خبراء ينتقدون ضعف دور المجالس النيابية في متابعة قضايا الفساد

خبراء ينتقدون ضعف دور المجالس النيابية في متابعة قضايا الفساد
الرابط المختصر

حذر خبراء وحزبيون ونشطاء حقوقيون السبت من أن غياب الإرادة الحقيقية لمحاربة الفساد من شأنه أن يجعل المنظومة التشريعية والمؤسسية لمكافحة الفساد غير فاعلة، مؤكدين أن الفساد لا يقتصر على الجانب المالي وإنما هو شبكة متصلة يدور في إطارها الفساد الإداري والقانوني والسياسي والأخلاقي والاجتماعي .

وانتقد المشاركون في مائدة مستديرة  نظمها مركز القدس للدراسات السياسية  بعنوان "إضاءات على المنظومة المؤسسية والتشريعية لمحاربة الفساد في الأردن" ضعف دور مجلس النواب في متابعة قضايا الفساد ودعوا مجلس النواب وكافة الهيئات المسؤولة عن مكافحة الفساد للعمل الجاد لوضع حد لكافة أشكال الفساد نظرا لما يشكله من خطورة كبيرة على المجتمع .

وانتقدوا ربط هيئات مكافحة الفساد الرسمية مثل هيئة مكافحة الفساد برئيس الوزراء معتبرين أن من شأن ذلك  أن يؤثر على فاعلية واستقلالية الهيئة وإضعاف جهودها الرامية لمكافحة كافة أشكال الفساد.

 كما أكدوا على ضرورة تعزيز استقلالية القضاء ونزاهته، ليكون قادرا على التعامل مع قضايا الفساد وانتقدوا ما أسموه "الحماية المجتمعية" للفاسدين  مؤكدين على ضرورة تشديد العقوبات على الفاسدين، مشددين على دور الإعلام في الكشف عن ومتابعة قضايا الفساد.

وتحدث خلال اللقاء رئيس هيئة مكافحة الفساد سميح بينو، ورئيس منظمة "برلمانيون ضد الفساد – فرع الأردن" النائب د.ممدوح العبادي، وأدارها مدير مركز القدس عريب الرنتاوي، وتناول بينو تطور الأطر التشريعية والمؤسسية في الأردن الخاصة بمكافحة الفساد وصولا إلى المنظومة التشريعية الحالية والتي تشمل قانون العقوبات وقانون هيئة مكافحة الفساد وقانون مكافحة غسيل الأموال ومكافحة الإرهاب وقانون حق الحصول على المعلومات وقانون الجرائم الاقتصادية وقانون ديوان المظالم وقانون إشهار الذمة المالية.

وأوضح بينو أن تقرير المراجعة لمدى تنفيذ الأردن لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد الصادر عام 2009 أشار إلى أن الأردن يتمتع بمنظومة متطورة من التشريعات والمؤسسات لمكافحة الفساد، معتبرا أن هذه المنظومة التشريعية والمؤسسية تشكل حجر الزاوية في تعزيز مبادئ ومفاهيم النزاهة والشفافية والحاكمية الرشيدة في المؤسسات الوطنية وترسيخ الثقة بهذه  المؤسسات كاشفا النقاب عن إقرار الهيئة لمشروع قانون لحماية الشهود والمبلغين عن قضايا الفساد.

وعرض أبرز عناصر إستراتيجية مكافحة الفساد، وكشف عن تعامل الهيئة خلال العام الماضي 2010 مع 890 قضية  مقابل 834 قضية عام 2009  مشيرا إلى أنه تم إحالة القضايا التي ثبت بها وجود شبهات فساد مالية فيها إلى الجهات القضائية المختصة، موضحا أن ما نسبته 16% من هذه القضايا كانت تتعلق بالإخلال بواجبات الوظيفة والإحتيال بنسبة 15% والمصدقات الكاذبة بنسبة 11% واستثمار الوظيفة بنسبة 8% والاختلاس 4% والتزوير 4% .

وأوضح بينو أن هيئة مكافحة الفساد بدأت التحقيق الفعلي بشبهات الفساد في شركة موارد مشيرا إلى أنه وخلال الشهرين الماضيين كانت الهيئة تقوم بجمع المعلومات الخاصة بالقضية بعد أن تم شطب العديد من المعلومات عن أجهزة الكمبيوتر الخاصة بالشركة وقال نحن الآن نحقق مع بعض البنوك لكشف دورها في هذه القضية.

ورفض بينو الانتقادات التي وجهها المشاركون فيما يتعلق بعدم فاعلية عمل الهيئة وقال إن الهيئة تعمل وفق قانونها داعيا أية جهة سواء أكانت إعلامية أو برلمانية  تمتلك معلومات عن قضايا فساد أن تبلغ عنها الهيئة.

وقال إنه ينبغي أن تعطى الهيئة الفرصة كاملة خاصة وأنها تقوم حاليا ببناء علاقات الثقة مع مختلف المؤسسات مشيرا إلى دور المؤسسة في محاربة التعيينات التي تتم بالواسطة والمحسوبية وقال إن الهيئة تمارس هذا الأمر بشكل دائم خاصة في هيئات ومؤسسات التعليم العالي .

وشدد بينو على ضرورة توافر البينات والمعلومات حول أية قضية تدور حولها شبهات فساد وقال إذا لم تتوفر المعلومات  لدينا فلا يمكن للهيئة أن تقوم بملاحقة مجرد شبهات وفق ما ينص على ذلك قانونها .

فيما أكد النائب د.ممدوح العبادي أن عدم فاعلية المنظومة التشريعية والمؤسسية الخاصة بمكافحة الفساد يعود إلى غياب الإرادة الحقيقية لمكافحة الفساد  مشيرا في هذا الإطار إلى تراجع ترتيب الأردن في سلم الشفافية الدولية خلال السنوات الماضية، وأن مكافحة الفساد منظومة متكاملة تبدأ أولا بتوفر الإرادة ثم توفر المعلومات  والقضاء النزيه والتشريعات الفاعلة.

واستعرض العبادي الذي يشغل منصب نائب رئيس جمعية "برلمانيون عرب ضد الفساد" جهود المنظمة التي تأسست عام  2002 على مستوى عالمي على يد برلماني كندي، موضحا أن عملية مكافحة الفساد عملية صعبة ومحاربتها يحتاج إلى تكاتف معظم الجهود، متهما مجلس النواب الرابع عشر بالمسؤولية عن تقييد صلاحيات هيئة مكافحة الفساد عندما أصر أعضاء مجلس النواب على إلحاق الهيئة برئيس الوزراء .

كما أكد العبادي أن مجلس النواب ذاته هو المسؤول عن إخراج قانون هيئة مكافحة الفساد بصيغة ضعيفة، واستعرض بعض قضايا شبهات الفساد التي أحاطت بعمل بعض الشركات خلال السنوات الماضية اعتبر أن  الفساد  بكافة  أشكاله أخطر ما يهدد المجتمعات.

ووجه مشاركون تساؤلاتهم حول مصير العديد من القضايا التي رفعت لمجلس النواب السابق لمتابعتها كقضايا تحمل شبهات فساد والتي ورد بعضها في تقارير ديوان المحاسبة.

وطرح بعض المشاركون مصطلح الفساد السياسي معتبرين أنه أساس الفساد وأن قانون الانتخابات هو أهم مخرجات الفساد السياسي لأنه جاء بمجالس نيابية ضعيفة لم تقم بدورها الحقيقي والفاعل في متابعة قضايا الفساد.

وكان مدير مركز القدس عريب الرنتاوي قد قال في كلمة افتتح بها أعمال المائدة المستديرة إن موضوع الفساد مطروح دائما على بساط البحث مشيراً إلى أن الإجراءات المتخذة في هذا الإطار لا تتناسب مع ما يطرح من تساؤلات حول هذه القضية، مشددا على أهمية الشفافية في معالجة الفساد بكافة أشكاله مشيرا إلى أن البحث والتنقيب في ظاهرة الفساد أمر بالغ الأهمية