"ذبحتونا": المدارس الخاصة وغياب الرقابة الحكومية

"ذبحتونا": المدارس الخاصة وغياب الرقابة الحكومية
الرابط المختصر

عقدت لجنة المتابعة للحملة الوطنية من أجل حقوق الطلبة " ذبحتونا " ظهر اليوم السبت 21 آب 2010 مؤتمراً صحفياً في مقر الحزب الشيوعي الأردني ، وذلك في إطار حملتها لمواجهة ما أسمته الحملة "النفوذ المتنامي لأصحاب المدارس الخاصة الذي أدى إلى تغيير وزارة التربية لسياساتها لتتماشى مع رؤية أصحاب هذه المدارس"، وفقا للحملة .

وتحدث د.فاخر الدعاس في بداية المؤتمر، حيث نوه إلى وقوف الحملة بكل طاقاتها إلى جانب اللجنة الوطنية لإحياء نقابة المعلمين، ورفض الحملة لكافة الإجراءات العرفية التي اتخذت بحق عدد من المعلمين الشرفاء .

وأوضح أن الحملة قامت بدراسة واقع رسوم المدارس الخاصة والتقت في هذا الصدد بمدير التعليم الخاص الدكتور فايز السعودي كما التقت عدداً من المعنيين بهذا الشأن ، كما اطلعت الحملة على كافة القوانين والأنظمة والتعليمات المتعلقة بالتعليم الخاص ، إضافة إلى اطلاعنا على تجارب عدد من الدول العربية فيما يتعلق بالمدارس الخاصة .

وبين د.دعاس، في حديثه عن "التشريعات الأردنية" المتعلقة برقابة الحكومة على المدارس الخاصة، أنه يوجد 465 مدرسة 668 ورياض أطفال في العاصمة عمان، عدد الطلاب الموجودين في هذه المدارس حوالي 210 آلاف طالب وطالبة، عدد المدارس ورياض الأطفال في المملكة حوالي 2300، وعدد الطلاب في هذه المدارس حوالي 500 ألف طالب وطالبة، أي تقريباً ثلث عدد طلاب المملكة في القطاع الخاص، ونصف عدد طلاب القطاع الخاص في عمان ، دور وزارة التربية والتعليم الإشراف بشكل عام على الأنشطة التعليمية ، وهذه المدارس محكومة بقانون التربية ونظام المؤسسات التعليمية الخاصة رقم (27) لسنة 1966 وتعليمات عام 1970 و 1981

 ووجدت اللجنة في هذه الأنظمة والتعليمات المتعلقة بالمدارس الخاصة انحيازاً حكومياً صارخاً لأصحاب هذه المدارس على حساب المواطنين.

ورأت الحملة، بحسب دعاس، أن هذه الأنظمة تخلو بالمطلق من أي رقابة حكومية فيما يتعلق بالرسوم الدراسية أو رسوم المواصلات أو أية رسوم أخرى تستوفيها هذه المدارس من الطلبـة، بل إن هذه الأمور لا يوجد أي ذكر لها في هذه القوانين،أما الشيء الوحيد الذي وجدنا له ذكر فيما يتعلق بالرسوم المدرسيـة فهـو(( تعليمات رقم 1 لعام 1980 الصادرة بمقتضى قانون التربية والتعليم رقـم 16 لعـام 1964 ))، حيث تنص على الطلب من المدارس الخـاصة تـزويد الوزارة مع بداية كل سنة دراسية (( بياناً بالرسوم المدرسية لأقسام المؤسسة و صفوفها كافة بمـا فيها القسم الداخلي في حالة وجوده )) وذلك وفقاً للمادة (( 18/ب ))، وبالتالي فإن دور وزارة التربية مقتصر على الاطلاع على الرسوم دون أن يكون لها الحق في التدخل فيها أو الرقابة عليها .

وفي الوقت الذي لا تتدخل فيه الوزارة بالرسوم الدراسية لهذه المدارس سواء بالموافقة أو المصادقة أو حتى مجرد الرقابة عليها ، نجد أن المدارس الخاصة لا يحق لها إقامة أي نشاط أو حفلة دون موافقة الحاكم الإداري ومدير التربية والتعليم حتى لو كان هذا الحفل هو حفل تخرج ، حيث تنص المادة 26 من تعليمات المدارس الخاصة على : (( يرسل مدير المؤسسة التعليمية الخاصة برنامج كل حفلة تقيمها المؤسسة إلى مدير التربية والتعليم عن طريق الحاكم الإداري لإجازة إقامتها سواء أ كانت لتوزيع الشهادات أو إعطاء الجوائز أو غيرها وذلك قبل موعد إقامة الحفلة بأسبوعين على الأقل )) . أي أن المدرسة الخاصة لا يحق لها إقامة حفل توزيع الشهادات إلا بعد موافقة مدير التربية والحاكم الإداري ، فيما يحق لهذه المدرسة رفع رسومها الدراسية و رسوم المواصلات واستحداث رسوم إضافية دون أي دور حكومي !!!!

وهو الأمر الذي يؤكد أن التشريعات الأردنية بما فيها المتعلقة بالتربية والتعليم محكومة بنقطتين : الهاجس الأمني أولاً ومصلحة رأس المال ثانياً .       

 وعقد د.دعاس مقارنة بين تلك الأنظمة في الأردن ونظيرها في بعض الدول العربية من خلال دراسة قامت بها الحملة، حيث أكد أن الأردن هو الدولة الوحيدة من بين هذه الدول التي لا يوجد فيها أي نوع من الرقابة أو الإشراف على الرسوم المدرسية للمدارس الخاصة ،

الأنظمة المقترحة لرسوم المدارس الخاصة

مع ارتفاع أصوات المحتجين على الرسوم الفلكية لبعض المدارس الخاصة وغياب أي نوع من الرقابة الحكومية على رسومها أسوة بباقي الدول العربية ، حاولت الحكومة اتخاذ خطوات للتخفيف من حجم الاحتقان الموجود لدى المواطنين ، فطلعت علينا في شهر نيسان 2009 بمسودة نظام رسوم المدارس الخاصة، حيث أعلن وزير التربية آنذاك الدكتور تيسير النعيمي في نيسان 2009 أنه سيرفع قريباً إلى ديوان التشريع نظام رسوم المدارس الخاصة تمهيداً لإقراره من مجلس الوزراء ، متوقعاً أن يبدأ العمل به العام الدراسي المقبل 2009 - 2010، وبيّن أن الوزارة لن تتدخل في تحديد الرسوم المدرسية ، لكنها وفقاً للنظام ستحدد الحد الأعلى لهذه الرسوم حسب تصنيف المدرسة ، الأمر الذي من شأنه ضبط الرسوم حسب تصريح الوزير آنذاك.

وفي الوقت الذي رحّبت فيه الحملة في ذلك الوقت بقيام وزارة التربية وضع نظام خاص يدير شؤون المؤسسات التعليمية الخاصة في المملكة ، إلا أنها وجدت أن تفاصيل هذا النظام تجعل منه ذريعة لأصحاب المدارس الخاصة من أجل المزيد من الارتفاع في رسومهـا ، فهذا النظام الذي يصنف المدارس إلى أربع فئات ، يضع حداً أعلى لرسومها السنوية . فعلى سبيل المثال ، يعطي هذا النظام المدارس ذات الفئة ( أ ) رفع رسومها السنوية لتصبح ( 10 ) آلاف دينار سنوياً ، وهو رقم فلكي وأعلى من رسوم أكثر المدارس الخاصة غلاءً بأضعاف ، الأمر الذي يتيح لهذه المدارس رفع رسومها بنسب خيالية وبغطاء قانوني حكومي .

ومع كل هذه التحفظات ، إلاّ أن الوزارة أعلنت أنها ماضية قدماً في هذا النظام وأنه سيقر في أيلول من عام 2009 ، لنتفاجأ مع بدايات العام 2010 بأن هذا النظام لم يقر وتم إلغاؤه نتيجة لضغوط أصحاب المدارس الخاصة الذين بعتبرون أي رقابة أو دور لوزارة التربية هو خط أحمر لا يمكن القبول به  !!!

وفي نفس الفترة من العام الماضي ( نيسان وأيار 2009 ) ، بدأت الوزارة أسلوباًَ جديداً في التعامل مع المدارس الخاصة تمثل بـ (( أسلوب الاستجداء والتهرب )) ، فقد ناشد وزير التربية والتعليم آنذاك الدكتور تيسير النعيمي المدارس الخاصة مراعاة الظروف المالية للمواطنيـن ، داعياً إياها لتحديد الرسوم المعقولة التي تريح المواطن وتحقق لها في المقابل هامش ربحاً معقولاً . فيما اعتبر مدير التعليم الخاص في وزارة التربية الأستاذ عبدالمجيد العبادي أن وقف رفع رسوم المدارس الخاصة هو مسؤولية الأهالي فهم مطالبون بـ " مراجعة إدارة المدرسة عند دفع الرسوم والإطلاع على كلف التعليم بالأرقام قبل الدفع لمعرفة هل الخدمات المقدمة للطالب في تلك المدرسة تقترب من الرسوم التي يدفعها " ، مشيراً إلى ضرورة مراجعة الأهالي " الخدمات المقدمة لأبنائهم طوال العام من حيث الإنارة والتدفئة والنظافة والنشاطات اللامنهجية " .

مقترح النظام الآخر الذي تقدمت به وزارة التربية تحت اسم " نظام اعتماد المدارس الخاصة " في شهر أيار لعام 2010 حيث أعلن الدكتور فايز السعودي بأن هذا النظام سيقوم بتصنيف المدارس وفقاً لمستوى الخدمات التعليمية المقدمة ، إلاّ أن هذا النظام لن يتدخل في شأن الرسوم المدرسية حسب ما صرح السعودي .

 ولم يخرج هذا النظام إلى النور حتى الآن، حيث تعقد وزارة التربية اللقاءات مع أصحاب المدارس ونقابتهم لمحاولة إقناعهم بقبوله ، ويبدو أن أصحاب المدارس الخاصة قد راق لهم أن يبقوا دون رقيب أو حسيب حتى وإن كانت هذه الرقابة شكلية ولا تؤثر على مصالحهم المالية !!!

 ثم تحدث سعد عاشور عضو لجنة المتابعة لحملة ذبحتونا،والذي أوضح تلقي الحملة عشرات الشكاوي حول قيام عدد كبير من المدارس الخاصة باستغلالهم وابتكار الأساليب المختلفة لجني الأموال، وتالياً أمثلة على هذه الأساليب :

1_ قامت بعض المدارس الخاصة برفع رسومها في السنوات الأربعة الأخيرة تراوحت ما بين ال 50% - 100% .

2_ ابتكر عدد كبير من المدارس الخاصة وسيلة لرفع الرسوم بطريقة غير مباشرة و ذلك من خلال استحداث رسوم تسجيل للطلبة تترواح قيمتها ما بين ال 100 – 200 دينار أردني .

3_ قيام بعض المدارس الخاصة باستيفاء رسوم كتب من خارج المنهاج بأسعار فلكية دون أي رقابة حكومية .

4_ تختلق المدارس الخاصة الذرائع الواهية لرفع رسومها ، ففي العام قبل الماضي تذرّعت بارتفاع أسعار المحروقات ، وعندما انخفضت أسعار المحروقات لم تكتفي بعدم خفض رسومها ورسوم المواصلات ، بل قامت برفع هذه الرسوم تحت حجة قرار وزارة الداخلية بشطب الحافلات التي مر على صنعها 20 عاماً .

5_ تحقق معظم المدارس الخاصة أرباحاً سنوية فلكية ، فعلى سبيل المثال حققت إحدى المدارس الخاصة أرباحاً صافية تجاوزت الثلاثة ملايين دينار أردني فيما لا يتجاوز عدد طلبتها الألف و خمسمائة طالب .

6_  الرسوم الدراسية لطالب في الصف السابع – على سبيل المثال – أعلى من رسوم دراسة الهندسة في جامعة خاصة ؟؟!! فتكلفة الهندسة سنوياً في إحدى الجامعات الخاصة – على سبيل المثال  - 2000 دينار .

7_ المعلمات والموظفات في الحضانات والمدارس الصغيرة يحصلن على رواتب أقل مما هو منصوص عليه في قانون العمل والعمال ويحرمن من رواتب العطلة الصيفية ، وعندما طلبت وزارة التربية من أصحاب المدارس فتح حسابات في البنوك ودفع الرواتب للمعلمين والمعلمات عن طريق هذه الحسابات وبالتالي ضمان حصول هؤلاء المعلمين والمعلمات على حقوقهم كاملة ، استنفرت هذه النقابة كل طاقاتها للتصدي لهذا القرار وقامت بالتهديد والوعيد ضاربة بعرض الحائط أبسط حقوق العاملين في قطاع التعليم الخاص من معلمين وموظفين وعمال .

 وخلصت الحملة إلى عدة مطالب في ملف المدارس الخاصة:

1_ السماح للمعلمين بتشكيل نقابة لهم وهو أحد أبسط حقوقهم ، كما أنه لا يعقل أن يكون لأصحاب المدارس الخاصة نقابة " تدافع عن مصالحهم " فيما لا يجد المعلم مكاناً يلجأ إليه لحماية مصالحه .

2_ ضرورة التدخل السريع لوقف تمادي نفوذ وتحكم أصحاب المدارس الخاصة في المواطنين .

3_ إن التعليم الأساسي الخاص يختلف عن أي قطاع خاص كقطاع الخدمات والغذاء والصناعة ... إلخ ، ففي ظل ضعف مستوى التعليم الحكومي وعدم وجود الميزانية المناسبة لتوفير تعليم أساسي يوفر الحدود الدنيا لبيئة دراسية مناسبة ، فإن الأهالي يضطرون للجوء إلى المدارس الخاصة ، وبالتالي فالحكومة التي لم تخصص الميزانية المناسبة للمدارس الحكومية ملزمة بحماية المواطن الذي لجأ للمدارس الخاصة من أجل بيئة تعليمية أنسب .

4_ مطالبة وزارة التربية والتعليم بإعادة النظر في أنظمتها ، والعمل على وضع نظام يحدد رسوم المدارس الخاصة و رسوم المواصلات والكتب أسوة بباقي الدول العربية ، فلا يجوز أن يكون هنالك جهات خارج القانون وتعبث بالمواطنين دون رقيب أو حسيب . وإعطاء الصلاحية لوزارة التربية بعدم السماح لأي مدرسة خاصة برفع رسومها إلا بموافقة رسمية من الوزارة .

5_ إن قيام المدارس الخاصة برفع رسومها للأربع سنوات الماضية دون رقيب أو حسيب ، يستدعي تشكيل لجنة من وزارة التربية ولجنة التربية في مجلس النواب وعدد من أصحاب الخبرة لدراسة مدى واقعية الرسوم المدرسية الحالية في المدارس الخاصة وخفض هذه الرسوم إذا ما ثبت تحقيق المدرسة المعنية أرباحاً كبيرة تفوق هامش الربح الذي تحدد الوزارة _ في حال إقرار الوزارة نظاماً يحدد الهامش الربحي للمدارس الخاصة _ .

على صعيد متصل ، نعكف في الحملة الوطنية من أجل حقوق الطلبة " ذبحتونا " على الإعداد لملتقى وطني لمواجهة تغول أصحاب المدارس الخاصة والضغط على الحكومة لإقرار نظام للمدارس الخاصة تكون مرجعية الرسوم المدرسية فيه لوزارة التربية ، كما نأمل أن يخرج هذا الملتقى الذي ستدعى له كافة الجهات المعنية بمقترحات عملية للوقوف إلى جانب المواطنين الذين تخلت عنهم الحكومة .

أضف تعليقك