خلل العلاقة التعاقدية يوحد الجنوب على قواسم الفقر والجوع
اتحد مخزون الغضب والإحساس بالحرمان وغياب العدالة في التوزيع لدى أبناء محافظات الكرك والطفيلة ومعان ليشكل إطارا لحركة شعبية احتجاجية تطالب بإعادة النظر في واقع المحافظات الجنوبية التي سقطت ضحية للتهميش المبرمج من قبل الحكومات المتعاقبة.
وأرجع ناشطون ما تشهده محافظات الجنوب من حركات احتجاجية إلى تفشي الفقر والبطالة ما أفقدهم الإحساس بالعدالة، خاصة في ظل تنامي الحديث عن الفساد المستشري ونهب أموال الدولة.
المحافظات الثلاث التي اتحدت في تراجع الواقع التنموي وغياب المشاريع التشغيلية وتفشي الفقر والبطالة، كسرت في غمرة الاحتجاجات الشعبية التي تشهدها المملكة حاجز الصمت الذي سيطر عليها على مدار الفترة الماضية، واتحدت في حركة احتجاجية متناسقة عبرت عنها في المسيرات الموحدة التي تتم الدعوة لها في أيام الجمع تحت عنوان موحد من المناشدة إلى الاحتجاج.
الناشط في محافظة الطفيلة أحمد الجرابعة يصف حالة المحافظة "بالمأساة" ويقول "حرم أبناء الطفيلة من كل شيء" مشيرا إلى غياب المشاريع التي توفر فرص عمل للمواطنين، الأمر الذي يدفعهم للرحيل عن المحافظة بحثا عن عمل.
ويتابع " لعمان نت"، الطفيلة محافظة منسية ليس فقط في الخدمات، بل في التعيينات الرسمية، حيث يغيب أبناء المحافظة بحسبه، عن المناصب الحكومية والسياسية و الدبلوماسية.
المحافظة عبرت عن رفضها للسياسات الحكومية على طريقتها الخاصة عندما منع عدد من المواطنين رئيس الوزراء معروف البخيت من دخول مبنى المحافظة خلال زيارة قام بها في 16 أيار الماضي، وذلك احتجاجا منهم على النهج الحكومي المتبع حيال محافظتهم.
يقول الجرابعة الذي اعتقل على خلفية اعتراض موكب البخيت "الطفيلة لا تحتاج إلى زيارة بل تحتاج إلى حقوقها".
حملة الاعتقال التي أعقبت اعتراض موكب البخيت انتقلت بالسكان من مرحلة المطالبة الصامتة عبر المناشدات إلى الاحتجاج بالنزول إلى الشارع تحت شعارات "مكافحة الفساد والمفسدين" ومحاسبة من سرق أموال البلد" و " محاكمة خالد شاهين" وصولا إلى مطلب إسقاط الحكومة.
فقدان الأمل في الطفيلة وجد له صدى في الامتداد الطبيعي للمحافظة في قلب العاصمة عمان من خلال حي الطفايلة الذي تناغم في حركة الاحتجاجية مع حركة المحافظة ملتزما معها في التوقيت والشعارات.
حراك تلقفه شركاء الحالة في الكرك ومعان ليتشكل تحالف قوامه القاسم المشترك بين المحافظات الثلاثة والمتمثل بالأكثر فقرا بحسب الناشط في محافظة الكرك معاذ البطوش.
يقول البطوش "لعمان نت" لقد فقد سكان الجنوب الأمل في تحقيق الوعود التي قطعت لهم بخصوص مطالبهم، لاسيما وأن الحكومات المتعاقبة لم تقم بأي خطوة عملية على أرض الواقع لتحقيق تلك المطالبة، ما دفعهم للتحرك للتعبير عن حقوقهم.
ويضيف "لقد حولت السياسات الحكومية الجنوب إلى جيوب فقر وحرمان".
وحول ردود الأفعال المتوقعة من قبل الحكومة على حراك الجنوب قال البطوش "من الصعب على الحكومة أن تتعامل مع احتجاجات الجنوب كتعاملها مع الاحتجاجات التي شهدتها العاصمة" ويشرح، الجنوب قائم على تركيبة عشائرية ما يجعل من الصعب على الحكومة اتهامه بأنه ذو أجندات حزبية أو خارجية كما تعاملت مع الحراك الذي شهدته العاصمة، إضافة إلى أن العنوان البارز للحراك هو الجوع والفقر والحرمان وهي عناوين واضحة لا يمكن للحكومة إنكارها.
وأضاف ستجد الحكومة صعوبة في قمع أي احتجاجات مستقبلية في الجنوب في حال عدم تلبية مطالب أبنائه، معللا ذلك بان غالبية عناصر الأجهزة الأمنية من أبناء العشائر العارفين بأوضاع الجنوب.
وقال البطوش إن المطلوب من الحكومة معالجة الاختلالات التي خلفتها سياساتها المتعاقبة في المحافظات، والإسراع في تنفيذ الإصلاح السياسي والاجتماعي والاقتصادي الذي التزمت به بما يوافق تطلعات المجتمع الأردني.
خلل العقد الاجتماعي
وتعليقا على ما تشهده محافظات الجنوب، أكد الوزير والنائب السابق الدكتور عبد الله العكايلة على أن محافظات الجنوب هي الأكثر بطالة وفقرا على الرغم من الثروات التي تتمتع بها تلك المحافظات.
وقال "لعمان نت" ما يحدث تعبير طبيعي عن مخزون الغضب والحرمان من التنمية في محافظات الجنوب.
وقال العكايلة إن الفقر والحرمان تمثل محركات الاحتجاجات، والعنوان الذي التقت عليه محافظات الجنوب، وأكد على أن ما يشهده الشارع الأردني من حراك يقع في إطار الحراك الذي تشهده المنطقة ككل.
وتابع "الفقر والبطالة مضافا إليها غياب العدالة وسيطرة مجموعة من المتنفذين على مقاليد السلطة وتفشي الفساد والمحسوبية شكل حافزا أساسيا للحراك الشعبي الأردني".
وقال العكايلة أن العلاقة التعاقدية بين الدولة والمواطنين أصابها الخلل، حيث الأصل أن تقوم العلاقة على الموازنة بين حقوق الموطن والتزاماته، مشيرا إلى أن الحل لم تشهده الدولة يتمثل في إعادة صياغة العلاقة التعاقدية بما يكفل حقوق الموطنين.تحالف الجنوب امتد إلى حدود العاصمة عمان من خلال إعلان لواء ذيبان الذي يشهد مسيرات واحتجاجات متواصلة منذ حكومة سمير الرفاعي تنظيم مسيرات بالتنسيق مع حراك محافظات الجنوب.
وتحت شعار إسقاط الحكومة ومحاربة الفساد والفاسدين توسعت دائرة لتحالف، الذي يلتقي على قاسم " التهميش، الفقر و الجوع" كما يقول الناشط في لواء ذيبان محمد سنيد.