د. طوقان: البرنامج النووي الأردني يعتبر أُنموذجاً في المنطقة العربية
استضاف منتدى الفكر العربي، مساء الأحد، لقاءً حول البرنامج النووي الأردني وإنجازاته، قدم فيه رئيس هيئة الطاقة الذرية الأردنية د. خالد طوقان محاضرة تناول من خلالها المشاريع التي يتكون منها البرنامج وما تم الشروع به وتنفيذه خلال الأعوام العشرة الماضية، وأثرها في قطاع الطاقة وتطوير الإمكانات البحثية والموارد البشرية في هذا المجال.
وقال د. محمد أبوحمور الأمين العام للمنتدى في كلمته التقديمية إن قضايا الطاقة والمياه والبيئة ترتبط بالتحديات الحالية والمستقبلية، محلياً وإقليمياً ودولياً، وعلى صعيد التنمية والاقتصاد، وتشكل عنوانات رئيسة في استقرار المنطقة وتأثير ذلك على الموارد والسكان والبيئة.
وأشار د. أبوحمور إلى أن بلداً مثل الأردن يستورد – حسب بعض الأرقام والمؤشرات الإحصائية – 96% من الطاقة لتلبية احتياجاته، فإن الطاقة تعتبر أحد أهم التحديات التنموية بالنسبة له، وأن تنويع مصادر الطاقة أمر له أهمية خاصة، مع الأخذ بالاعتبار تحديات هذا القطاع، ولا سيما في ما يتعلق بحجم الاستثمارات سنوياً، ودور الطاقة في الاستقرار الاقتصادي والتنمية من خلال الحلول الاستراتيجية وانعكاساتها على رفع القدرة على إنتاج الكهرباء، وتحلية مياه البحر، واستخراج اليورانيوم، وتصدير اليورانيوم المخصب، وغير ذلك.
وقال د. خالد طوقان إن البرنامج النووي الأردني مكوّن من خمسة مشاريع كبيرة؛ وهي المفاعل النووي الأردني للبحوث والتدريب، ومركز السنكروترون، ومحطة الطاقة النووية، وتطوير الموارد البشرية واستكشاف وتعدين اليورانيوم. وبيّن أن عمرالبرنامج النووي الأردني (10) سنوات، وهي مدة زمنية قصيرة لتنفيذ مشاريع نووية كبيرة، بما توفّرمن إمكانات مالية، وقوى بشرية محدودة، مشيراً إلى أن الإنجازات التي تحققت تمثلت في بناء وتركيب وتشغيل المفاعل النووي الأردني للبحوث والتدريب بطاقة (5) ميغاواط، في حرم جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية، الذي تم افتتاحه تحت الرعاية الملكية السامية نهاية عام 2016، كما حصل على رخصة التشغيل من هيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن في شهر تشرين الثاني من عام 2017، والذي فُتح لتدريب طلبة الهندسة النووية في جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية، وتم انتاج نظير اليود-131 المشعّ المستخدم في الطب النووي وتوزيعه على مدينة الحسين الطبية وعدد من المستشفيات الجامعية والخاصة، وسيوضع المفاعل تحت تصرف الباحثين لإجراء البحوث العلمية التطبيقية باستخدام الحزم النيوترونية الناتجة عنه، وتشغيل مختبرات التحليل بالتنشيط النيوتروني لخدمة الصناعة وعلوم الآثار والجيولوجيا والجريمة، وغيرها.
ثم بناء وتركيب وتشغيل مركز السنكروترون (سيسامي) في منطقة علان من محافظة البلقاء، وهو مركز إقليمي تُشارك في تنفيذه والاستفادة منه دول عديدة من ضمنها الأردن، وسيستخدم لإجراء البحوث التطبيقية إعتماداً على مصدر الفوتونات ذي الشدّة العالية، الأمر الذي سيؤدي إلى تنشيط وتحفيز الحركة البحثية للعلماء والباحثين من الجامعات الأردنية وإختلاطهم بالباحثين من الدول المشاركة. وقد استقبل المركز 23 فرقة بحثية منذ الصيف الماضي وسيستقبل 103 فرقة بحثية خلال العام الحالي.
وقال د. طوقان: يضاف إلى ذلك إنجاز دراسات البنى التحتية اللازمة لإنشاء محطة الطاقة النووية الأردنية، وذلك بالتعاون مع الشركات الإستشارية العالمية، ومشاركة المستشارين الأردنيين، والتي تركزت حول خصائص موقع المحطة النووية، ودراسة سوق الكهرباء، ودراسة الشبكة الكهربائية، ودراسة نظام تبريد المحطة النووية، وهي دراسات أساسية وضرورية لبناء أي محطة للطاقة النووية، كما أنها صالحة لتكنولوجيا المفاعلات النووية أياً كانت هذه التكنولوجيا، سواء كانت روسية أم غيرها.
وفي هذا السياق بيَّن د. طوقان أن الهيئة تواصل من خلال القنوات الرسمية التفاوض مع جهات دولية مزودة للتكنولوجيا النووية (الأطراف الصينية، الكورية الجنوبية، البريطانية، الأمريكية، والروسية) لبناء محطات الطاقة النووية لتوليد الكهرباء من خلال المفاعلات النووية الصغيرة المدمجة (SMRs) ومن بينها مفاعلات الحرارة العالية المبردة بالغاز (HTRs) التي تمتاز بخصائص الأمان الذاتية وعدم إمكانية إنصهار الوقود النووي عند الحوادث النووية، إضافة إلى مفاعلات الماء المضغوط (PWR) الكبيرة.
وأشار الى أن الهيئة وقعت خلال العام المنصرم مذكرتي تفاهم واتفاقيتين مع المؤسســـــــــة النوويـــــــــة الوطنيـــــــــة الصينيـــــــــة (CNNC) لإجراء دراسات جدوى إقتصادية للتكنولوجيا الصينية طراز (HPR-1000) و (HTR) ومن ثم دراسة إمكانية التوجه إلى نظام الإنشاء-التملك-التشغيل-نقل الملكية (BOOT) .
كما أوضح بأنه قد تمّ توقيع مذكرة تفاهم بين مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة السعودية (KACARE) والمعهد الكوري لبحوث الطاقة الذرية (KAERI) وبين أن هيئة الطاقة الذرية الأردنية تعكف على دراسة الجدوى الإقتصادية لبناء مفاعلين نوويين في المملكة الأردنية الهاشمية لإنتاج الكهرباء وتحلية المياه بتقنية المفاعلات الصغيرة المدمجة طراز (ٍSMART) وبقدرة (110) ميجاواط كهرباء لكل مفاعل.
وبالنسبة لتنمية الموارد البشرية وتهيئه البنى التحتية اللازمة للبرنامج النووي، أشار د. طوقان إلى أن الهيئة بالتعاون مع جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية، قامت ببناء وتشغيل المنظومة النووية دون الحرجة لإستخدامها في التدريس العملي لطلبة قسم الهندسة النووية في الجامعة، كما قامت الهيئة بالعمل على ابتعاث (150) طالباً وطالبة إلى جامعات مرموقة في كل من روسيا، وفرنسا، والصين، واليابان، وكوريا الجنوبية، لنيل درجة الماجستير أو الدكتوراه في الطاقة والتكنولوجيا النووية لخدمة مشاريع البرنامج النووي الأردني حاضراً ومستقبلاً.
وتطرق رئيس هيئة الطاقة الذرية الأردنية إلى التعاون والتنسيق المستمرين بين الهيئة والوكالة الدولية للطاقة الذرية في مجال تدريب الأطقم الفنية، والتزود بالأجهزة والمعدات، وتنظيم مهمات خبراء ومستشارين ساهموا في متابعة العمل، وزرع الثقة بطواقم العمل المحلية ، وتغطية البعد السياسي وتعزيز الثقة الدولية بالبرنامج النووي الأردني.
أما في مجال اليورانيوم، فأكد د. طوقان في محاضرته وجود ما لا يقل عن (40) ألف طن من الكعكة الصفراء من اليورانيوم في مناطق وسط الأردن، وذلك نتيجة الدراسات الاستكشافية والتحاليل المخبرية لعشرات الألوف من عينات خام اليورانيوم من هذه المناطق، حيث أُجريت التحليلات في مختبرات الهيئة المتطورة التي تمتلك قدرة فنية تراكمية كافية للتحليل الدقيق. كما تمكنت الطواقم الأردنية من استخلاص كميات مخبرية وتجريبية وصلت إلى (1) كغم من الكعكة الصفراء ، وهي خطوة مخبرية تجريبية ضرورية لاستخلاص اليورانيوم صناعيا من خاماته مستقبلاً. ويتم العمل حاليا على تركيب وتشغيل المصنع الريادي لاستخلاص اليورانيوم مع نهاية هذا العام.
كما أشار د. طوقان إلى أن حجم الإنفاق الحكومي على المشاريع منذ نشأتها قبل (10) أعوام قد بلغ (112) مليون دينار أردني فقط. وقال: إن تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية والمجموعة الاستشارية الدولية أكدت بأن البرنامج النووي الأردني يعتبر أُنموذجاً في المنطقة العربية، ويسير في الاتجاه الصحيح في تنفيذ مشاريع البرنامج النووي، وقد حقق مكاسب متراكمة وإنجازات عدة يجب البناء عليها مستقبلاً.