفيق آخر قمِّين للطوب كان يلقي فيه من يقتلانه في الليل فيحترق وأظهروا ايضا من الدار حفيرة مملوءة بالقتلى، فأنهي أمرهم الى السلطان فسُمِّروا خمستهم وبعد يومين شفع امير في الصبية فأنزلت وماتت بعد ايام " ــ تاريخ الإسلام للذهبي ج 15 حوادث سنة ٦٦2 بتحقيق بشار عواد معروف ــ ص ١٠ ــ.
ليس لي اي تعليق على هذين النصين، لكن يكفيني القول ان التاريخ يعيد نفسه حتى في شكل الجرائم ومضمونها والياتها واهدافها، وإن تباعد الزمان واختلف المكان..