رواتب المعلمين والغلاء المعيشي: سنوات من الأعباء

رواتب المعلمين والغلاء المعيشي: سنوات من الأعباء
الرابط المختصر

تكثر سياسات التربية والتعليم والتي تعنى بالواقع الاقتصادي للمعلم العامل في مديرياتها، إلا أن المعلمين على الرغم من ذلك ما يزالون يعتبرون من الفئات الرازحة تحت خط الفقر.ويضاف إلى هذا الوضع المعيشي الصعب قائمة من الأعباء النفسية والوظيفية بحكم الظروف الجديدة التي يشهدها الأردن، مثل ازدياد إعداد الطلبة المقبولين في المدارس نتيجة دخول الطلبة العراقيين لها، وازدياد الطلب على المعلمين والمعلمات ووجود نقص واستنكافات في تخصصات تربوية حيوية، يقابلها هجرة للكفاءات الأردنية خارج الأردن.

وزاد على ذلك كله تدني رواتب قطاع التعليم، وتردّي الأحوال الاقتصادية في الأردن بشكل عام نتيجة تزايد الأسعار العالمية حيث يبدأ الراتب الأساسي بمبلغ زهيد لا يتجاوز 75 دينارا كراتب اساسي تضاف إليه علاوات وزيادات يصل بعدها الى مبلغ 200 دينار او أقل، وبعد سنوات من التعب والخدمة والتعليم قد يصل الى 350 أو أقل وهذا كله حسب ظروف المعلم أو المعلمة.
 
المعلمة سهام والتي لم تكمل ثلاث سنوات من التدريس بعد ترى بان رواتب قطاع المعلمين زهيدة جدا خاصة مع غلاء المعيشة و"نحن كلنا نعيل أسر ولدينا أبناء وبيوت، ولكن راتب الشهر لا يتبقى منه في أول عشرة أيام من الشهر سوى بضعة دنانير لا تكفي لشيء".
 
وتردف "نحن المعلمين ليس لنا علاوات وزيادات بشكل دائم مثل القطاع العسكري، علما بأننا نتعب اكثر من غيرنا، ويحسدنا الغير على العطلة الطويلة التي نأخذها، لكن بالمقابل فنحن نقف طوال النهار في الصفوف بدون أي لحظة راحة، فلا صوت يتبقى ولا جسد".
 
"حتى الزيادة السنوية التي نتلقاها لا تتعدى 3 دنانير وهو مبلغ نخجل أن نقوله حتى، حتى الزيادة الأخيرة التي حصلنا عليها وصلت الى مبلغ 20 دينار  لم نحس فيها بسبب غلاء كل الحياة".
 
أما المعلم هشام جيت والذي خدم لمدة 21 سنة في وزارة التربية والتعليم يؤكد انه وعلى الرغم من حصوله على الماجستير في اللغة العربية ودبلوم تربية في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، إضافة الى حصوله على الدورات التي تشترطها الوزارة للحصول على العلاوات والزيادات ولكنه "ليس هناك تطور بالوضع الوظيفي للمعلم، فالراتب  يبقى محدوداً والزيادة السنوية ضئيلة جداً مع غلاء أسعار يفوقها بأضعاف".
 
وأشار المعلم هشام بأنه مهما حاول المعلم أن يطور نفسه أكاديميا ويحصل على شهادات ودورات فهو يبقى بنفس المستوى وظيفياً ولا يحصل سوى على زيادات بنسب قليلة جدا وعلى الراتب الاساسي وليس الراتب الإجمالي.
 
وعلى نقيض كل ذلك فإن وزارة التربية والتعليم تعتبر أن ما يقدم للمعلم من علاوات وحوافز هي حلولاً جيدة لتحسين واقع المعلم، ولكون المعلم موظف دولة وموظف دائرة رسمية ويحكم أي وظيفة حكومية نظام ديوان الخدمة المدنية، ويقول الناطق باسم وزارة التربية والتعليم أحمد شاهين أن "سلم الرواتب لأجهزة الدولة هو سلم موحد، لكن وزارة التربية والتعليم عملت على تطوير الوضع الاقتصادي للمعلم من خلال إعطاؤه مجموعة من الحوافز التي تشجعه على مهنته المقدسة".
 
ومن تلك الحوافز بحسب شاهين أوجدت الوزارة نظام علاوة رتب المعلمين وهو مرتبط بمدى قدرة المعلم على تطوير وتأهيل نفسه بحيث كلما ارتقى برتبته الوظيفية كلما زادت العلاوة على راتبه، فيتقاضى المعلم على الرتبة الأولى والثانية ما نسبته 25% من راتبه الأساسي فيما قد تصل الرتب الأخرى الى حوالي 50% من الراتب الأساسي.
 
ويضاف إلى تلك الحوافز علاوة مهنة التعليم والتي يتقاضاها كل من يعمل في مهنة التعليم وتصل الى 50% من الراتب الأساسي، كما وفرت الوزارة ما يسمى بنظام صندوق الإسكان حيث يتمكن المعلم بعد فترة من عمله في الوزارة من أخذ قرض مالي من الصندوق.
 
كما أقرت الوزارة نظام السلف من الضمان الاجتماعي للعاملين في الوزارة فيمنح المعلمون سلف مالية لغايات التعليم أو السكن في حدها الأدنى 2000 دينار وفي حدها الأعلى 6 آلاف بدون فوائد بنكية.
 
وقامت الوزارة في الفترة الأخيرة بتقديم قطع أراضي مجانية وتوفير سكنات للمعلمين حيث تعكف حاليا على إقامة قرى الإسكان للمعلمين، بدأتها في ثلاث مواقع (الزرقاء والعقبة والكرك) و20 موقعاً آخر في كافة أنحاء المملكة، ويدفع المعلم ثمن هذه السكنات دون ثمن الأرض ولا يجوز للمعلم أن يقوم ببيعها إلا بعد 10 أو 15 سنة بحيث انها ليست لغايات المتاجرة.
 
لكن سهام تؤكد أنها لا تستطيع الاستفادة منها لأنها مشروطة بسنين الخبرة مع أننا نحن المعينين الجدد من نحتاج إليها لأننا في بداية حياتنا "هذه الحوافز يستفيد منها من خدم 15 الى 20 سنة وهم ممن بالتأكيد قد أكملوا بناء حياتهم ولم يعودوا بحاجة للسكنات أو القروض".
 
ويشاطرها المعلم هشام الرأي بقوله "نحن المعلمون القدامى وضعنا أسمائنا وننتظر على الدور، لكني بعد 21 سنة من الخدمة لم أحصل على أي شيء من الوزارة، قلبي مع المعلمين الشباب الذين يريدون تكوين انفسهم والزواج وبناء عائلة وتامين حياة، لكن النظام لا يعطيهم الحق في التقدم لهذه القروض والسكنات".
 
ويتفق الكاتب خلدون طلافحة مع المعلمين والمعلمات، فهو يرى إن المعلم واقع تحت وطأة واقع اقتصادي صعب للغاية وسط كل تلك التغيرات المعيشية، فراتب أل 200 إلى 350 الذي لا يصله المعلم إلا بعد سنوات طويلة لا يمكن إلا أن يوصف أنه تحت خط الفقر.
 
ويشرح الطلافحة "قطاع المعلمين في التربية والتعليم قطاع مظلوم ليس في الأردن وحدها بل في كل الدول الأخرى، لكن في الدول العربية ودول الشرق الأوسط هم أكثر الفئات مهضومة الحق في المجال الاقتصادي والمعنوي أيضا، وهم يعيشون تحت خط الفقر بحسب إحصائيات منذ 5 سنوات فما بالنا بالآن".
 
ويرى الطلافحة أن هناك الكثير من التخبط في سياسات وزارة التربية والتعليم وخاصة فيما يخص الوضع الاقتصادي للمعلم، وهو ما يؤدي إلى أُثر نفسي ومادي سيء على المعلم وأسرته وحياته، ويزيد بأن "حتى من يقبل العمل في الخليج فهو يقبل بعروض قليلة لانه يضحي بعرض معدوم في بلده".
 
ودعا طلافحة الى ان يكون هناك خطة اقتصادية خاصة بتحسين معيشة المعلم لأن "الوضع الاقتصادي للمعلم في الأردن سيء للغاية، وإذا ما لم يكن هناك إستراتيجية فسوف نكون أمام جيل من المعلمين الموجودين جسدا في الصفوف وغائبين بعقولهم خارج المدارس ".
 
وثمن طلافحة على وجود مبادرات لإعطاء المعلمين منح وإعفاءات وعلاوات ومنح لكنها برأيه جيدة كفكرة لكنها تكون منقوصة وعبارة عن مصيدة وتأجيل لحل الأزمات، ويجب تطبق ضمن آلية واضحة وفيها إنصاف للمعلم".
 
خط الفقر في الأردن يصل الى 500 دينار، وهو الراتب الذي لا يحصل عليه أطول المعلمين والمعلمات خبرة في قطاع التعليم، مما يجعل الحلول المؤقتة والمؤجلة لوزارة التربية والتعليم عبارة عن حلول ترقيعية غير مجدية اقتصاديا.

أضف تعليقك