خبراء :غياب الخدمات الصحية أحد العوامل التي قد تدفع إلى الجريمة

الرابط المختصر

لا يكاد يمر يوما إلا و تطالعنا الصحف الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي، على وقوع جرائم قتل أسرية أو خارج نطاق الأسرة، الأمر الذي بات يخلق حالة من القلق والتوتر لدى أفراد المجتمع، تدفعهم إلى المطالبة بالوقوف عند أسباب وقوع هذه الحوادث وتكرارها.

خبراء في الشأن الاجتماعي يعتبرون أن معدلات وقوع الجريمة في المملكة لم ترتفع، وإنما تداول أخبار الجريمة، عبر الوسائل الالكترونية المختلفة، توحي بارتفاع نسب وقوع الجريمة.

ويسجل المعدل الزمني لارتكاب الجريمة في الأردن  واحدة لكل 25 دقيقة وثانيتين خلال العام الماضي، مقابل 23 دقيقة و45 ثانية في العام 2020، ما يشير الى انخفاض الجرائم الجنائية والجنحوية العام الماضي، ومن بينها قضايا السرقات، بحسب احصاءات مديرية الامن العام.

واستنادا إلى ذات التقرير ، بلغت أعداد الجرائم الواقعة في المملكة العام الماضي 20991 جريمة، بينما كانت في العام الذي سبقه 22187 جريمة، أي بفارق 1196 جريمة.

وعلى صعيد الجرائم الجنائية التي حدثت داخل المملكة، بلغت العام الماضي 5237 جريمة، تنوعت بين القتل العمد والقتل القصد والضرب المفضي الى الموت والشروع بالقتل.

الأخصائية الاجتماعية، رشا ضمرة، تقول أن هناك  العديد من العوامل تلعب دورا في حدوث الجريمة، منها ما يتعلق بالمنظومة الاخلاقية، وتراجع مفهوم الأسرة، وعدم التسامح والضغوطات النفسية والاقتصادية.

ومن العوامل الأخرى لوقوع الجريمة بحسب اختصاصي الطب النفسي الدكتور نائل العدوان، ضعف الوازع الديني، وعدم الترابط الأسري، ووجود التشريعات غير الرادعة، بالاضافة إلى الإدمان الذي قد يدفع بعض الأشخاص الى ارتكاب الجريمة دون وعي.

وتوضح ضمرة أن العنف المجتمعي يبدأ من النشأة داخل الأسرة، مشيرة إلى ضرورة إعداد برامج تساهم برفع نسب الوعي في العملية التربوية لإنشاء أجيال تتمتع بصحة نفسية سليمة، قبل الاندماج بالمجتمع .

كما أن تداول الأخبار حول الجرائم التي تقع بالمملكة، عبر وسائل الإعلام المختلفة ومواقع التواصل الاجتماعية، تعطي انطباعا، بارتفاع نسب وقوع الجريمة في المجتمع، وقد يشجع هذا الأمر بعض الأشخاص المصابين بأمراض نفسية الإقبال على فعل الجريمة، بحسب ضمرة .

ويفضل العدوان عدم تداول الأخبار والفيديوهات المصورة التي تتضمن الجرائم، والاكتفاء بذكر الخبر دون تفاصيل، كي لا يتأثر بذلك الأشخاص الذين لديهم القابلية لارتكاب الجرائم بسبب عوامل عديدة.

رغم توصيات منظمة الصحة العالمية بإنشاء مديرية للوقاية من العنف والإصابات منذ عدة سنوات، بحيث تكون متخصصة ومن مسؤوليات وزارة الصحة، إلا أنه لم يتم تحقيق ذلك حتى الآن.

ويوضح مستشار الطب الشرعي الخبير في حقوق الإنسان ومواجهة العنف الدكتور هاني جهشان "بأنه لا يوجد جهة حكومية تقدم الرعاية الطبية النفسية، للأشخاص المصابين بالأمراض والاضطرابات النفسية والإدمان، من خلال توفير الخدمات العلاجية والتأهيلية، بالإضافة الى تطوير التشريعات المتعلقة بالطب النفسي، بحيث يشمل الأطفال الأقل من 18 عاما".

كما أن هناك تشتت ببرامج الوقاية الأولية من العنف والإدمان وبرامج التوعية الوالدية، وغياب تعميمها على جميع المراكز الصحية بالمملكة، وفوضى في خدمات الكشف المبكر عن العنف الأسري وخدمات الاستجابة العاجلة للحالات وضعف خدمات الطب النفسي والعلاج السلوكي في مراكز الإصلاح بحسب جهشان.

خبراء في مجال الصحة النفسية يرجعون غياب المتابعة وخدمات الصحة من أحد العوامل التي قد تدفع الى وقوع الجريمة خاصة داخل الأسرة الواحدة.

ويؤكد اختصاصي الطب النفسي الدكتور نائل العدوان أن بعض الأمراض النفسية تساهم بجزء من وقوع الجريمة، و لكن الدراسات تبين أن نسبة وقوع الجريمة من قبل الأشخاص الذين يعانون من الأمراض النفسية، لا تتعدى النسبة الموجودة في المجتمعات المختلفة.

هذا وتظهر أرقام منظمة الصحة العالمية، وجود طبيب نفسي واحد لكل 200 ألف نسمة، فيما تكشف أرقام المركز الوطني للصحة النفسية وجود 95 أخصائي طب نفسي في القطاعين العام والخاص، منهم 44 في القطاع الخاص، و35 في المركز الوطني، و12 في الخدمات الطبية الملكية والباقي في المستشفيات الجامعية.