خبراء : غياب زيادات الرواتب في موازنة 2026 يفاقم الضغوط الاقتصادية ويهدد القدرة الشرائية

الرابط المختصر

أثار بلاغ مشروع قانون الموازنة العامة لعام 2025، الذي أُعلن فيه عدم وجود أي زيادة على رواتب الموظفين والمتقاعدين المدنيين والعسكريين، باستثناء الزيادة السنوية الطبيعية، موجة استياء واسعة في الشارع الأردني. 

ويعتبر المواطنون هذا الإجراء غير منصف، خاصة في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية وارتفاع الأسعار بشكل ملموس خلال السنوات الأخيرة بينما لم تلحق الرواتب بالتغيرات الاقتصادية.

بلغ معدل التضخم للأشهر التسعة الأولى من 2025 نحو 1.85%، وتراكم التضخم خلال الأربع أو الخمس سنوات الماضية تجاوز 10%، وفق بيانات رسمية.

وفي هذا السياق، أصدر رئيس الوزراء، الدكتور جعفر حسان، البلاغ رقم 14 لسنة 2026 لإعداد مشروع قانون الموازنة العامة للسنة المالية 2026، إلى جانب مشروع نظام تشكيلات الوزارات والدوائر والوحدات الحكومية، في خطوة وصفها خبراء بأنها تمهيدية لمراجعة السياسات المالية في ظل الضغوط الاقتصادية على المواطنين.

 

مطالب نيابية بزيادة الرواتب

وطالب عدد من أعضاء مجلس النواب الحكومة بإدراج بند واضح في مشروع قانون الموازنة لعام 2026 ينص على زيادة رواتب العاملين في القطاع العام والمتقاعدين العسكريين والمدنيين، معتبرين هذه الخطوة ضرورة وطنية في ظل تراجع القوة الشرائية للمواطنين.

ويوضح  النائب سالم العمري أن مذكرة نيابية وقع عليها عدد من النواب تهدف إلى تضمين زيادة الرواتب في الموازنة المقبلة، مشيرا إلى أن آخر زيادة فعلية على الرواتب كانت في عامي 2010 و2011.

 ويضيف أن ارتفاع أسعار المواد التموينية الأساسية، بما في ذلك الزيوت والحبوب والأرز، بالإضافة إلى آثار جائحة كورونا ورفع الفائدة الأمريكية، أثقلت كاهل المواطنين، مضيفا أن الحرب في قطاع غزة زادت من الضغوط الاقتصادية على الأسر الأردنية.

وتظهر بيانات وزارة العمل أن الحد الأدنى للأجور ارتفع إلى  290  دينارا شهريا لعام 2025 مقابل 260 دينارا عام 2024، ما يعكس جزءاً بسيطاً من ارتفاع تكاليف المعيشة.

 

 

من جانبه يشير  المحلل الاقتصادي والاجتماعي حسام عايش إلى أن ما يمكن توقعه في موازنة 2026، حتى بدون المناشدات النيابية، هو إدراج الحكومة زيادة تعد طبيعية على الرواتب والأجور، ضمن النفقات الجارية، مضيفا أن الإشكالية تكمن في حجم الزيادة التي يطالب بها النواب، والتي تتطلب وجود مصدر مالي أصلي لها، ويكمن هذا المصدر في زيادة الإيرادات المحلية، وبالأخص الإيرادات المتبقية بعد الوفاء بالالتزامات المتعلقة بخدمة الدين وفوائده، مؤكدا أن أي زيادة في هذا الحيز المالي ستنعكس بشكل مباشر على العاملين في القطاع العام، وأيضا على القطاع الخاص وبقية القطاعات الاقتصادية.

ويوضح  أن المشكلة الأساسية تتعلق بمعدلات النمو الاقتصادي، التي لا تزال أقل من المستهدف، حيث إن كل دينار زيادة في الإيرادات يقابله ضعفها تقريبا في النقاط العامة خلال الأشهر التسعة الأولى من هذا العام، ما يشير إلى أن الأداء الاقتصادي لم يتم ضبطه بعد بشكل متوازن وبالتالي، فإن أي زيادات في الرواتب قد تتجاوز ما تعتبره الحكومة مناسبا للحفاظ على الاستدامة المالية، رغم حق العاملين والمتقاعدين والمواطنين في تحسين أوضاعهم المعيشية لمواجهة الارتفاع المستمر في الأسعار، وتحسين جودة حياتهم، بما يتماشى مع رؤية التحديث الاقتصادي.

ويؤكد عايش أن الحكومة تواجه تحديا في إمكانية رفع الرواتب دون الإضرار بالاستدامة المالية، مشيرا إلى أن بند الرواتب والأجور والتقاعد يشكل حوالي 60% من إجمالي النفقات في الموازنة، حيث خصصت موازنة 2025 نحو 6.6 مليار دينار لهذا البند، منها نحو 550 مليون دينار للرواتب والتقاعد، مشيرا إلى أن الزيادات في الموازنات السابقة كانت تتراوح بين 2 إلى 3% سنويا ضمن النفقات الجارية، وإن كانت متواضعة لكنها مستمرة، موضحا أن أي زيادة أكبر من ذلك تتطلب وجود مصادر مالية جديدة، مثل زيادة الإيرادات المحلية بعد الوفاء بالالتزامات المتعلقة بخدمة الدين العام، أو ضبط النفقات العامة وتحسين معدلات النمو الاقتصادي التي لا تزال أقل من المستهدف.

 

 

 

 

انعكاسات غياب الزيادة

يحذر عايش من أن أي زيادة مباشرة في الرواتب قد تدفع التضخم للأعلى، لكنه شدد على ضرورة رفع الرواتب لتعويض المواطنين عن تآكل الدخل، حيث بلغ معدل التضخم للأشهر التسعة الأولى من 2025 نحو 1.85%، بينما تراكم التضخم على مدى الأربع أو الخمس سنوات الماضية تجاوز 10%، مضيفا أن زيادة الرواتب بنسبة 5% على الأقل سنويا، أي ما يعادل نحو 300 مليون دينار إضافية لعام 2026، ضرورية لتعويض المواطنين، مع التأكيد على توزيع الزيادة تصاعديا لصالح أصحاب الرواتب الأقل لضمان أثر اقتصادي واجتماعي ملموس.

كما يرى الخبير الاقتصادي في جامعة اليرموك الدكتور قاسم الحموري من أن غياب أي زيادات على رواتب الموظفين والعسكريين والمتقاعدين في الموازنة المقبلة قد يضعف القدرة الشرائية للأسر ويؤدي إلى ركود الأسواق، خاصة في ظل ضعف الطلب المحلي وإغلاق عدد من المحال التجارية. 

ويشير إلى أن رفع الرواتب بشكل مدروس قد يعزز النمو الاقتصادي والإيرادات الضريبية، في حين أن تجاهل ذلك يحد من أثر السياسات التحفيزية والاجتماعية على الاقتصاد الأردني.

هذا وتظهر بيانات رسمية أن الإيرادات العامة المقررة لعام 2025 تبلغ نحو 10.2 مليار دينار، وهو مستوى يقل قليلا عن الإيرادات المقدرة لعام 2024.