خبراء : تفاقم الفقر دون تنفيذ استراتيجيات للتعافي يثير القلق
يتفق خبراء في المجال الاقتصادي والاجتماعي على أن ارتفاع معدلات الجريمة والانتحار في المجتمع يعود إلى تفاقم الأوضاع الاقتصادية وزيادة معدلات الفقر خلال السنوات الأخيرة، في وقت تشير فيه العديد من الدراسات والتقارير الدولية إلى هذا الأمر، بما في ذلك تصنيف الأردن في المرتبة العاشرة عربيا في مؤشر الفقر الذي يشمل 97 دولة حول العالم.
فيما قدر تقرير "أطلس أهداف التنمية المستدامة للعام 2023"، عدد الفقراء في الأردن بحوالي 3.980 مليون شخص، وهو ما يمثل نحو 35% من السكان، ويعتمد هذا التقدير على خط الفقر الوطني المحدد لكل دولة في العالم، حيث يبلغ 7.9 دولارات في اليوم للفرد الواحد في الأردن.
وفي تصريحات سابقة لنائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية ناصر الشريدة، يشير إلى أنه تم تحديد معدل الفقر في الأردن بنسبة 24% لعام 2021.
كما أعلن الشريدة أن التقرير النهائي حول معدلات الفقر سيصدر خلال الثلث الأول من هذا العام، بعد اكتمال فرق العمل الميداني لدائرة الإحصاءات العامة في جمع بيانات المسح المتعلقة بنفقات ودخل الأسر.
مؤشرات الفقر مقلقة
أستاذ علم الاجتماع مدير مركز الثرية للدراسات الدكتور محمد الجريبيع يعبر عن قلقه إزاء هذه الأرقام المخيبة، ويشير إلى أن هذه التقارير تعكس واقعا مؤلما يواجه الأردنيين، حيث يعانون من تفاقم الفقر وتراجع الأوضاع المعيشية على مدار السنوات.
ويوضح الجريبيع أن الملاحظات اليومية التي نشاهدها في المجتمع من خلال التفاعل المباشر مع المواطنين تدل على تفاقم الفقر، وهذا يتم تأكيده بواسطة العديد من الدراسات التي تشير إلى زيادة معدلات الفقر، وهذا يؤثر بشكل مباشر على الأفراد والاستقرار الأمني والسلم في المجتمع.
ويعاني المجتمع من زيادة ملحوظة في جرائم الاحتيال والأموال، وهذه الجرائم تعتبر من بين الجرائم ذات أعلى معدلات ارتفاع خلال السنتين الماضيتين، ويرجع خبراء اجتماعيون هذا التصاعد إلى تدهور الاقتصاد وارتفاع معدلات الفقر والبطالة، مما يؤدي إلى تدهور الظروف المعيشية للناس وربما يدفع البعض إلى ارتكاب الجريمة.
ووفقا للتقرير الذي نشرته المديرية على موقعها الإلكتروني، فإن جرائم الأموال تصدرت الساحة بواقع 15395 جريمة، وبلغ عدد الجرائم المرتكبة في عام 2022 حوالي 22895 جريمة مقارنةً بـ 20991 جريمة في عام 2021، بمعدل ارتكاب جريمة واحدة كل 22 دقيقة و57 ثانية، وبلغت نسبة اكتشاف الجرائم 92.89%.
وبين ذات التقرير ارتكاب جرائم الأموال بشكل رئيسي 15395 جريمة في العام الماضي، وتوزعت هذه الجرائم في العام الماضي إلى 7773 جريمة سرقة جنحية، ثم 4060 جريمة احتيال، و2826 جريمة سرقة جنائية، و422 جريمة سرقة سيارات، و314 جريمة شروع، وتلتها الجرائم التي تستهدف الإدارة العامة بواقع 2285 جريمة.
Radio Al-Balad 92.5 راديو البلد · مدير مركز الثرية للدراسات يوضح العوامل التي أدت إلى تصنيف الأردن كعاشر أفقر دولة عربية
الأسباب والحلول
يرجع تفاقم الأوضاع الاقتصادية، وفقا لوزير المالية الأسبق محمد أبو حمور، إلى تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية وجائحة كورونا، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الفائدة على المقترضين واستقرار الدخول. تأثر الأردن وبقية العالم بهذا الارتفاع، مما أدى إلى زيادة الأسعار، وخاصة في المواد الغذائية والنفط، وتضررت مستويات المعيشة للمواطنين وأولوياتهم.
يعتقد أبو حمور أن تحسين الظروف الاقتصادية والمستوى المعيشي لا يمكن تحقيقه إلا من خلال تحقيق نمو اقتصادي يتفوق على معدلات النمو السكاني بأضعاف، حتى يشعر المواطنون بالتغيير.
وفيما يتعلق بمشكلة الفقر، يشير الجريبيع إلى أن دراسات الفقر ما زالت قائمة ومستمرة، ولكن الحكومة لا تعلن عنها، ربما لعدم إقرار فشل سياساتها في معالجة الفقر.
وفي ظل تفاقم هذه النسب، يدعو إلى ضرورة تنفيذ استراتيجيات للتعافي ومعالجة هذه المشكلة، مع مراعاة الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بالإضافة إلى ذلك، يجب تخصيص ميزانية لتحقيق الحماية الاجتماعية، وأن يكون هناك قدرة لتطبيق ما هو مكتوب على الورق بشكل واقعي.
ووفقا لإحصائيات رسمية من المجلس الأعلى للسكان، يعيش أكثر من 15.7% من سكان المملكة تحت خط الفقر، ووصلت معدلات البطالة إلى 52%، فيما بلغ معدل النمو السكاني 2.4% حتى نهاية العام الماضي.