دعوات لتدخل الملك لرد "الجرائم الإلكترونية" الحلقة الأخيرة

في اللحظات الأخيرة من السير بمراحل مشروع قانون الجرائم الإلكترونية، يتطلع الأردنيون بتدخل الملك عبد الله الثاني، على أمل عدم مصادقته على هذا القانون وفق الصلاحيات الممنوحة له في الدستور، لما يثيره من مخاوف تقييد حرية الرأي والتعبير وتضييق حرية الفضاء الرقمي.

للتعبير عن تلك المخاوف، أطلق ناشطون حملة عبر شبكات التواصل الاجتماعي باستخدام وسم # الملك_حامي_الحريات، وهو بمثابة دعوة للملك بعدم المصادقة على قانون الجرائم الإلكترونية.

وفقا للمادة 91 من الدستور، يتعين على رئيس الوزراء بعرض مشروع قانون على مجلس النواب، وللمجلس حق قبول المشروع، أو تعديله، أو رفضه، وبعد ذلك، يتم رفع المشروع إلى مجلس الأعيان، ويصبح القانون ساريا فقط إذا أقره المجلسان وصدق عليه الملك.

بعدما يتم قبول المشروع من قبل مجلسي النواب والأعيان، بحسب المادة 93، يرسل إلى الملك للتصديق عليه وإصداره، ويصبح القانون ساري المفعول بعد مرور ثلاثين يوما على نشره في الجريدة الرسمية، ما لم يتم تحديد تاريخ آخر في القانون نفسه.

وتشير الفقرة 3 من ذات المادة، إلى أنه إذا لم ير الملك التصديق على القانون فله في غضون ستة أشهر من تاريخ رفعه إليه أن يرده إلى المجلس مشفوعا ببيان أسباب عدم التصديق.

 

هل يستجيب الملك؟

سبق أن رفض الملك عبد الله الثاني مشروع قانون يعرف باسم "قانون اللامركزية" لسنة 2015، يهدف هذا القانون إلى إنشاء مجالس منتخبة لمحافظات المملكة (برلمانات المحافظات)، وجاء رفض الملك للقانون بسبب وجود مخالفة دستورية فيه، حيث تم استبعاد منح المجالس استقلالا إداريا وماليا، وتم تجنب إعطائه الشخصية الاعتبارية.

يرى المحلل السياسي الدكتور أنيس الخصاونة أنه إذا لم يوافق الملك على القانون، فلا يمكن أن يتم اعتماده، مشيرا إلى أن رؤية الملك تدعم حرية التعبير وتعزز الحياة الحزبية، وهذا ما يركز عليه في أوراقه النقاشية، بالإضافة إلى جولات رئيس الوزراء الأخيرة إلى الجامعات لتشجيع الشباب على المشاركة الحزبية، متوقعا أن هناك أملا في أن يتدخل الملك في المرحلة الأخيرة ويوقف هذا القانون الذي يصفه بغير الحضاري.

"يأتي هذا الجدل الواسع حول مشروع القانون في ظل التحديث السياسي في الأردن، حيث يتساءل البعض عن كيفية التعامل مع قضايا الاغتيال والأخبار الكاذبة في ظل عدم توافر القدرة للجميع على الحصول على المعلومات من مصادرها الحقيقية، وذلك في وقت لم يتم فيه تفعيل قانون حق الحصول على المعلومات الذي صدر منذ عام 2007"، بحسب الخصاونة.

يؤكد الخصاونة أن الرأي العام يشعر بصدمة جراء بعض المواد المقيدة في مشروع القانون، حيث تتعارض مع المادة 15 من الدستور التي تضمن حق الأردنيين في التعبير والتواصل مع السلطات العامة.

 

تعديلات الأعيان

بعد أن أقر مجلس الأعيان مشروع قانون الجرائم الإلكترونية مع إدخال تعديلات عليه بعد سلسلة من النقاشات، سيعاد المشروع إلى مجلس النواب لمتابعة مراحله الدستورية.

من بين التعديلات البارزة التي وافق عليها مجلس الأعيان بشأن مواد 15 و16 و17، والتي أثارت جدلا واسعا في مشروع القانون، تضمنت استبدال كلمة "واو" ب "أو" بهدف منح القضاء الصلاحية لإصدار أحكام بالحبس أو الغرامة أو كلتيهما، بدلا من الحكم المقترن بالحبس والغرامة فقط كما كان في النص الأصلي لمشروع القانون وما صوت عليه مجلس النواب الذي كان يقيد القضاء بصدور حكم يتضمن الحبس والغرامة معا.

وبالإضافة إلى ذلك، تم خفض الغرامة المشار إليها في المادة 16 المتعلقة بجريمة اغتيال الشخصية، حيث أصبحت قيمة الحد الأدنى للغرامة 5 آلاف، والحد الأعلى 20 ألفا، بعد أن كانت الحد الأدنى 25 ألفا والحد الأعلى 50 ألفا.

 

آراء مختصين

انتقد متحدثون خلال أعمال ملتقى "همم" السنوي حرية التعبير متطلب للإصلاح الإثنين، مشروع قانون الجرائم الإلكترونية الذي أقرته حكومة الدكتور بشر الخصاونة ومجلس النواب أخيرا، قائلين إنه لا ينسجم مع الحديث الرسمي عن الإصلاح السياسي.

ويؤكد وزير الخارجية الأسبق، مروان المعشر، ضرورة أن يستقيم الخطاب الرسمي المعلن للدولة الأردنية مع أفعالها، مشددا على أنه "لا يمكن الحديث عن تحديث سياسي أو تغيير حقيقي دون تغيير العقلية الأمنية السائدة في البلد".

وأبدى وزير الشباب والثقافة الأسبق، الدكتور محمد أبو رمان، تخوفه من العقلية التي تدير شؤون الدولة، والتي تكشفت من خلال سرعة إقرار قانون الجرائم الإلكترونية، فيما تساءل أبو رمان عن ضمانات نزاهة الانتخابات النيابية القادمة، مؤكدا أهمية وجود نخبة تؤمن بالتغيير والإصلاح السياسي.

ويقول المستشار القانون ومدير هيئة الإعلام الأسبق، المحامي محمد قطيشات، إن صياغة قانون الجرائم الإلكترونية تؤسس للحكم من خلال القانون وليس لحكم القانون.

ويضيف قطيشات أنه سيتقدم بطعن أمام المحكمة بعدم دستورية قانون الجرائم الإلكترونية، لأن النص لا يوفر مبدأ اليقين القانوني، لافتا إلى أن التنظيم لا يكون بتفريغ الحق الدستوري من مضمونه في نصوص قانون الجرائم الإلكترونية.

فيما أشارت كبير مستشاري حقوق الإنسان في المفوضية السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، كريستينا مينيكي، إلى أن "العصر الرقمي جلب معه فرصا وتحديات جديدة وهائلة تتعلق بحرية التعبير".

وفي بيان صادر عن المركز الوطني لحقوق الإنسان، يجدد التأكيد على توصيته البنيوية الواردة في تقاريره السنوية بضرورة مؤسسة نظام وطني فاعل من أجل التشريع، يهدف إلى تحقيق التواصل بين التشريع والمجتمع، ويرتكز على مجموعة من الأسس أبرزها الشراكة بين الأطراف ذات العلاقات كافة في إطار العملية التشريعية وكذلك تحليل الظواهر الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية في المجتمع.

 

أضف تعليقك