بعد انقضاء فترة الهدنة لمدة 7 أيام في قطاع غزة، لم تنجح القوانين الدولية في تحقيق استمرار الهدنة أو وقف شامل لاطلاق النار، حيث عادت قوات الاحتلال الإسرائيلي بمواصلة هجماتها على القطاع، مرتكبة مجازر، أودت بحياة المئات من الجرحى والشهداء من المدنيين.
رغم موافقة الاحتلال على تخصيص مناطق آمنة كبيرة في جنوب قطاع غزة، فبحسب مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية، يأتي هذا الاتفاق بعد ثلاث رحلات لوزير الخارجية أنتوني بلينكن إلى المنطقة ورحلة رابعة إلى إسرائيل منذ بداية عملية "طوفان الأقصى" في تشرين الأول الماضي.
ومع ذلك، لا يزال الاحتلال يستمر في تنفيذ غارات قوية في مناطق متفرقة من القطاع، مرتكبا مجزرة جديدة في مخيم جباليا شمال القطاع، أسفرت عن استشهاد أكثر من 100 فلسطيني، في المقابل، تواصل المقاومة الفلسطينية اشتباكات في محاور عدة، وأنها وجّهت ضربات صاروخية لمناطق إسرائيلية بينها، تل أبيب وأسدود وغلاف غزة، وذلك وفقا لتصريحات صادرة عنها.
القضاء على المقاومة هدف
أستاذ العلوم السياسية الدكتور بدر ماضي يقول إن استمرار الاحتلال الإسرائيلي في مواصلة الحرب بعد انقضاء الهدنة يشير إلى أن هذا السلوك الإجرامي للاحتلال لن يتوقف، وسيتسبب في قصف المزيد من المدنيين في القطاع، مع تدمير ممنهج في شمال القطاع وانتقال الأمور إلى الجنوب، واصفا الوضع بالسيئ، متوقعا تفاقم الأوضاع يوما بعد يوم .
من الناحية السياسية، يشدد ماضي على أن اسرائيل لا تلتفت إلى الضغوطات والتدخلات الدولية التي تدعو إلى وقف هذه الحرب، حيث يبرر الاحتلال سلوكه الهمجي تجاه القطاع بشكل يسيء استخدامه، هذه القناعة أوصلت العالم إلى مرحلة اليأس من مواصلة الضغط على إسرائيل، وأنه لم يعد أمام العالم أو الدول الكبرى سوى الرضوخ لما تقوم به إسرائيل أو تقبل الواقع الذي يفرضه الاحتلال، مشيرا إلى أن إسرائيل تفسر مطالب وقف الحرب على أنها تتعارض مع مصالحها.
ويؤكد أن إسرائيل حددت أهدافها في القطاع، حيث يكمن الهدف الرئيسي في القضاء على المقاومة من خلال تحطيم الكيان السياسي الذي يدعم هذه المقاومة.
كما أن هناك تغييرا في الفكر الاستراتيجي لدى قادة إسرائيل، حيث يتوقعون أن يكون هناك تضحية ضرورية، حتى لو استدعى الأمر قتل المعتقلين لدى حماس، وعلى الرغم من الضغوط الداخلية، يشير إلى أن إسرائيل قد تتجاهل هذه الضغوط وتتمسك بمسارها الحالي، بحسب ماضي.
القوانين الدولية عاجزة
منذ انطلاق الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة، يظهر بوضوح استغلالها لتجاوز الالتزام بالقوانين الدولية الإنسانية تتمثل هذه الاستراتيجية من خلال عرض أدلة غير مؤكدة، حيث يزعم فيها العثور على أسلحة وتجهيزات عسكرية داخل هذه المؤسسات، التي يدعي الجيش الإسرائيلي أنها تحولت إلى مقرات عسكرية للمقاومة الفلسطينية.
وحتى اليوم، تظل القوانين الدولية عاجزة عن التصدي للأحداث الجارية ووقف النزاع في قطاع غزة، مع استمرار استهداف المدنيين والأماكن الآمنة في القطاع، دون أي تحرك فعال من قبل هذه القوانين.
متخصص في القانون الجزائي الدكتور أشرف الراعي يؤكد أن هشاشة وضعف قواعد القانون الدولي في التعامل مع حالات النزاع المسلح فاقمت الحرب على غزة، فلا يوجد ما يلزم هذه الجهات المتنازعة على ان يكون هناك هدنة طويلة الأمد، مما يؤدي إلى حدوث انعكاسات سلبية تؤثر بشكل رئيسي على السكان المدنيين، وذلك بمخالفة القوانين الدولية التي تنص على ضرورة حمايتهم في حالات الحرب.
على الرغم من أن الهدنة قد اعلنت وتم تمديدها عدة مرات، إلا أن الواقع يظهر عدم تأكيد المجتمع الدولي على استمرار مثل هذه الهدن لفترة أطول، على الاقل كانت ستساهم في دخول المساعدات الإغاثية والإنسانية إلى القطاع، نظرا للظروف الانسانية الصعبة التي يمر بها الناس، بحسب الراعي.
من أبرز الخروقات للقوانين الدولية هدم المنازل وقتل المدنيين، واقتحام المستشفيات وأماكن العبادة، واختراق الهدنة الإنسانية، وهي جميعها مخالفات لقواعد القوانين الدولية.
يمكن أن تكون الهدنة، وفقا للمادة 37، إما شاملة أو محلية، حيث تعلق عمليات الحرب في كل مكان بالنسبة للدول المتحاربة، أما الهدنة المحلية وتقتصر على بعض أجزاء الجيوش وضمن نطاق محدد، أما المادة 38 فيجب إخطار السلطات المختصة والجيوش رسميًا وفي الوقت المناسب باتفاقية الهدنة، وتتوقف العمليات العدائية فور استلام الإخطار أو في الأجل المحدد.
ويقول الراعي أنه رغم تقديم عدد كبير من المحامين دعاوى ضد الاحتلال الإسرائيلي بسبب الحرب على غزة، إلا أن العملية تستغرق وقتا طويلا جدا، فهناك دعاوى تم رفعها منذ عشر سنوات ولا تزال المحكمة الجنائية الدولية تحقق فيها، مما يعتبر غير منطقي، متوقعا أن يؤدي عدم تفعيل القوانين الدولية لردع هذه الحروب، واستمرار الأزمة، إلى انفجار كبير، مع تفاقم المأساة الإنسانية والتحديات البيئية.
وحذر الملك عبد الله الثاني، من تداعيات استمرار الحرب في قطاع غزة على السلم والأمن الدوليين، لافتا إلى أنها سيؤدي لمزيد من العنف وجر المنطقة إلى كارثة، سيدفع الجميع ثمنها، جاء ذلك خلال لقائه نائبة الرئيس الأمريكي كاملا هاريس، على هامش مؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المُتحدة الإطارية لتغير المناخ.