دير ياسين تحتضن دولة الاحتلال
يبدو من التقليدي أن تتكرر المعلومات ذاتها في كل ذكرى لمجزرة دير ياسين، والتي توافق (9/4) من كل عام، لكن "هنا القدس" تحاول في تقريرها هذا أن تبحث بين سطور التاريخ عن حقائق لا تذكر كثيرا، تتجاوز حدود الذبح واللجوء، في القرية التي تحولت بعد (65) عاماً على اغتصابها إلى قلب نابض لدولة الاحتلال.
حقائق مغيبة
وتحيط بالقرية الشهيرة بحكاية مجزرتها العديد من المعلومات المزيفة، فيما تنكر التاريخ للعديد من الحقائق التي شهدتها القرية في ساعاتها الأخيرة.
ولا يسجل التاريخ حين يتحدث أحيانا عن دير ياسين، معركة صمودها التي استمرت لأكثر من ست ساعات بذخيرة متواضعة، ويقول الأكاديمي والمؤرخ صالح عبدالجواد لـ "هنا القدس" أن هذه المعركة بدأت عند الرابعة فجرا واستمرت حتى الواحدة ظهرا.
ويضيف عبدالجواد أن العصابات الصهيونية بدأت بارتكاب المجزرة بدك بيوت القرية خلال القتال مع شبانها، تاركا لهم منفذا للفرار منها بسهولة، ويؤكد أن العصابات لم ترتكب مجازرها بهدف القتل بل الترويع.
ومما ينساه البعض من المتحدثين عن دير ياسين أيضا أن العصابات أسرت (25) شابا ممن اعتقدت أنهم مؤهلون ليصبحوا مقاتلين، واقتادتهم إلى القدس واستعرضت بهم هناك.
ويوضح عبدالجواد أن الاستعراض كان من خلال التجول بهم في المدينة، وقذفهم بالأحذية والبيض والبصق عليهم، قبل أن ينتهي الأمر بإعدامهم قريبا من محجر في مسقط رأسهم.
ويؤكد عبدالجواد أن المجزرة التي بدأت أثناء المعركة أودت بحياة (100) من أهالي القرية، نافيا الروايات التي تحدثت عن أكثر من (250) شهيد، مبينا قائد العملية أشاع هذا العدد في مؤتمر صحفي لتضخيم ما حققته قواته، بعد أن فوجئ بمقتل ثلاثة من جنوده وإصابة (17) آخرين في العملية التي اعتقد وقيادته أنها كانت مجرد نزهة.
ويضيف تبنت القيادات الفلسطينية هذا الرقم لقناعتها بضرورة ترسيخ فكرة ارتكاب الاحتلال مذبحة في دير ياسين، وهو ما أدى إلى نتائج عكسية تماما بهروب السكان من قرى مجاورة، بعد أن وصلتهم الأخبار عن المذبحة الرهيبة في القرية.
ماذا بقي من دير ياسين؟
(65) عاما مرت على المجزرة، ولم يبق من ملامح دير ياسين شيء، فالاحتلال كرر اغتصابه للقرية بضمها إلى دولته بعد احتلال كامل الأراضي الفلسطينية عام (1967)م، جاعلا منها مركزا حيويا لدولته.
ويوضح الناشط المقدسي وعضو لجنة الدفاع عن سلوان فخري أبو دياب لـ "هنا القدس" أن دير ياسين تضم أغلب الوزارات الحكومية، والمحاكم ورئاسة الوزراء ومبنى الكنيست "الإسرائيلي"، "بالإضافة لشركات الاتصالات "الإسرائيلية.
ويتوسط القرية تمثال يزيد ارتفاعه عن (32)م علقت في أعلاه النجمة السداسية، وأكبر كنيس يهودي سبق تأسيسه كنيس الخراب في البلدة القديمة، بالإضافة لمقبرة يهودية تتجاوز مساحتها مئات الدونمات.
التعليم أيضا نال نصيبه من التزوير في هذه القرية، هناك (237) مركزاً لتعليم الديانة اليهودية، فيما حول الاحتلال مركزا تربويا حالت المجزرة دون إتمام بنائه، إلى مستشفى لذوي الاحتياجات الخاصة، بعد أن أزيلت منه كل الملامح العربية والإسلامية واستبدلت بطابع يهودي.
ويقيم الاحتلال في دير ياسين مركزا لتدريب قوات المستعربين، وبحسب أبودياب فإن المار منها يرى مساجد ومنازل وهمية تشبه المناطق السكنية العربية، يتم نقلها من مكان لآخر ويستخدمها الاحتلال في تدريب قطعان مستعربيه.
حتى الأشجار لم تسلم من ملاحقة الاحتلال، فيقول أبو دياب أن الاحتلال قطع أشجار التين والرمان المنتشرة في القرية، واستبدلها بأشجار غرقد وأشجار للزينة.
ويرجع أبو دياب وضع كل هذه المؤسسات الاحتلالية في دير ياسين إلى المكانة الاستراتيجية الهامة للقرية، والتي يمكن للواقف فيها أن يرى من خلال منظار قطاع غزة.
"وتحمل دير ياسين الآن اسمين أطلق كل منهما على جزء من بقايا القرية، فالأول أطلق عليه اسم "كريات موشيه"، فيما حمل الثاني اسم "هار نوف.
يذكر أن القرية تبعد عن السور الغربي للبلدة القديمة باب الخليل أربعة كيلومترات، ويسكنها الآن ما يقارب (42) ألف يهودي أغلبهم من المتطرفين مكان مئات الفلسطينيين ممن ذبحوا أو هجروا في المجزرة، فيما يوجد بمدينة أوفنباخ الألمانية حي كامل يحمل اسم دير ياسين يسكنه مهجرون من القرية وأبنائهم.
المصدر هُنا القدس