خبراء دوليون: هذه دوافع الاستهداف الممنهج للاحتلال لمنطقة الأغوار وأمامنا فرصة لمواجهته

الرابط المختصر

شدد المشاركون في الندوة الالكترونية تحت عنوان "المخطط الاستعماري للاستيلاء على سلة الغذاء الفلسطيني"، على أن الظروف الراهنة التي يمر بها العالم تتيح فرصاً لبلورة عمل مشترك من أجل الدفاع عن القضية الفلسطينية، ومواجهة الأخطار التي تتطلع إلى تصفيتها، وآخرها المحاولات الإسرائيلية المتواصلة لتمرير قرار "ضم الأغوار"، مطالبين الحكومات العربية بالتوقف عن الهرولة تجاه التطبيع مع الاحتلال، والتحلل من اتفاقيات أوسلو ووادي عربة، واللجوء إلى تطبيق مبدأ السيادة على الغذاء كسبيل مهم لتحقيق السيادة على الأراضي والحفاظ عليها، كما دعوا الفصائل الفلسطينية إلى نبذ التناحر والإسراع الوحدة فيما بينهم استعداداً لمواجهة المخططات الاستعمارية.

 

وشارك عدد من النخب والخبراء الفلسطينيين والأجانب في (ويبينار) عبر تقنية زووم من تنظيم العربية لحماية الطبيعة والشبكة العربية للسيادة على الغذاء بالتعاون مع التحالف العالمي للسيادة على الغذاء، عصر الجمعة (10 تموز\يوليو 2020)، للبحث في أسباب ودوافع الاستهداف الممنهج للاحتلال لمنطقة الأغوار، وتداعيات الضم وسبل مواجهته محلياً وإقليمياً وعالمياً.

 

واستهلت رزان زعيتر، المنسق العام للـ"العربية" ورئيسة "الشبكة"، حديثها في بداية الندوة بالإشارة إلى بيان صدر عن 47 خبيراً بمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وجهوا خلاله رسالة للعالم تبين أن "قرار الضم" انتهاك خطير للأمم المتحدة، وأن الاحتلال مصدر لانتهاكات عميقة لحقوق الإنسان ضد الشعب الفلسطيني، ومن هذه الانتهاكات مصادرة الأراضي والمواد الطبيعية وهدم المنازل والنقل القسري للسكان، والاستخدام المفرط للعنف والتعذيب، والتسمم بالتعرض للنفايات السامة، وانعدام الأمن الغذائي، والكثير من الانتهاكات، كما حذر البيان من أن إعلان الضم سيجعل مناطق الضفة الغربية جزراً منفصلة ومعزولة عن محيطها الإقليمي، لافتين إلى أن ذلك يعدّ فصلاً عنصرياً بأسوء صوره.

 

وأكدت زعيتر التي أدارت الندوة على ما جاء من مطالبات في البيان من ضرورة عدم الاكتفاء بالإدانة المجردة، بل فرض عقوبات على الكيان الإسرائيلي، ودعوة المجتمع المدني إلى تحمل مسؤولياته القانونية والسياسية والرسمية للدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني، ومطالبة الدول بعدم مساعدة أي تحرك للضم، وأي نشاط غير مشروع مثل الاستيطان، ومطالبة الأمم المتحدة بإنهاء "الإفلات من العقوبات"، كما دعت زعيتر إلى استعمال كافة أشكال المقاومة المتاحة ومنها المقاطعة والمقاوم الخضراء لدعم الزراعة لمواجهة انتهاكات وجرائم الاحتلال.

 

بدوره تحدث فتحي خضيرات، الخبير في شؤون الأغوار، ومنسق حملة "أنقذوا الأغوار"، عن الأهمية الاستراتيجية لهذه المنطقة، بصفتها بقعة عالمية وبوابة فلسطين الشرقية، مستعرضاً مزاياها المتعددة لا سيما من النواحي البيئية والزراعية، حيث تعد الأغوار الفلسطينية أكبر مكان في الكون يمكن أن ينتج المحاصيل المتنوعة في العالم في الشهر الأول من كل عام، محذراً من أن ما يعرف بالضم سيحرم أهل الأغوار من استثمار خيرات بلادهم، ويحقق آخر خطوة في مسلسل التدمير الممنهج لمصادر الرزق .

 

إلى جانب ذلك، سلط خضيرات -وهو من مواليد الأغوار- الضوء على تاريخ الاهتمام الإسرائيلي بالأغوار لما تكتنز من ثروات بيئية وطبيعية فريدة، منوهاً إلى أن الشركات الإسرائيلية تعتبر الأغوار حقل تجارب مجانياً في مختلف القطاعات الكيماوية والصناعية، كما بيّن قائمة من الإجراءات التعسفية والانتهاكات التي يقوم به الكيان المحتل بحق أراضي الأغوار وسكانها منذ أزيد من 100 عام، لافتاً إلى الأساليب التي تنتهجها الإدارات الإسرائيلية والنخبة السياسية على المستوى العالمي، من أجل شرعنة خططها المخالفة لكافة المواثيق والشرائع الدولية، والساعية إلى سرقة الأرض وتهجير سكانها.

 

وطالب خضيرات بضرورة إنشاء ودعم المشاريع التي تعزز صمود سكان الأغوار، كما نادى بمحاربة الفساد ورفع الضريبة التي تفرضها السلطة الفلسطينية على المزارعين، مشيراً إلى الاحتلال يعمد إلى تقديم التسهيلات للمستوطنين من أجل دفعهم للاستثمار الزراعي.

 

من جهته أكد عبد الغني حمدان، مدير الإغاثة الزراعية، والخبير المعتمد لدى المنظمة العربية للتنمية الزراعية التابعة للجامعة العربية أن السيادة الغذائية لن تتحقق دون توفر إدارة وتحكم بالأرض والمياه، والسيطرة على الموارد الطبيعية والحيوية، مشدداً على أهمية القيام بمبادرات في منطقة الأغوار وفرض أمر واقع قبل فوات الأوان، لافتاً إلى أن ثمة دراسة تجرى لتحديد احتياجات مزارعي الأغوار ودعم صمودهم، مضيفاً "يجب أن نقلل من الحديث ونكثر من العمل".

 

وعرض حمدان مجموعة من الأرقام الخطيرة حول نتائج وتأثير ضم الأغوار على الاقتصاد والأمن الغذائي الفلسطيني، حيث ستشكل نسبة انعدام الأمن الغذائي للشعب الفلسطيني ما يقارب ٦٠٪ إذا نفّذ قرار الضم، كما تقدر الخسارة الاقتصادية التي تكبد الاقتصاد الفلسطيني سنوياً بسبب السيطرة الإسرائيلية على الموارد حوالي ٣.٥ مليار دولار، وسيحرم الضم وفق "حمدان" الشعب الفلسطيني من نحو مليون دونم قابلة للزراعة المروية، كما سيخسر ٢٥٪ من إجمالي المواشي في الضفة، بالإضافة إلى حرمان الفلسطينيين من ٨٨٪ من مساحة المحميات الطبيعية والغابات إذا ما مرّ قرار الضم.

 

 

إلى ذلك، قال مالكوم جاي، نائب رئيس الرابطة الدولية لكفاح الشعوب (ILPS)، إن الإمبريالية التي تقودها الولايات المتحدة تزيد من هجومها على مستوى العالم، وما إقدام النظام الصهيوني الإسرائيلي على تنفيذ خطته الأخيرة لضم الأغوار سوى مثال صارخ على ذلك، لافتاً إلى أن جائحة كورونا كشفت عن الطبيعة العدوانية للإمبريالية والأنظمة الرجعية، مشدداً على أن “الضم” محاولة لتوفير غطاء قانوني للاستعمار المستمر وسرقة الأراضي والتطهير العرقي للفلسطينيين.

 

وبين مالكوم أن الرابطة (ILPS) التي تتواجد الآن في أكثر من 40 دولة وإقليماً ومع أكثر من 400 منظمة جماعية كأعضاء، ستستخدم قوتها مجتمعة من مئات الآلاف من العمال والفلاحين والطلاب والنساء والمدرسين والشعوب والنشطاء للدفع بإنهاء الضم والاحتلال، كما ستسعى إلى توعية العالم بمحاولة الكيان المحتل الاستيلاء على سلة الغذاء الخصبة للفلسطينيين.

 

أما ضيف الويبينار ماندلا مانديلا، حفيد المناضل نيلسون مانديلا، فقد عبر عن استيائه من الواقع المؤلم، قائلاً إن كل حجر أصبح منزلاً للمستوطنين، وكل شجرة زيتون اقتلعت من الأغوار، وكل قطرة ماء جرى حرمان شفاه الأطفال الفلسطينيين الجافة منها، وكل بئر باتت مليئة بالركام لمحو إمكانية الحياة والمعيشة.

 

ودعا مانديلا إلى بناء شبكة تضامن عالمية في مواجهة مخطط الضم الإسرائيلي قائلا: "إننا نعيش على أمل يكبر يوما بعد يوم، كالشتلة في الأرض، بأننا سوف نخرج من الظلمة ونحيّي بعضنا البعض ذات يوم في فلسطين الحرة".

 

وأضاف مانديلا أن المستعمرين يملكون القوة العسكرية، ودعم الولايات المتحدة الأمريكية وأصدقائها في الشرق والغرب، لكن لدى أصحاب القضية والأرض ثقل العدالة وشبكة عالمية من التضامن الإنساني وأمل لا يتزعزع في المستقبل، لافتاً إلى قصة الكفاح الناجحة لنيل العدالة في جنوب إفريقيا، بصفتها شبيهة إلى حد كبير في نظر مانديلا بالقضية الفلسطينية.

 

وحذر مانديلا بالقول إن المستعمرين وضعوا أنظارهم على غور الأردن، وغداً سيكون الأردن ولبنان وسوريا وربما بلاد أخرى أيضاً تحت التهديد، مشدداً على أن الجميع ينبغي أن يستجيبوا سريعاً لمواجهة المخطط الكبير لترامب ونتنياهو في ما أسماها "خدعة القرن"، مؤكداً أن الخطة لن تكتفي باستعمار سلة الخبز الفلسطينية، فهدفهم النهائي هو القضاء على فكرة فلسطين من الوجود.

 

واختتمت سيلفيا ملاريا، الرئيس المشارك في التحالف العالمي للسيادة على الغذاء الندوة بالتأكيد على الفرصة المتاحة للعمل المشترك من أجل وضع خطط عملية لمواجهة قرار الضم، والعمل صوب تحرير فلسطين من النهر إلى البحر.